النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول كما في < الصحيحين > من حديث أبي هريرة : " ما أذن الله لأحد ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن " .
ويقول كما في < سنن أبي داود > من حديث سعد بن أبي وقاص : " من لم يتغنَ بالقرأن فليس منا " .
وجاء في < صحيح البخاري > : " ليس منا من لم يتغنَ بالقرآن " أو بهذا المعنى ، لكنني لم استدل بحديث البخاري لأنه من الأحاديث المنتقدة التي انتقدها الدارقطني وتم الانتقاد .
والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - سمع سالم مولى أبي حذيفة يقرأ فأعجبته قراءته فقال : " الحمد لله الذي جعل في أمتي مثله " .
وسمع أبا موسى الأشعري وهو يقرأ في الليل فوقف يستمع وقال : " لقد أوتي أبو موسة مزماراً من مزامير آل داود " ، فلما أصبح قال : " يا أبا موسى لو رايتني وأنا أستمع لقراءتك " ، فقال أبو موسى : لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيراً ، أي زينته لك تزيناً .
فترتيل القرآن أمرٌ مطلوب ، ويثاب عليه الشخص ، أما تنطع كير من أهل التجويد فهو يشغل عن تدبر القرآن ، وهكذا أيضاً قول الجزري :
والأخذ بالتجويد حتم لازم ***** من لم يجود القرآن آثم
لأنه به الإله أنزلا ***** وهكذا منه إلينا وصلَ
هذا أيضاً ليس بصحيح أنه يأثم لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأه ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران " شا هدنا من الحديث : وهو يتتعتع فيه ، وهو عليه شاق ، هذا أمرٌ .
وقد ذكر ابن الجوزي في < تلبيس أبليس > ، وابن القيم الجوزية في < إغاثة اللهفان > ذكرا أن الاشتغال بمخارج الحروف يلهي عن التدبر ، ونحن مأمورون بالتدبر " أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا " [ محمد : 24 ] .
وذكر ابن القيم أنه ربما اختلف الشخص إلى آخر قدر أربعين يوماً في فاتحة القرآن ، وذكر التكلف ، وانتفاح الأوداج إلى غير ذلكم من ذلكم التكلف الذي ما أنزل الله به من سلطان .
وقد كره الإمام أحمد وغير واحد كرهوا قراءة حمزة وكانوا ينهون المصلين عن أن يقرؤوا بقراءة حمزة لما فيها من المد والإدغام المتجاوز للحد .
فالحق أن التجويد وتحسين الصوت مطلوبان في حدود ، أما التجاوز للحد فهو مكروه عند أهل العلم كقراءة عبدالباسط في بعض أشرطته ، وهكذا أيضاً التلهي بمخارج الخروف يشغل عن تدبر القرآن .
وأنصح بقراءة < إغاثة اللهفان > ، وبمراجعة < تلبيس إبليس > ، وأُخبرت أن الإمام الذهبي رحمه الله تعالى ذكر نحو هذا في < الموقظة > أي أن التكلف بمخارج الخروف وفي الإدغامات يشغل عن تدبر القرآن والله أعلم .