أما الاستهزاء بالمتمسكين : إن كان الاستهزاء بذات الشخص نفسه لعيب فيه أو لنقص هذا محرم لا يجوز ، لكن إن كان الاستهزاء بالدين فهو يعتبر كفراً ،" قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ " [ التوبة 65-66 ] .
فاذا كان هكذا الاستهزاء بالشخص المسلم ؛ فربّ العزة يقول في كتابه الكريم: " يأَأيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " [ الحجرات11 ] .
و ينبغي أن تحمد الله سبحانه و تعالى إذا رأيت أولئك الممسوخين يستهزؤن بك ، فإنها سنة قديمة ، سنة قديمة ؛ فالله سبحانه و تعالى يقول في شأن الكفر : " وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ " [المطففين : 30 ] ، يعني إذا مرّوا بالمسلمين يتغامزون ، ثم بعد ذلك أيضا ، السخرية هذه من زمن قديم ، فإذا رأيت أولئك الضائعين المائعين يسخرون منك يجب أن تقوى معنويتك ، وأن تحمد الله سبحانه وتعالى الذي أهلك لهذه الدرجة الرفيعة .
و بعدها قل لهم : انتظروا إنّا منتظرون ، فبعد أيام إن شاء الله إذا قويت السنة و قوي الدّين بإذن الله تعالى والحمد لله المسلمون في يقظة والحمد لله .
يا مسكين ، يا مسكين ، قد أصبحت أمريكا وروسيا تهتز من الصحوة الإسلامية فلا تغالط لا تغالط يا مسكين و أنت من أنت !! صحيح إذا كانت أمريكا وروسيا قد أصبحا يهتزان من اليقظة الإسلامية فأنت ما أنت يا أخي قل ما شئت ، قل ما شئت فلن نبالي بك و لن ننزلك بالاً و نحن نعلم أنّ هذه هي سنة الله سبحانه و تعالى .
أمّا مسألة قول بعض المغفلين في الدعاة إلى الله ,أن الثوب إذا وسط الساق يعتبر تنفيرا عن الدعوة .
نحن نقول: أننا نحن لسنا مفوضين في ين الله ، وأقول أيضاً : إن الإستحسان أيضا لا نبالي به ، الاستحسان في الدين أو في الدعوة ليس له عندنا مجال ، وما يدريك أن يكون الإسبال سبباً للإزراء بك ، فقد وجدنا كثيرا من العامة يسخرون من بعض الأزهريين إذا وجدوا اللحية محلوقة ، ووجدوا الجبّة تسحب الأرض ،
يقولون : هؤلاء ليسوا من أهل العلم ، ولو كان لديه علم وما يدرينا أن يكون التمسك بالسنة هو سبب في نشر السنة ، أن تكون المعصية سبب في الخذلان ، الله عز وجل يقول في كتابه الكريم : " إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ " [المجادلة : 20 ] .
ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ " [ الأنفال : 46 ] ، هذا في غزوة أحد .
ويقول في غزوة حنين : " وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ " [ التوبة : 25 ] .
هكذا معشر الإخوان المعصية قد تكون سبباً للخذلان ، و ربّ العزّة يقول في كتابه الكريم : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا " [ الأنفال : 29 ] .
نحن إذا اتقينا الله سبحانه و تعالى استطعنا أن نتخلص من هذه الفتن ، الفتن متدفقة علينا من جميع الجهات ما نستطيع أن نتخلص إلا إذا أراد الله " وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ " [ آل عمران : 101 ] ، إذا عصمنا الله سبحانه وتعالى من هذه الفتن المحيطة بنا : فتن الإغراءات وفتن المناصب ، فتن التبرج و السفور ، ومن فتن الاختلاط ، ومن فتنة المال إلى غير ذلك من هذه الفتن التي تدفقت علينا ما يعصمنا منها إلا الله سبحانه و تعالى .