الصحيح أنه يجوز ، وقوله : " لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ " [ الواقعة : 79 ] المراد بهم الملائكة كما قاله الإمام مالك في < الموطأ > فقال : هذه الآية تشبه قوله تعالى : " كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ " [ عبس : 11 - 16 ] ، فقال : هذه الآية تشبه هذه الآية .
وفيه أيضاً : " لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ " [ الواقعة : 79 ] أي لا يمسه الشياطين كما قال الله سبحانه وتعالى : " وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ " [ الشعراء : 210 - 211 ] ، بقي المراد بهذا : الملائكة .
بقي علينا حديث : لا يمس القرآن إلا طاهر ، هذا جاء من حديث آل حزم وهو مرسل ، الصحيح إرساله وإن وصله الحافظ في كتاب الزكاة ، فقد وهموا فيه الحكم بن موسى القنطري في وصله أي في الاتيان بسليمان بن داود اليماني ويقال الخولاني ، وبقي أنه جاء من طرق أخرى من غير حديث عمرو بن محمد بن حزم في < معجم الطبراني الصغير > وفي غيره ولعلها صالحة للحجية ، فماذا يُحمل ؟ يقول الشوكاني في < نيل الأوطار > : يحمل على أن المراد : لا يُمكن الكفار من لمسه لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : " إن المؤمن لا ينجس " هذا أمر .
أمر آخر لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - نهى أن يُسافر بالقرآن إلى أرض العدو ، فيُحمل على هذا أنه لا يُسافر بالقرآن إلى ارض العدو ، ولا يمكن منه الكافر الذي هو نجس " إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا " [ التوبة : 28 ] ، والله المستعان .
------------------
من شريط : ( أسئلة شباب المحويت )