نسمع هذه الأيام كلمة تقال وهي تكلمتم في شرك القبور وتركتم شرك القصور ؟

الزيارات:
5243 زائراً .
تاريخ إضافته:
12 ذو القعدة 1435هـ
نص السؤال:
نسمع هذه الأيام كلمة تقال وهي : تكلمتم في شرك القبور وتركتم شرك القصور ، فماذا تعني هذه الكلمة ، وهل يجب على طلاب العلم التحدث والتحذير من هذا الشرك ، وما مقصد من يدندن بهذا في الوقت الحاضر ؟
نص الإجابة:
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد : فشرك القبور منتشرٌ في جميع الأقطار الإسلامية لا يخلو منها بلد حتى أرض الحرمين ، فقبر رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يعتقد به ، ويرمى بالأوراق من الشبابيك التي على القبر ، فتلك تقول : يا رسول الله ! ليس لي ولد فأعطني ولداً ، وآخر يشكو نكبات ألمت به ، وآخر وآخر ، فالأمر كما يقول الصنعاني رحمه الله في كتابه القيم < تطهير الاعتقاد > : ما من بلد إلا ولأهلها وثن يعبد .
فلا تجد بلداً من بلاد المسلمين إلا وفيها قبور مشيدة : يستغاث بها ، ويذبح عندها ، ويطلب منها ما لا ينبغي أن يطلب إلا من الله عز وجل .
وهذه الشركيات دخلية على دين الإسلام ، والقائمون بهذه الخرافات والمبتدعات هم الشيعة والصوفية ومن سلك مسلكهم ، ورب العزة يقول في كتابه الكريم : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ " [ الحج : 73 ] .
ويقول سبحانه وتعالى : " وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ * إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ " [ فاطر : 13 ، 14 ] .
والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أمر علي بن أبي طالب : ألا يدع قبراً مشرفاً إلا سواه ، ولا تمثالاً إلا طمسه . رواه مسلم .
وأمر بتسوية القبور من حديث أبي مرثد الغنوي ، ونهى أن يبنى على القبور ، وأن تجصص ، رواه مسلم من حديث جابر بن عبدالله .
وفي < صحيح مسلم > من حديث جندب يقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ؛ فإني أنهاكم عن ذلك " .
وفي < الصحيحين > عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
وفي < الصحيحين > أيضاً عن أم سلمة وحفصة أنهما ذكرتا لرسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كنيسة رأتاها في الحبشة وما فيها من الصور فقال : " أولئك شرار الخلق عند الله ، إذا مات فيهم الرجل الصالح - أو العبد الصالح - بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور " .
فتشيد القبور ، ورفع بنائها سبب لعبادتها ، وهو يعتبر منكراً ، والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " .
فمن استطاع أن يسوي تلكم القبور ، وأن يهدم تلك القبور فعل ، ومن لم يستطع فعليه أن ينكر بلسانه ، فإن لم يستطع فبقله ، فإن قال قائل : فتلك قبة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في قبره ، فالجواب هو ما قاله الصنعاني رحمه الله : إنها لم تبن إلا في القرن السادس أو القرن السابع - الشك مني - وأن الذي بناها الملك المنصور الملقب بـ(قلاوون) وهو عبيدي ، قال : فالمسألة دولية لا دليلية .
وهكذا حسين بن مهدي النعمي رحمه الله عند أن احتج عليه بقبة النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : أفبعين ما حاددتم الله ورسوله تحتجون ؟! .
وهكذا القبر ما أدخل في المسجد إلا في عهد بني أمية كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه < اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم > ، وقد ذكرنا هذا في رسالة < حول القبة المبنية على قبر الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - > .
فعلم أنه لا حجة لهم في قبة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لأنه لم يأمر بها ولا أوصى بأن يبنى على قبره قبة ، بل نهى عن هذا .

أما شرك القصور ، فأعظم الناس إنكاراً له هم أهل السنة ، ويعني بشرك القصور : الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله ، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم : " أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ " [ المائدة : 50 ] .
ويقول سبحانه وتعالى : " أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ " [ الشورى : 21 ] .
ويقول سبحانه وتعالى : " وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ " [ المائدة : 44 ] .
فأهل السنة أعظم الناس إنكاراً لهذه الأمور ، ولكنهم ينكرون هذه الأمور على بصيرة ، وغيرهم ينكرها على جهل ، حماسة بدون نظر إلى العواقب ، فنحن ننكر هذه الأمور ، ولا نشجع على الثورات والانقلابات لأنها ما صارت ثورة ولا انقلاب من صالح الإسلام والمسلمين ، لكن يخسر المسلمون رجالهم وأعمارهم وأموالهم ، وتخرب دورهم ، ثم يؤتى بعلماني بدل العلماني ، أو بشيوعي بدل الشيوعي ، أو يؤتى ببعثي بدل البعثي ، وربما تفضلوا وأتوا بعلماني بدل الشيوعي .
فأعداء الإسلام هم الذين يضعون هؤلاء الحكام على الكراسي ، فمن كانت به غيرة على الإسلام فليبدأ بجهاد أمريكا - ونسأل الله أن يقيض لها شعباً بطلاً كما قيض لروسيا إخواننا الأفغانيين جزاهم الله خيراً - فهي رأس البلاء ، وهي أفسدت المسلمين ، وأفسدت حكامهم بدولاراتها وبإعلامها .
أما الثورات والانقلابات على الحكام الذين هم في الديار الإسلامية فهذه ليست سبيل الإصلاح ، وسبيل الإصلاح هو تعليم المسلمين كتاب ربهم وسنة نبيهم ، وتعليمهم سيرة النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وسيرة صحابته ، وما صبروا عليه من الفقر والعري والخروج من الأوطان والأمراض الوبائية التي حصلت لهم في المدينة بعدما هاجروا .
فهكذا ينبغي أن نربي شعوباً قريبة من الصحابة ، وما أظننا نستطيع لكن قريبة من الصحابة ، أما شعب يغضب إذا قطع الغاز أو قطع السكر أو قطع الحبوب ، ويقومون بثورة على حكامهم الذي يريد لهم الخير ، فيكون شخصاً أخذته الغيرة وقال : نخرج على الطاغوت ، وخرج على الطاغوت ، وأمريكا قطعت ما كانت تورده ، فقالوا : أنت الذي سببت لنا الجوع والعري ، فلا بد أن نقتلك حتى نستريح منك ، وحتى يرجع لنا السكر والغاز إلى غير ذلك .
فيجب أن نعرف مجتمعاتنا فبعض الدعوات تبني دعواتها على الخيالات وعلى الأوهام وعلى التلبيس على المجتمع ، ينقلون الناس من كذبة إلى كذبة أخرى .
فعلم من هذا أن أهل السنة من أعظم الناس إنكاراً لشرك القصور .

وهذه كلمة شيطانية فقد كنا نظن أن ( عبدالله صعتر ) هو الذي اخترعها ، فإذا الذي اخترعها إبليس له ولأمثاله من أجل أن ينكروا على إخوانهم الصالحين بعدن الذين رفعوا رأس السنة وخربوا القبور جزاهم الله خيراً .

-------------------
راجع كتاب : ( فضائح ونصائح ص 10 إلى 15 )

تصنيف الفتاوى

تفريع التصنيف | ضم التصنيف