هل يجوز لعن المعين فيما ثبت فيه الدليل، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «اتقوا اللعانين»، وقوله في الكاسيات العاريات: «العنوهن فإنهن ملعونات»، أم هو جائز على صاحب معصية أو غير جائز على الإطلاق؟
لعن المعين الحي لا يجوز، حتى وإن كان كافرا، لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم عند أن قنت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ولعن بعض صناديد قريش فأنزل الله: ﴿ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون﴾(2).
ومن باب الأولى إذا كان مسلما، بل جاء في شأن النعيمان وقد شرب خمرا فقال له بعض الصحابة: أخزاك الله ما أكثر ما يؤتى بك، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لا تعينوا الشيطان على أخيكم».
وأما ما جاء في: «العنوهن فإنهن ملعونات»، فأنا على ضعف الحديث، وليست الزيادة في الحديث الذي رواه مسلم، فالحديث الذي رواه مسلم ذكر فيه: «نساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا»، وما جاء أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لعن: «آكل الربا وموكله، ولعن الراشي والمرتشي، ولعن النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة»، فهذا ليس على سبيل التخصيص.
ومعنى اللعن: الطرد عن رحمة الله، وقد يستعمل بمعنى الشتم والسب حتى لو أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لعن شخصا وليس أهلا لأن يلعن فإنها تكون عليه رحمة، كما ثبت أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «إنما أنا بشر أغضب كما تغضبون، اللهم من سببته أو لعنته فاجعلها عليه رحمة».
وأما حديث: «اتقوا اللعانين»، فمعنى هذا أنها جرت عادات الناس وطبائعهم أن يلعنوا من فعل هذا، وليس معناه أنه يحل لهم ذلك، ولم يقله النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مقرا لهم على ذلك.