حول سب الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وإن قلنا بتكفيره على الإطلاق ، فهل يجوز للشخص بنفسه قتل الساب دون أن يرجع هذه المسألة إلى الحاكم المسلم ، لاسيما ونحن نعرف في واقعنا المعاصر أن الحدود لا تقام ؟
الحمد لله ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن والاه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد :
فسب الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يعتبر كفراً ؛ لقول الله عز وجل : " وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ " [ التوبة : 65و66 ] .
وايضاً امرأة سبت رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فقام مولاها ووضع المعول في بطنها ، وهو إما أن تكون محددة أو خشبة وضعه في بطنها ، واتكأ عليه حتى ماتت ، فأصبحت ميتة فلم يدرى من قاتلها .
ثم أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ناشد الله امرءاً يعلم قاتلها أن يخبره بذلك ، فقام رجل وقال : أنا قتلتها يا رسول الله لأنها كانت تسبك ، فقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " لا تنتطح فيها عنزان " .
وقد ألف شيخ الإسلام ابن نيمية كتاباً قيماً ليس له نظير بعنوان : < الصارم المسلول على شاتم الرسول > ، وكذا ذكر هذه المسألة القاضي عياض رحمه الله تعالى في كتابه القيم من حيث موضوع الكتاب الذي هو < الشفاء في التعريف بحقوق المصطفى > ، من حيث موضوع الكتاب كتابٌ قيم ، وأما من حيث أنه يستدل بأحاديث ضعيفة وموضوعة وهو محدث جليل ، ويستدل أيضاً بأحاديث صحيحة ليس معناه أن كل ما في < الشفاء > موضوع أو ضعيف بل فيها أحاديث صحيحة لأن القاضي عياض يعتبر محدثاً رحمه الله تعالى .
وإذا علمنا ذلك أنه يعتبر كافراً ، وأنه يُقتل ردة ؛ فإذا كان هناك حكومة تقيم الحدود فهي أولى بذلك بل لا يجوز لأحد أن يقوم بهذا غيرها .
وإن توجد حكومة تقيم الحدود ، ووجد جماعة محتسبة قوية تستطيع أن تدافع عن نفسها ؛ فلها أن تقيم الحدود إذا عُطلت الحدود ووجدت جماعة محتسبة قوية تستطيع أن تدافع عن نفسها .
أما إذا كنت تعلم أنك ستقتله وتأتي قبيلته تتعصب له ويحدث بين القبيلتين قتال فلا ، يجب أن يُبتعد عن الفتن ، وعن أسباب الفتن . والله المستعان .
بقي ما إذا أيست من الحكومة أن تقيم الحد ، وأصبح الشخص رأساً في الشر معانداً يسب الله ورسوله ؛ فيجوز أن يُغتال ، وكيف يُغتال ؟ أن يُقتل غيلة لا يُدرى به أحد ، وننصح أن لا يُدرى به أحد ، هذا إذا أيس منه وكان رأساً كما أرسل النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - إلى كعب بن الأشرف من يغتاله ، وإلى ابن أبي الحقيق من يغتاله على أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - هو إمام المسلمين ، لكن إذا لم تقم الحكومة حدود الردة وهذا أمرٌ مهم ، وحكومة لا تقيم الحدود معناها أنها تترك الناس فوضى :
لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَُراةَ لَهُم **** وَلا سَُـراةَ إِذا جُهّالُهُـم ســادوا
-----------------
من شريط : ( الأجوبة الوادعية على الأسئلة اليافعية )