الأمر أن هؤلاء الذين يقولون هذا، إما أن يكونوا جاهلين فهم آثمون ـ لأنهم لم يسألوا أهل العلم ـ إثماً الله أعلم بمقداره ، وإما أن يكونوا غير جاهلين ، فتكون قد طمست بصيرتهم .
وإلا فإن الله عز وجل يقول لنبيه محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " فاستقم كما أمرت " ، ويقول سبحانه وتعالى : " فاستقيموا إليه " ، ويقول سبحانه وتعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا * إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا " .
والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " إن مثل ما تحتقرون من الذنوب كمثل قوم اجتمعوا فأتوا بحطب أتى هذا بعود وهذا بعود وهذا بعود، فأضرموا النار وأصلحوا طعامهم ـ أو بهذا المعنى ـ فذلكم مثل ما تحتقرون من الذنوب " ، فلا ينبغي لأحد أن يحتقر شيئا من الذنوب .
والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول كما في "جامع الترمذي" : " إن العبد إذا أذنب نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب صقل وإن عاد ـ أي: ولم يتب ـ نكت نكتة أخرى حتى يغشاه الران ) ، ثم قرأ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " .
وروى الامام مسلم في "صحيحه" عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال : " تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا، فأيما قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأيما قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين : على أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربادًا كالكوز مجخيًّا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه " ، نعم إنهم يعيبون علينا وعلى إخواننا وعليكن أيضًا ، يعيبون علينا إعفاء اللحية ، ويعيبون علينا لماذا لا نتصور ؟ ، ويعيبون علينا لماذا يكون الثوب أوالقميص إلى نصف الساق ؟ ويعيبون علينا لماذا لا نرتكب بعض المحرمات في سبيل الدعوة ؟ ، وأنتن يعيبون عليكن الحجاب والتمسك بالدين ، ولم يعرف أولئك العائبون الغافلون أن النصر من عند الله عز وجل ، وهم ماذا حققوا للإسلام بسبب تفرنجهم ؟ فرب العزة يقول في كتابه الكريم مبينا أن النصر من عند الله : " وما النصر إلا من عند الله " ، ويقول سبحانه وتعالى : " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " ، ويقول سبحانه وتعالى: " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا " .
والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول كما في "الصحيح" من حديث سعد بن أبي وقاص ، وخارج "الصحيح" من حديث أبي الدرداء : " إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم ".
فالنصر وقبول الدعوة من الله عز وجل ، لقد أصبح أولئك عاراً على الدعوة يقوم أحدهم وهو حالق اللحية: أيها المسلمون تمسكوا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، وهو أول مخالف لسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، يقوم أحدهم وثوبه يسحب الأرض ويأمر الناس بالتمسك بالكتاب والسنة ، ويقوم أحدهم وهو لابس البنطلون ومتشبه بأعداء الإسلام ويقول: كتاب وسنة، كتاب وسنة.
أين أنت من الكتاب والسنة ؟!! لا ينبغي أن نغتر ، وينبغي أن نتقتدي برسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، وفي سبيل الدعوة لا نرتكب محرمًا، ولا نرتكب بدعة في سبيل الدعوة، ولا نترك واجبًا من أجل الدعوة ، لأن الدعوة دعوة الله ، وهو أغير على دين الله منا ، والله المستعان.