الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول :" إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " ، وتقدمت الآية : " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " .
وأيوب يقول : " رب إني مسني الشيطان بنصب وعذاب * اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب " .
والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يخبر بل القرآن عن وسوسة الشيطان وهروبه وإتيانه إلى الشخص فيقول كما في ( الصحيحين ) : " إن الشيطان إذا سمع الأذان هرب وله ضراط ، فإذا انتهى الأذان رجع ، فإذا ثوب هرب ، وله ضراط " ، والشيطان يأتي إلى المصلي ويلبس عليه صلاته حتى يقول : اذكر كذا واذكر كذا لما لم يكن يذكر .
حتى إن بعض الحمقى في ذات مرة يقول : والله إن الشيطان مصالح ، فقالوا : كيف ذاك ؟ قال : أنا وضعت المفتاح وخبأته ولا دريت أين خبأته ، وعند أن كنت في الصلاة ووسوس لي وأخبرني أنه في مكان كذا وكذا ، ولا يدري المسكين أن ما أفسده عليه من صلاته ، ومن اتصاله بالله أعظم مما حصل له من وجود مفتاحه .
فهذه فكرة فلسفية معتزلية . ويعجبني ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في ( إيضاح الدلالة في عموم الرسالة ) بعد أن ذكر الأدلة قال : لو لم يرد دليل لما كان لنا أن نخالف الواقع بدون دليل ، فمثلاً شيطان تراه يجري في جسم أخيك وتضرب أخاك بما لو كان الضرب واقعاً عليه لقتله ، ويتكلم الشيطان بما لا يعرفه الإنسي .
وتلك المرأة التي أخبرنا بشأنها الشيخ عبدالعزيز بن راشد : الجنية التي صرعت أخاً له في الله ، فقرأ عليها وتكلمت معه وقالت : إنها تحبه ، قال : ولكنه لا يحبك ، قالت : وهي تريد أن تتزوج به ، قال : كيف تتزوجين به وأنت جنية وهو إنسي ، قالت : فقد روى الطبراني في ( معجمه ) أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - زوج إنسياً بجنية ، قال الأخ : والمريض لا يعرف الطبراني ولا يعرف ( معجم الطبراني ) .
ورب جني يتلو القرآن والمريض لا يحفظ القرآن ، وهذا أمر مشاهد لا ينكره إلا من أعمى الله بصيرته .