بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد :
فيجوز الطلاق للحاجة ، ويكره لغير حاجة ، ويجب للإيلاء .
أما جوازه للحاجة ؛ فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم : " الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ " ، ويقول سبحانه وتعالى : " وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا " .
وأما كراهيته لغير حاجة ؛ فقد اُستدل بحديث : أبغضُ الحلال إلى الله الطلاق ، ولكن الصحيح إرسال هذا الحديث ، بقي حديث آخر ممكن أن يجزئ عنه وهو : ما رواه مسلم في < صحيحه > من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " لا يَفرك مؤمنٌ مؤمنة - أي لا يبغضها - ؛ إن أبغض منها خلقاً رضي الآخر " ، والرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة : " استوصوا بالنساء خيراً ؛ فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل به عوج " .
وأما كونه يجب للإيلاء أي إذا قال : الرجل لامرأته والله لا يقربها ، وقد آلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - من نساءه شهراً ، ثم نزل إليهن بعد انتهاء الشهر كما في الصحيح ، فإذا حلف الرجل ألا يقرب امرأته إذا انتهت أربعة أشهر إما أن يطلق ، وإما أن يُراجع ؛ يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : " لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " ، هذا من آلى ولم يُرد أن يردها واجبٌ عليه بعد انتهاء أربعة أشهر أن يطلق .
وأما أيجوز للرجل أن يخرج المرأة من البيت إذا طلقها ، إذا كانت الطلقة الأولى أو الثانية فلا يخرجها من البيت إلا أن تأتِ بفاحشة ، وأما إذا كانت الثالثة فإنها تُخرج وقد قالت بهذا فاطمة بنت قيس بل روته عن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أن زوجها طلقها ثلاثاً أي طلقة ثم راجعها ثم طلقها ثم راجعها ثم طلقها الثالثة فأرسل لها قريبه بشيئ من الشعير ، قالت : فسخطتُ ، فقال قريبه : والله ما لك علينا من سكنٍ ولا من نفقة ، معناه أن هذا من المعروف ، فذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وقال : " ليس لكِ سكن ولا نفقة " ، ثم قال لها النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : " اعتدي عند أم شريك " ، ثم قال : " تلكِ امرأة يغشاها أصحابي " أي يذهب أصحاب النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - إليها كثيراً لأنها من الصحابيات الفضليات وتُكرم من أتى إليها ، : " اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده " أو بهذا المعنى .
فإذا كان الطلقة الثالثة تَخرج من البيت ولا يلزمه النفقة ، أما إذا كانت الأولى فتبقى في البيت يقول الله سبحانه وتعالى : " لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا " ، لعل الله سبحانه وتعالى يصلح بينهما ويردها لأنها إذا كانت في العدة لا يلزم إلا أن يُشهد والإشهاد أيضاً مندوب حتى لو أتاها وهي في بيته تعتبر رجعة بخلاف البائنة التي قد طلقها ثلاثاً فإنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره .
--------------
من شريط : ( أسئلة في الطلاق ونحوه )