أما الخروج إلى الدعوة إلى الله فالناس يختلفون ، فمن الناس من رزقه الله سبحانه وتعالى علماً ، ورزقه الله سبحانه وتعالى بصيرة وسياسة للناس فهذا قد تجب عليه لأن من المسلمين من لا يعرف عن دينه شيئاً خصوصاً في البوادي وفي بعض القرى لا يعرف عن دينه شيئاً ؛ والله عز وجل يقول : " إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ " فقد تجب على بعض الأفراد الدعوة .
أما شخصٌ يؤخذ من الشارع اخرج إلى الدعوة ثم بعد ذلك يطلب منه أن يبين كما هو شأن جماعة التبيلغ فهذا ليس بداعي إلى الله سبحانه وتعالى لا يعرف شيئاً .
أخبرني شخصٌ أنه خرج معهم ذات مرة فلما وصلوا إلى القاعدة قالوا : البيان عندك يا فلان وهو لا يعرف شيئاً - هو يخبرني عن نفسه - ، قال : لما قمت ونظرت إلى الناس استعجمت ما دريت ماذا أقول ، ثم بعد ذلك اريد أن أقول للناس : تمسكوا بهذا القرآن الذي على الرف ما استطعت وكنت أضرب بيدي على الجدر فقط ثم بكيت أي تحسراً على نفسي ، فقام المسؤول عنهم وقال : الشيخ بكى من خشية الله ، وهو مسكين .
المهم تلكم ليست بدعوة ؛ لكن الدعوة : " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ " ، " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " ، وهذه الآية الأخيرة ممكن أن يستدل بها على الوجوب على بعض الناس .
أما المكوث في بلاد الكفار إذا كان للدعوة فذاك ، وأما أن يبقى في بلد الكفار هو لا يملك أهله ، ولا يملك أولاده ، ومجتمع يخرج الأولاد إلى المدرسة المدرس يكون ملحد أو نصراني يدعوهم إلى الإلحاد أو يدعوهم إلى النصرانية ؛ فالرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " ، بل النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " ما من راعٍ يسترعيه الله رعية ثم لم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة " ، والله عز وجل يقول : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا " .
ثم بعد ذلك أُخبرت أن كثيراً ممن يذهب إلى هنالك لا يتورعون يبيعون لحم الخنزير ويبيعون الخمر فلا يتورعون في بيعهم وشراءهم ، حتى بعض الناس من أصحاب الاستقامة ما تدري وقد انحرف وهو في بلاد الكفار ، كنت أسمع بألمانيا بشخص من بلد ما - لن أسميه - مستقيم صاحب دعوة ، ثم زارني أخٌ حضرمي يدرس هنالك وقلت له : كيف حال ذلكم الشخص ؟ ، قال : قد انحرف وقد أصبح سارقاً .
فالمغريات هنالك كثيرة ، والفساد أيضاً كثير ، فلا يجوز لأحدٍ أن يسكن في بلد الكفار إلا إذا كان يريد أن يدعو إلى الله سبحانه وتعالى ، أو كان لاجئاً مثل بعض إخواننا الليبيين من رجع إلى القذافي قذفه الله في البلاء من رجع إليه زج به في السجن أو قتله ، فمثل هؤلاء يباح لهم لأنهم قد أصبحوا مهددين بالقتل أو السجن الذي لا يُدرى متى نهايته والله المستعان .
أما التميز بين دولة الكفر وبين دولة الإسلام ، دولة الإسلام إذا كان غالب المجتمع يحكم بالإسلام فهي تعتبر دولة إسلام ، وإذا كان غالب المجتمع يحكم بالكفر فهي تعتبر دولة كفرٍ ، وقد يكون الحاكم كافراً مثل صدام والقذافي الذي نعتقده وندين الله به أنهما كافران والشعب العراقي لا نستطيع أن نكفره ، وكذلك أيضاً الشعب الليبي لا نستطيع أن نكفره ولكنهم مغلوب على أمرهم والله المستعان .
-----------
من شريط : ( أسئلة السلفيين من أهل صنعاء )