قال الإمام البخاري -رحمه الله- (ج6 ص246): حدثنا مسدد، حدثنا يوسف بن الماجشون، عن صالح بن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جده. قال: بينا أنا واقف في الصف يوم بدر فنظرت عن يميني وشمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت أن أكون بين أضلع منهما فغمزني أحدهما فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل. قلت: نعم ما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أخبرت أنه يسب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك فغمزني الآخر. فقال لي مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس. فقلت: ألا إن هذا صاحبكما الذي سألتماني، فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-فأخبراه، فقال: «أيكما قتله»؟ قال كل واحد منهما: أنا قتلته. فقال: «هل مسحتما سيفيكما»؟ قالا: لا، فنظر في السيفين فقال: «كلاكما قتله، سلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح»، وكانا معاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح.
قال الإمام البخاري -رحمه الله- (ج7 ص70): حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبدالعزيز، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-قال: «لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه» قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-كلهم يرجو أن يعطاها. فقال: «أين علي بن أبي طالب»؟ فقالوا: يشتكي عينيه يا رسول الله. قال: «فأرسلوا إليه فأتوني به» فلما جاء بصق في عينيه ودعا له فبرأ، حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية. فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: «انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم».
قال أبوداود -رحمه الله- (ج5 ص94): حدثنا أحمد بن صالح، وعثمان بن أبي شيبة، وهذا حديثه قالا: حدثنا الفضل بن دكين، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه. قال: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يوما أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي. فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، فجئته بنصف مالي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «ما أبقيت لأهلك»؟ فقلت: مثله. قال: وأتى أبوبكر -رضي الله عنه- بكل ما عنده، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «ما أبقيت لأهلك»؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت: لا أسابقك إلى شيء أبدا.