قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين*? ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم*? فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم ءاباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا ءاتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار*? أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب* واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون﴾(1).
وقال تعالى: ﴿وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق * ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير﴾(2).
وقال تعالى: ﴿ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين*? الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون*? والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون* لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين﴾(3).
قال البخاري -رحمه الله- (ج3 ص408): حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس -رضي الله عنه- قال: صلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالمدينة الظهر أربعا والعصر بذي الحليفة ركعتين، وسمعتهم يصرخون بهما جميعا.
ثم قال -رحمه الله-: باب التلبية.
حدثنا عبدالله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن نافع، عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أن تلبية رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك».
حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن عمارة، عن أبي عطية، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: إني لأعلم كيف كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يلبي: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك».
تابعه أبومعاوية، عن الأعمش. وقال شعبة: أخبرنا سليمان، سمعت خيثمة، عن أبي عطية، سمعت عائشة -رضي الله عنها-.
قال البخاري -رحمه الله- (ج3 ص411): باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة.
حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس -رضي الله عنه- قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ونحن معه بالمدينة الظهر أربعا، والعصر بذي الحليفة ركعتين، ثم بات بها حتى أصبح، ثم ركب حتى استوت به على البيداء حمد الله وسبح وكبر، ثم أهل بحج وعمرة وأهل الناس بهما، فلما قدمنا أمر الناس فحلوا حتى كان يوم التروية أهلوا بالحج، قال: ونحر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بدنات بيده قياما.
قال البخاري -رحمه الله- (ج3 ص414): باب التلبية إذا انحدر في الوادي.
حدثنا محمد بن المثنى. قال: حدثني ابن أبي عدي، عن ابن عون، عن مجاهد. قال: كنا عند ابن عباس -رضي الله عنهما- فذكروا الدجال أنه قال: «مكتوب بين عينيه: كافر». فقال ابن عباس: لم أسمعه، ولكنه قال: «أما موسى كأني أنظر إليه إذ انحدر في الوادي يلبي».
قال البخاري -رحمه الله- (ج3 ص510): باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة.
حدثنا عبدالله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؟ فقال: كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه، ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه.
قال الإمام مسلم (ج2 ص933): حدثنا أحمد بن حنبل، ومحمد بن المثنى. قالا: حدثنا عبدالله بن نمير (ح) وحدثنا سعيد بن يحيى الأموي، حدثني أبي. قالا جميعا: حدثنا يحيى ابن سعيد، عن عبدالله بن أبي سلمة، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، قال: غدونا مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من منى إلى عرفات، منا الملبي ومنا المكبر.
وحدثني محمد بن حاتم، وهارون بن عبدالله، ويعقوب الدورقي. قالوا: أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا عبدالعزيز بن أبي سلمة، عن عمر بن حسين، عن عبدالله بن أبي سلمة، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه. قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في غداة عرفة، فمنا المكبر ومنا المهلل، فأما نحن فنكبر، قال: قلت: والله لعجبا منكم كيف لم تقولوا له: ماذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يصنع؟.
قال البخاري -رحمه الله- (ج3 ص532): باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة والارتداف في السير.
حدثنا أبوعاصم الضحاك بن مخلد، أخبرنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أردف الفضل، فأخبر الفضل أنه لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة.
حدثنا زهير بن حرب، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، عن يونس الأيلي، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- كان ردف النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى. قال: فكلاهما قالا: لم يزل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يلبي حتى رمى جمرة العقبة.
قال البخاري -رحمه الله- (ج2 ص457): حدثنا محمد بن عرعرة. قال: حدثنا شعبة، عن سليمان، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: «ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه». قالوا: ولا الجهاد؟ قال: «ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء».
قال الإمام مسلم -رحمه الله- (ج2 ص800): وحدثنا سريج بن يونس، حدثنا هشيم، أخبرنا خالد، عن أبي المليح، عن نبيشة الهذلي. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أيام التشريق أيام أكل وشرب».
حدثنا محمد بن عبدالله بن نمير، حدثنا إسماعيل يعني ابن علية، عن خالد الحذاء، حدثني أبوقلابة، عن أبي المليح، عن نبيشة. قال خالد: فلقيت أبا المليح فسألته فحدثني به، فذكر عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بمثل حديث هشيم وزاد فيه: «وذكر لله».
_______________________
(1) سورة البقرة، الآية: 198-203.
(2) سورة الحج، الآية: 27-28.
(3) سورة الحج، الآية: 34-37.