قال البخاري -رحمه الله- (ج7 ص354): حدثنا عبدالله بن محمد، حدثنا سفيان، عن عمرو، سمع جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما- قال: قال رجل للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يوم أحد: أرأيت إن قتلت، فأين أنا؟ قال: «في الجنة» فألقى تمرات في يده، ثم قاتل حتى قتل.
قال البخاري -رحمه الله- (ج7 ص417): حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا أبوأسامة، عن بريد بن عبدالله بن أبي بردة، عن أبي بردة، عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في غزاة ونحن ستة نفر، بيننا بعير نعتقبه، فنقبت أقدامنا ونقبت قدماي وسقطت أظفاري، فكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسميت غزوة ذات الرقاع، لما كنا نعصب من الخرق على أرجلنا، وحدث أبوموسى بهذا الحديث ثم كره ذاك قال: ما كنت أصنع بأن أذكره كأنه كره أن يكون شيء من عمله أفشاه.
قال البخاري -رحمه الله- (ج6 ص21): باب قول الله تعالى: ﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا﴾.
حدثنا محمد بن سعيد الخزاعي، حدثنا عبدالأعلى، عن حميد. قال: سألت أنسا. قال: (ح) وحدثنا عمرو بن زرارة، حدثنا زياد. قال: حدثني حميد الطويل، عن أنس -رضي الله عنه- قال: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر فقال: يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني أصحابه، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، يعني المشركين، ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ. فقال: يا سعد بن معاذ الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد. قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع. قال أنس: فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه. قال أنس: كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: ﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه﴾ إلى آخر الآية.
وقال: إن أخته وهي تسمى الربيع كسرت ثنية امرأة، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-بالقصاص. فقال أنس: يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها، فرضوا بالأرش وتركوا القصاص. فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره».
قال الإمام البخاري -رحمه الله- (ج7 ص173): حدثني عمرو بن عباس، حدثنا عبدالرحمن بن مهدي، حدثنا المثنى، عن أبي جمرة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. قال: لما بلغ أبا ذر مبعث النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله، ثم ائتني، فانطلق الأخ حتى قدمه وسمع من قوله ثم رجع إلى أبي ذر فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وكلاما ما هو بالشعر. فقال: ما شفيتني مما أردت، فتزود وحمل شنة له فيها ماء حتى قدم مكة فأتى المسجد فالتمس النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ولا يعرفه، وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل فاضطجع، فرآه علي فعرف أنه غريب فلما رآه تبعه فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد وظل ذلك اليوم ولا يراه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حتى أمسى، فعاد إلى مضجعه فمر به علي فقال: أما نال للرجل أن يعلم منزله، فأقامه فذهب به معه لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء، حتى إذا كان يوم الثالث فعاد علي على مثل ذلك فأقام معه ثم قال: ألا تحدثني ما الذي أقدمك. قال: إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدني فعلت، ففعل فأخبره قال: فإنه حق وهو رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فإذا أصبحت فاتبعني فإني إن رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي، ففعل فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ودخل معه، فسمع من قوله وأسلم مكانه. فقال له النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري» قال: والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم، فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ثم قام القوم فضربوه حتى أوجعوه، وأتى العباس فأكب عليه قال: ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار وأن طريق تجاركم إلى الشأم، فأنقذه منهم، ثم عاد من الغد لمثلها فضربوه وثاروا إليه، فأكب العباس عليه.