فصل في شفاعته -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في رفع درجات بعض من يدخل الجنة فوق ما كان يقتضيه عمله

87- قال البخاري -رحمه الله- (ج8 ص41): حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبوأسامة عن بريد بن عبدالله عن أبي بردة عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: لما فرغ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريد وهزم الله أصحابه، قال أبوموسى: وبعثني مع أبي عامر فرمي أبوعامر في ركبته رماه جشمي بسهم فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه فقلت: يا عم من رماك. فأشار إلى أبي موسى فقال: ذاك قاتلي الذي رماني. فقصدت له فلحقته فلما رآني ولى فاتبعته وجعلت أقول له: ألا تستحيي ألا تثبت. فكف فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته، ثم قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك. قال: فانزع هذا السهم. فنزعته فنزا(1) منه الماء قال: يا ابن أخي أقرئ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- السلام وقل له: استغفر لي. واستخلفني أبوعامر على الناس فمكث يسيرا ثم مات، فرجعت فدخلت على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في بيته على سرير مرمل(2)، وعليه فراش قد أثر رمال السرير بظهره وجنبه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر وقال: قل له: استغفر لي. فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه فقال: «اللهم اغفر لعبيد أبي عامر» ورأيت بياض إبطيه ثم قال: «اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس» فقلت: ولي فاستغفر. فقال: «اللهم اغفر لعبدالله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما» قال أبوبردة: إحداهما لأبي عامر والأخرى لأبي موسى.

الحديث أخرجه مسلم.

88- قال مسلم -رحمه الله- (ج2 ص634): حدثني زهير بن حرب حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا أبوإسحاق الفزاري(3) عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن قبيصة بن ذؤيب عن أم سلمة قالت: دخل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال: «إن الروح إذا قبض تبعه البصر» فضج ناس من أهله فقال: «لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون» ثم قال: «اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه».

الحديث أخرجه أحمد (ج6 ص297).

_______________________

(1) نزا منه الماء: أي انصب من موضع السهم، كما في «الفتح».

(2) مرمل -براء مهملة ثم ميم مثقلة-: أي معمول بالرمال، وهي حبال الحصر التي تضفر بها الأسرة، كما في «الفتح».

(3) أبوإسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث، وأبوقلابة هو عبدالله بن زيد الجرمي.


الشفاعة
  • عنوان الكتاب: الشفاعة
  • تاريخ الإضافة: 13 رجب 1426هـ
  • الزيارات: 655035
  • التحميلات: 20871
  • تفاصيل : الطبعة الثالثة دار الآثار للنشر والتوزيع
  • تنزيل: اضغط هنا للتنزيل  zip

فهرس الكتاب

تفريع الفهرس | ضم الفهرس

الشفاعة