154- قال الإمام أحمد -رحمه الله- (ج2 ص509): ثنا يزيد أنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب أنى لي هذه؟ فيقال: باستغفار ولدك لك».
الحديث رجاله رجال الصحيح.
155- قال مسلم -رحمه الله- (ج4 ص2029): حدثنا سويد بن سعيد ومحمد ابن عبدالأعلى -وتقاربا في اللفظ- قالا: حدثنا المعتمر عن أبيه عن أبي السليل(1) عن أبي حسان قال: قلت لأبي هريرة: إنه قد مات لي ابنان، فما أنت محدثي عن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بحديث تطيب به أنفسنا عن موتانا؟ قال: قال: نعم، «صغارهم دعاميص الجنة يتلقى أحدهم أباه -أو قال: أبويه- فيأخذ بثوبه -أو قال: بيده- كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا فلا يتناهى -أو قال فلا ينتهي- حتى يدخله الله وأباه الجنة».
وفي رواية سويد قال: حدثنا أبوالسليل، ثم قال مسلم: وحدثنيه عبيدالله ابن سعيد حدثنا يحيى -يعني ابن سعيد- عن التيمي بهذا الإسناد، وقال: فهل سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- شيئا تطيب به أنفسنا عن موتانا؟ قال: نعم.
الحديث أخرجه أحمد (ج2 ص488 وص510)، والبخاري في «الأدب» ص(63)، والبيهقي (ج4 ص67-68).
156- قال الإمام أحمد -رحمه الله- (ج2 ص510): ثنا إسحاق(2) أنا عوف عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله وإياهم بفضل رحمته الجنة، وقال: يقال: لهم ادخلوا الجنة. قال: فيقولون حتى يجيء أبوانا. قال: ثلاث مرات، فيقولون مثل ذلك فيقال: لهم ادخلوا الجنة أنتم وأبواكم».
الحديث رواه النسائي (ج4 ص22)، والبيهقي (ج4 ص68)، وهو على شرط الشيخين.
157- قال الإمام أحمد -رحمه الله- (ج4 ص105): ثنا أبوالمغيرة(3) ثنا حريز قال: ثنا شرحبيل بن شفعة عن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «يقال للولدان يوم القيامة: ادخلوا الجنة. قال: فيقولون: يا رب حتى يدخل آباؤنا وأمهاتنا. قال: فيأتون، قال: فيقول الله عز وجل: ما لي أراهم محبنطئين(4)، ادخلوا الجنة. قال: فيقولون: يا رب آباؤنا وأمهاتنا. قال: فيقول: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم».
الحديث رواه يعقوب الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص343) وسمى الصحابي عتبة بن عبد السلمي، وقال الهيثمي (ج3 ص11): رواه أحمد ورجاله ثقات.
وأقول: الحديث في سنده شرحبيل بن شفعة لم يرو عنه إلا حريز، ولم يوثقه إلا ابن حبان، فهو مجهول العين، وأما ابن حبان فهو يوثق المجهولين كما في مقدمة «لسان الميزان» و«فتح المغيث».
وأما قول أبي داود: إن مشايخ حريز ثقات ففيه نظر، فإن من مشايخ حريز: عبدالرحمن بن ميسرة كما في ترجمة حريز من «تهذيب التهذيب»، وقد قال ابن المديني: إنه مجهول ووثقه العجلي كما في «الميزان»، والعجلي قريب من ابن حبان في توثيق المجهولين.
ومن مشايخ حريز القاسم بن عبدالرحمن الشامي: وقد قال الإمام أحمد: روى عنه علي بن يزيد أعاجيب، وما أراها إلا من قبل القاسم، وإن كان القاسم قد وثق إلا أن الجرح فيه مفسر من الإمام أحمد ومن ابن حبان.
وقد اشتهر أن جماعة كانوا لا يروون إلا عن ثقة في الغالب كما في «فتح المغيث» (ج1 ص293)، منهم الإمام أحمد: وقد روى عن عامر بن صالح وغيره من الضعفاء كما في «الصارم المنكي في الرد على السبكي» ص(18-19)، ومنهم مالك: وقد روى عن عبدالكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف، ومنهم شعبة: وقد قال: لو لم أحدثكم إلا عن ثقة لم أحدثكم عن ثلاثة -وفي نسخة: ثلاثين-. قال السخاوي: وذلك اعتراف منه بأنه يروي عن الثقة وغيره.
هذا وقد جاء الحديث من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، ذكره ابن حبان في «الضعفاء» (ج2 ص108) في ترجمة علي بن الربيع وذكره الذهبي في ترجمته، وفي ترجمة علي بن نافع، وقال ابن حبان: هذا حديث منكر لا أصل له من حديث بهز بن حكيم، وعلي هذا يروي المناكير، فلما كثر في روايته المناكير بطل الاحتجاج به.
158- قال الإمام الحافظ يعقوب الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص341): حدثني أبوتوبة قال: حدثنا معاوية بن سلام عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام قال: حدثني عامر بن زيد البكالي أنه سمع عتبة بن عبد السلمي يقول: جاء أعرابي إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقال له: ما حوضك الذي تحدث عنه؟ قال: «هو كما بين البيضاء إلى بصرى، ثم يمدني الله عز وجل فيه بكراع فلا يدري بشر ممن خلق أين طرفاه» قال: فكبر عمر بن الخطاب، فقال: «أما الحوض فيزدحم عليه فقراء المهاجرين الذين يقتلون في سبيل الله، ويموتون في سبيل الله عز وجل» وأرجو أن يوردني الله عز وجل الكراع فأشرب منه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إن ربي عز وجل وعدني أن يدخل الجنة من(5) أمتي سبعين ألفا بغير حساب، ثم يشفع كل ألف بسبعين ألفا، ثم يحثي لي بكفيه ثلاث حثيات» وكبر عمر، فقال: «إن السبعين الألف الأولين يشفعهم الله عز وجل في آبائهم وأبنائهم وعشائرهم» وأرجو(6) أن يجعلني الله عز وجل في إحدى الحثيات الأواخر، وقال الأعرابي: يا رسول الله أفيها فاكهة؟ قال: «نعم، إن فيها شجرة تدعى طوبى، هي تطابق الفردوس» قال: أي شجر أرضنا تشبه؟ قال: «ليس شبه شيء من شجر أرضكم، ولكن أتيت الشام؟» فقال: لا يا رسول الله. قال: «فإنها تشبه شجرة بالشام تدعى: جوز، تنبت على ساق واحد وينتشر أعلاها» قال: ما عظم أصلها؟ قال: «لو ارتحلت جذعة من إبل أهلك ما أحاطت بأصلها حتى ينكسر ترقواها هرما» قال: فيها عنب؟ قال: «نعم» قال: وما عظم العنقود فيها؟ قال: «مسيرة شهر للغراب، لا يقع ولا يني ولا يقر» قال: ما عظم الحبة منها؟ قال: «هل ذبح أبوكم تيسا قط من غنمه قط عظيما؟» قال: نعم. قال: «فسلخ إهابها فأعطاها أمك، فقال: ادبغي لنا هذه، ثم افري لنا منه دلوا نروي به ماشيتنا؟» قال: نعم. قال: «فإن تلك تسعني وأهل بيتي؟» قال: نعم، وعامة عشيرتك.
الحديث أخرجه الطبراني كما في «تفسير ابن كثير» (ج1 ص394) وقال الحافظ ابن كثير: قال الحافظ الضياء أبوعبدالله المقدسي في كتابه «صفة الجنة»: لا أعلم لهذا الإسناد علة.
:قال أبوعبدالرحمن: الحديث في سنده عامر بن زيد البكالي، وقد روى عنه أبوسلام كما في هذا السند، وفي «موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان» ص(647)، وروى عنه أيضا يحيى بن أبي كثير كما في «المسند» (ج4 ص183)، فهو مستور الحال يصلح حديثه في الشواهد والمتابعات.
159- قال أبونعيم -رحمه الله- في «أخبار أصبهان» (ج2 ص15): حدثنا الحسين بن علي بن بكر ثنا علي بن الحسن بن علي(7) ثنا محمد بن غالب ثنا عبدالصمد بن النعمان ثنا ركن أبوعبدالله عن مكحول عن أبي أمامة عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «إن ذراري المسلمين يوم القيامة تحت العرش شافع مشفع، ما لم يبلغوا اثنتي عشرة سنة فعليه وله».
الحديث في سنده انقطاع لأن مكحولا لم يثبت سماعه من أبي أمامة كما في «تهذيب التهذيب»، وقد ذكر الحافظ في «التقريب» أنه ثقة فقيه كثير الإرسال.
وفي سنده أيضا ركن الشامي، قال الذهبي في «الميزان»: ركن الشامي عن مكحول وغيره، وهاه ابن المبارك، وقال يحيى: ليس بشيء. وقال الدارقطني والنسائي: متروك. ثم ذكر حديثين تفرد بهما، هذا أحدهما.
160- قال الإمام أحمد -رحمه الله- (ج5 ص35): ثنا وكيع ثنا شعبة عن معاوية ابن قرة عن أبيه قال: إن رجلا كان يأتي النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ومعه ابن له، فقال له النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أتحبه؟» فقال: يا رسول الله أحبك الله كما أحبه. ففقده النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقال لي: «ما فعل ابن فلان؟» قالوا: يا رسول الله مات. فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لأبيه: «أما تحب أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك؟» فقال الرجل(8): يا رسول الله أله خاصة؟ أو لكلنا؟ قال: «بل لكلكم».
ثنا محمد بن جعفر أنا شعبة قال: سمعت معاوية بن قرة يحدث عن أبيه أن رجلا كان يأتي النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فذكر مثله.
_______________________
(1) أبوالسليل: هو ضريب بن نفير، وأبوحسان: هو خالد بن غلاق.
(2) إسحاق: هو ابن يوسف الأزرق، وعوف: هو ابن أبي جميلة.
(3) أبوالمغيرة: هو عبدالقدوس بن الحجاج، وحريز: هو ابن عثمان.
(4) أي ممتلئين غضبا كما في «لسان العرب».
(5) (من): ساقطة من الأصل.
(6) قوله: (وأرجو... الخ)، وكذا قوله فيما تقدم: (وأرجو أن يوردني الله عز وجل الكراع)، يحتمل أن يكون من قول عتبة، أو من قول الأعرابي وهو الأقرب.
(7) ترجم له أبونعيم في «أخبار أصبهان» (ج2 ص15) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
(8) كذا في «المسند»، وفي «مجمع الزوائد»: (فقال رجل)، وهو الموافق للقواعد العربية. قال السيوطي في «عقود الجمان»:ثم من القواعد المشتهرة
إذا أتت نكرة مكررة
تغايرا، وإن يعرف ثاني
توافقا، كذا المعرفان
شاهده الذي روينا مسندا
لن يغلب اليسرين عسر أبدا
كذا قال السيوطي في حديث «لن يغلب عسر يسرين» إنه مسند، والصحيح أنه مرسل من مراسيل الحسن.
فهرس الكتاب |
|
|