113- قال الترمذي -رحمه الله- (ج4 ص95): حدثنا قتيبة حدثنا عبدالعزيز بن محمد عن العلاء بن عبدالرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد، ثم يطلع عليهم رب العالمين فيقول: ألا يتبع كل إنسان ما كانوا يعبدونه، فيمثل لصاحب الصليب صليبه، ولصاحب التصاوير تصاويره، ولصاحب النار ناره، فيتبعون ما كانوا يعبدون، ويبقى المسلمون فيطلع عليهم رب العالمين فيقول: ألا تتبعون الناس. فيقولون: نعوذ بالله منك، نعوذ بالله منك، الله ربنا هذا مكاننا حتى نرى ربنا. وهو يأمرهم ويثبتهم ثم يتوارى ثم يطلع فيقول: ألا تتبعون الناس. فيقولون: نعوذ بالله منك، نعوذ بالله منك، الله ربنا وهذا مكاننا حتى نرى ربنا. وهو يأمرهم ويثبتهم» قالوا: وهل نراه يا رسول الله؟ قال: «وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟» قالوا: لا يا رسول الله. قال: «فإنكم لا تضارون في رؤيته تلك الساعة، ثم يتوارى ثم يطلع فيعرفهم نفسه، ثم يقول: أنا ربكم فاتبعوني. فيقوم المسلمون ويوضع الصراط، فيمرون عليه مثل جياد الخيل والركاب، وقولهم عليه سلم سلم، ويبقى أهل النار فيطرح منهم فيها فوج، ثم يقال: هل امتلأت؟ فتقول: هل من مزيد؟ ثم يطرح فيها فوج، فيقال: هل امتلأت؟ فتقول: هل من مزيد؟ حتى إذا أوعبوا فيها وضع الرحمن قدمه فيها، وأزوى بعضها إلى بعض، ثم قال: قط. قالت: قط قط. فإذا أدخل الله أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، قال: أتي بالموت ملببـا، فيوقف على السور الذي بين أهل الجنة وأهل النار، ثم يقال: يا أهل الجنة. فيطلعون خائفين، ثم يقال: يا أهل النار. فيطلعون مستبشرين يرجون الشفاعة، فيقال لأهل الجنة وأهل النار: هل تعرفون هذا؟ فيقولون هؤلاء وهؤلاء: قد عرفناه هو الموت الذي وكل بنا. فيضجع فيذبح ذبحا على السور الذي بين الجنة والنار، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود لا موت، ويا أهل النار خلود لا موت».
هذا حديث حسن صحيح.
الحديث رواه أحمد (ج2 ص368-369) وعنده متابعة حفص بن ميسرة لعبدالعزيز بن محمد وهو الدراوردي.
:قال أبوعبدالرحمن: وذبح الموت يكون بعد الشفاعات، ومن يخرج من النار من الموحدين كما في «مسند أحمد» (ج2 ص344)، قال الإمام أحمد -رحمه الله-: ثنا موسى بن داود ثنا ليث(1) عن محمد بن عجلان عن أبي الزناد(2) عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، نادى مناد: يا أهل الجنة خلودا فلا موت فيه، ويا أهل النار خلودا فلا موت فيه».
قال: وذكر لي خالد بن زيد(3) أنه سمع أبا الزبير يذكر مثله عن جابر وعبيد بن عمير، إلا أنه يحدث عنهما أن ذلك بعد الشفاعات ومن يخرج من النار.
فائدتان:
الأولى: عقب الترمذي هذا الحديث بحديث بعده يدل على ذبح الموت ثم قال: وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- روايات كثيرة، مثل ذا ما يذكر فيه أمر الرؤية أن الناس يرون ربهم، وذكر القدم وما أشبه هذه الأشياء، والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل: سفيان الثوري ومالك بن أنس وسفيان بن عيينة وابن المبارك ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء وقالوا: تروى هذه الأحاديث ويؤمن بها، ولا يقال: كيف؟ وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن يرووا هذه الأشياء كما جاءت ويؤمن بها ولا تفسر ولا يتوهم، ولا يقال: كيف؟ وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه، ومعنى قوله في الحديث «فيعرفهم نفسه» يعني: يتجلى لهم. اهـ
الثانية: إذا قرئت هذه الأحاديث على بعض المتعصبة طعنوا فيها ولو رجعوا إلى كتب أئمتهم لوجدوا فيها ما يلزمهم بقبولها، ففي «أمالي المرشد بالله» (ج1 ص28) حديث أنس بسنده: «يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن ذرة من الخير».
وقبل هذا الحديث حديث أبي هريرة: «من قال: لا إله إلا الله، نفعه من دهره ولو بعد ما يصيبه العذاب».
وفي سند حديث أبي هريرة حفص الغاضري، وهو حفص بن سليمان المقرئ كما في «موضح أوهام الجمع والتفريق» (ج2 ص48) و«ميزان الاعتدال»، وقد قال الحافظ الذهبي في «الميزان»: كان ثبتا في القراءة، واهيا في الحديث.
_______________________
(1) ليث: هو ابن سعد المصري.
(2) أبوالزناد لم يسمع من أبي هريرة، فالحديث منقطع من هذا الوجه.
(3) الظاهر أنه خالد بن يزيد الجمحي، وأنها سقطت الياء. والقائل: (وذكر لي) هو الليث بن سعد فهو من الرواة عن خالد بن يزيد الجمحي، والله أعلم.
فهرس الكتاب |
|
|