89- قال البخاري -رحمه الله- (ج7 ص193): حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثنا عبدالملك حدثنا عبدالله بن الحارث حدثنا العباس بن عبدالمطلب -رضي الله عنه- قال للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ما أغنيت عن عمك فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: «هو في ضحضاح(1) من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار».
الحديث أخرجه البخاري (ج10 ص592) و(ج11 ص419)، ومسلم (ج1 ص194-195)، وأحمد (ج1 ص206، 207، 210).
90- قال البخاري -رحمه الله- (ج7 ص193): حدثنا عبدالله بن يوسف حدثنا الليث حدثني ابن الهاد عن عبدالله بن خباب عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وذكر عنده عمه فقال: «لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه».
الحديث أخرجه البخاري أيضا (ج11 ص417)، ومسلم (ج1 ص195)، وأحمد (ج3 ص8-9).
هذان الحديثان يدلان على أن أبا طالب مات كافرا، إذ لو كان مسلما لخرج من النار مع الموحدين كما تواترت الأحاديث بخروج الموحدين من النار، وسيأتي إن شاء الله بعض الأحاديث في ذلك.
ويؤيد دلالة هذين الحديثين على عدم إسلام أبي طالب ما رواه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص465) -طبعة حلبية مع «الفتح» - فقال البخاري -رحمه الله-: حدثنا إسحاق أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثني أبي عن صالح عن ابن شهاب قال: أخبرني سعيد بن المسيب عن أبيه أنه أخبره أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبدالله بن أبي أمية بن المغيرة، قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لأبي طالب: «يا عم قل: لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله» فقال أبوجهل وعبدالله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبدالمطلب. فلم يزل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يعرضها عليه ويعودان بتلك المقالة حتى قال أبوطالب آخر ما كلمهم: هو على ملة عبدالمطلب. وأبى أن يقول: لا إله إلا الله. فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك» فأنزل الله تعالى فيه: ﴿ما كان للنبي﴾ الآية.
الحديث أخرجه في مواضع في «صحيحه» منها (ج8 ص194) وفيه: فنزلت: ﴿ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم﴾، ونزلت: ﴿إنك لا تهدي من أحببت﴾، و(ج9 ص411) و(ج10 ص124)، وأخرجه مسلم (ج1 ص214)، والنسائي (ج4 ص74)، وأحمد (ج5 ص433)، وابن جرير (ج11 ص41).
وما أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص216) مع النووي، فقال -رحمه الله-: حدثنا محمد بن عباد وابن أبي عمر قالا: حدثنا مروان عن يزيد وهو ابن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لعمه عند الموت: «قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة» فأبى فأنزل الله ﴿إنك لا تهدي من أحببت﴾ الآية.
وأخرجه من طريق آخر ينتهي إلى يزيد بن كيسان، وفيه قال: لولا أن تعيرني قريش يقولون: إنما حمله على ذلك الجزع، لأقررت بها عينك، فأنزل الله الآية.
الحديث أخرجه الترمذي (ج4 ص159) مع «التحفة» طبعة هندية، وأحمد (ج2 ص441)، وابن جرير (ج20 ص91)، والبيهقي في «شعب الإيمان» ص(54)، وقال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن كيسان.
وما أخرجه أبوداود في «سننه» (ج3 ص547) فقال -رحمه الله-: حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثني أبوإسحاق عن ناجية بن كعب عن علي -عليه السلام- قال: قلت للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: إن عمك الشيخ الضال قد مات. قال: «اذهب فوار أباك ثم لا تحدثن شيئا حتى تأتيني» فذهبت فواريته وجئته فأمرني فاغتسلت ودعا لي.
الحديث أخرجه النسائي (ج1 ص92) و(ج4 ص65)، وابن أبي شيبة (ج3 ص269)، وابن الجارود ص(192)، وأحمد (ج1 ص97)، والبيهقي (ج3 ص398). وفيه عند النسائي (ج1 ص92)، وأحمد (ج1 ص97) وابن الجارود: أنه مات مشركا.
الحديث رجاله رجال الصحيح إلا ناجية بن كعب، وقد قال الحافظ الذهبي في «الميزان»: توقف ابن حبان في توثيقه وقواه غيره، وذكره يحيى ابن معين فقال: صالح الحديث، وقال ابن المديني: لا أعلم أحدا حدث عن ناجية بن كعب سوى ابن(2) إسحاق.
قال الذهبي -رحمه الله- متعقبا كلام ابن المديني: قلت: بلى، وولده يونس ابن أبي إسحاق. وقال الجوزجاني في «الضعفاء»: مذموم. وقال أبوحاتم: شيخ. اهـ
:قال أبوعبدالرحمن: الظاهر أن حديثه لا ينزل عن الحسن، وأما الحافظ إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني فهو شديد التحامل على أصحاب علي -رضي الله عنه-.
وللحديث طريق آخر يرتقي به إلى الصحة.
قال الإمام أحمد -رحمه الله- (ج1 ص103): ثنا إبراهيم بن أبي العباس ثنا الحسن بن يزيد الأصم قال: سمعت السدي إسماعيل يذكره عن أبي عبدالرحمن السلمي عن علي -رضي الله عنه-، وذكر الحديث.
وقال عبدالله بن أحمد -رحمه الله- في «زوائد المسند» (ج1 ص129): ثنا زكريا بن يحيى زحمويه وثنا محمد بن بكار، وثنا إسماعيل أبومعمر وسريج ابن يونس قالوا: ثنا الحسن بن يزيد(3) الأصم به.
وقال البخاري -رحمه الله- (ج3 ص450): حدثنا أصبغ قال: أخبرني ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- أنه قال: يا رسول الله أين(4) تنزل في دارك بمكة؟ فقال: «وهل ترك عقيل من رباع أو دور؟» وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب ولم يرثه جعفر ولا علي -رضي الله عنهما- شيئا لأنهما كانا مسلمين وكان عقيل وطالب كافرين.
الحديث أخرجه مسلم (ج2 ص984).
وجه الاستدلال بهذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم» أخرجه الستة من حديث أسامة بن زيد، فعلي وجعفر لكونهما مسلمين لم يرثا أبا طالب لأنه مات كافرا، ولا يرث المسلم الكافر، والله أعلم.
وإن كنت تريد المزيد من الردود على شبهات الشيعة حول إسلام أبي طالب، فراجع «الإصابة» (ج4 ص115)، و«المواهب في الرد على من يقول بإسلام أبي طالب» لأخينا الفاضل الشيخ أبي عبدالله قاسم التعزي فإنه أجاد وأفاد حفظه الله.
91- قال الإمام الخطيب في «التاريخ» (ج3 ص380): أنبأنا أبونعيم حدثنا محمد بن فارس قال حدثني خطاب بن عبدالدائم الأرسوفي بها حدثنا يحيى ابن المبارك عن شريك عن منصور عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «شفعت في هؤلاء النفر: في أبي وعمي أبي طالب وأخي من الرضاعة -يعني ابن السعدية- ليكونوا من بعد البعث هباء».
ثم ذكر أنه باطل بهذا الإسناد.
خطاب: هو ابن عبدالدائم وهو ضعيف يعرف برواية المناكير عن يحيى ابن المبارك الشامي الصنعاني وهو مجهول. ثم قال: وقال فيه: عن منصور عن ليث ومنصور بن المعتمر لا يروي عن ليث بن أبي سليم(5). اهـ
وفيه أيضا محمد بن فارس رافضي غال ضعيف الحديث. فالحديث ضعيف وهو موافق لبدعته أيضا.
_______________________
(1) الضحضاح: اليسير، القليل.
(2) الصواب: (أبوإسحاق)، كما في «مسند أحمد» (ج1 ص97).
(3) في «المسند» في هذا الموضع: (ابن زيد)، والصواب: (ابن يزيد) كما تقدم وكما في «تهذيب التهذيب».
(4) حذف أداة الاستفهام، والتقدير: أتنزل في دارك؟، كما في «صحيح مسلم».
(5) قال أبوعبدالرحمن: ذكر هذا في ترجمة محمد بن فارس.
فهرس الكتاب |
|
|