قال ابن الأثير في «النهاية»: قد تكرر ذكر الشفاعة في الحديث فيما يتعلق بأمور الدنيا والآخرة، وهي: السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم بينهم، يقال: شفع يشفع شفاعة فهو شافع وشفيع، والمشفع: الذي يقبل الشفاعة، والمشفع: الذي تقبل شفاعته. اهـ
وفي «القاموس» و«تاج العروس»: والشفيع: صاحب الشفاعة، والجمع: شفعاء، وهو: الطالب لغيره يتشفع به إلى المطلوب.
وفيهما أيضا: وشفعته فيه تشفيعا حين شفع -كمنع- شفاعة، أي قبلت شفاعته كما في «العباب»، قال حاتم يخاطب النعمان:
فككت عديا كلها من إسارها
فأفضل وشفعني بقيس بن جحدر
وفي حديث الحدود: «إذا بلغ الحد السلطان فلعن الله الشافع والمشفع»(1).
وفي حديث ابن مسعود: «القرآن شافع مشفع، وماحل(2) مصدق»(3).
أي من اتبعه وعمل بما فيه فهو شافع مقبول الشفاعة من العفو عن فرطاته، ومن ترك العمل به تم على إساءته، وصدق عليه فيما يرفع من مساويه، فالمشفع: الذي يقبل الشفاعة، والمشفع: الذي تقبل شفاعته، ومنه حديث: «اشفع تشفع»، واستشفعه إلى فلان: أي سأله أن يشفع له إليه، وأنشد الصغاني للأعشى:
تقول بنتي وقد قربت مرتحلا
يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا
واستشفعت من سراة الحي ذا شرف(4)
فقد عصاها أبوها والذي شفعا
يريد: والذي أعان وطلب الشفاعة فيها، وأنشد أبوليلى:
زعمت معاشر أنني مستشفع
لما خرجت أزوره أقلامها
قال: زعموا أني أستشفع أقلامهم في الممدوح أي بكتبهم. اهـ مختصرا.
وذكر الزمخشري في «أساس البلاغة» بعض ما تقدم، ثم قال: وقال آخر:
مضى زمن والناس يستشفعون بي
فهل لي إلى ليلى الغداة شفيع
والمعاني الشرعية موافقة للمعاني اللغوية. فمن الشفعاء من يشفع ابتداء، ومنهم من يشفع بعد الطلب، كما سيأتي إن شاء الله بيانه في الأحاديث.
_______________________
(1) سيأتي إن شاء الله: أن الصحيح أنه موقوف على الزبير بن العوام رضى الله عنه.
(2) ماحل: يعني مدافع مجادل من المحال، وهو الكيد وقيل: المكر، وقيل: القوة والشدة. اهـ من «النهاية» لابن الأثير.
(3) موقوف عليه، وصح مرفوعا من حديث جابر كما سيأتي إن شاء الله.
(4) في «أساس البلاغة» و«لسان العرب»: ذا ثقة.
فهرس الكتاب |
|
|