1- قال البخاري -رحمه الله- (ج8 ص395): حدثنا محمد بن مقاتل أخبرنا عبدالله(1) أخبرنا أبوحيان التيمي عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أتي رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بلحم، فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه فنهس منها نهسة ثم قال: «أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذلك؟ يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: عليكم بآدم. فيأتون آدم -عليه السلام- فيقولون له: أنت أبوالبشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض(2)، وقد سماك الله عبدا شكورا، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي عز وجل قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات- فذكرهن أبوحيان في الحديث- نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول الله، فضلك الله برسالته وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وكلمت الناس في المهد صبيا، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه فيقول عيسى إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله -ولم يذكر ذنبا- نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. فيأتون محمدا، فيقولون: يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي عز وجل، ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع. فأرفع رأسي فأقول: أمتي يا رب، أمتي يا رب(3). فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب. -ثم قال- والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وحمير، أو كما بين مكة وبصرى».
الحديث أخرجه مسلم (ج1 ص184)، والترمذي (ج4 ص43)، وأحمد (ج2 ص435)، وابن خزيمة(4) ص(242)، وأبوعوانة (ج1 ص171)، وعندهم كلهم إلا البخاري وأبا عوانة: «ما بين مكة وهجر».
2- قال البخاري -رحمه الله- (ج13 ص392): حدثني معاذ بن فضالة حدثنا هشام(5) عن قتادة عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «يجمع الله المؤمنين(6) يوم القيامة كذلك، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا. فيأتون آدم، فيقولون: يا آدم أما ترى الناس؟ خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، اشفع لنا إلى ربك، حتى يريحنا من مكاننا هذا. فيقول: لست هناكم -ويذكر لهم خطيئته التي أصاب- ولكن ائتوا نوحا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض. فيأتون نوحا، فيقول: لست هناك -ويذكر خطيئته التي أصاب- ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن. فيأتون إبراهيم، فيقول: لست هناكم -ويذكر لهم خطاياه التي أصابها- ولكن ائتوا موسى عبدا آتاه الله التوراة، وكلمه تكليما. فيأتون موسى، فيقول: لست هناكم -ويذكر لهم خطيئته التي أصاب- ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمته وروحه. فيأتون عيسى، فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمدا -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عبدا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فيأتونني فأنطلق فأستأذن على ربي، فيؤذن لي عليه، فإذا رأيت ربي(7) وقعت له ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال لي: ارفع محمد، قل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأحمد ربي بمحامد علمنيها، ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة، ثم أرجع فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال: ارفع محمد، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأحمد ربي بمحامد علمنيها، ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة، ثم أرجع فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال: ارفع محمد، قل يستمع، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأحمد ربي بمحامد علمنيها، ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة، ثم أرجع فأقول: يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود»(8).
فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه ما يزن من الخير ذرة».
الحديث أعاده البخاري ص(422)، وأخرجه مسلم (ج1 ص180)، وأبوعوانة (ج1 ص178-179) وابن ماجة (ج2 ص1442)، وأحمد (ج3 ص116، 244، 247)، والطيالسي (ج2 ص227) من «ترتيب المسند» من رواية همام عن قتادة به.
3- قال البخاري -رحمه الله- (ج13 ص473): حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد حدثنا معبد بن هلال العنزي قال: اجتمعنا ناس من أهل البصرة، فذهبنا إلى أنس بن مالك، وذهبنا معنا بثابت البناني إليه يسأله لنا عن حديث الشفاعة، فإذا هو في قصره، فوافقناه يصلي الضحى فاستأذنا فأذن لنا وهو قاعد على فراشه. فقلنا لثابت: لا تسأله عن شيء أول من حديث الشفاعة. فقال: يا أبا حمزة هؤلاء إخوانك من أهل البصرة جاءوك يسألونك عن حديث الشفاعة. فقال: حدثنا محمد صلى الله عليه وعلى آله قال: «إذا كان يوم القيامة ماج الناس في بعض، فيأتون آدم فيقولون: اشفع لنا إلى ربك. فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم(9) فإنه خليل الرحمن. فيأتون إبراهيم، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله. فيأتون موسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى فإنه روح الله وكلمته. فيأتون عيسى، فيقول: لست لها ولكن عليكم بمحمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. فيأتوني فأقول: أنا لها فأستأذن على ربي فيؤذن لي، ويلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن فأحمده بتلك المحامد وأخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع. فأقول: يا رب أمتي أمتي. فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان. فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعط، واشفع تشفع. فأقول: يا رب أمتي أمتي. فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان. فأنطلق فأفعل، ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع. فأقول: يا رب أمتي أمتي. فيقول: انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجه من النار من النار من النار. فأنطلق فأفعل».
فلما خرجنا من عند أنس، قلت لبعض أصحابنا: لو مررنا بالحسن وهو متوار في منزل أبي خليفة فحدثنا بما حدثنا أنس بن مالك. فأتيناه فسلمنا عليه، فأذن لنا فقلنا له: يا أبا سعيد جئناك من عند أخيك أنس بن مالك، فلم نر مثل ما حدثنا في الشفاعة. فقال: هيه. فحدثناه بالحديث فانتهى إلى هذا الموضع، فقال: هيه. فقلنا: لم يزد لنا على هذا. فقال: لقد حدثني وهو جميع(10) منذ عشرين سنة، فلا أدرى أنسي أم كره أن تتكلوا. فقلنا: يا أبا سعيد فحدثناه. فضحك وقال: خلق الإنسان عجولا، ما ذكرته إلا وأنا أريد أحدثكم، حدثني كما حدثكم به، قال: «ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعط واشفع تشفع. فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله. فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله».
الحديث أخرجه مسلم (ج1 ص182) وفيه قال -أي معبد بن هلال-: فأشهد على الحسن أنه حدثنا أنه سمع أنس بن مالك أراه قبل عشرين سنة وهو جميع. وأخرجه أبوعوانة (ج1 ص183-184) مختصرا.
4- قال مسلم -رحمه الله- (ج1 ص186): حدثنا محمد بن طريف بن خليفة البجلي حدثنا محمد بن فضيل حدثنا أبومالك الأشجعي(11) عن أبي حازم عن أبي هريرة، وأبومالك عن ربعي عن حذيفة قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «يجمع الله تبارك وتعالى الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم فيقولون: يا أبانا استفتح لنا الجنة. فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم؟ لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله. قال: فيقول إبراهيم: لست بصاحب ذلك إنما كنت خليلا من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى -صلى الله عليه وسلم- الذي كلمه الله تكليما. فيأتون موسى -صلى الله عليه وسلم-، فيقول: لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه فيقول عيسى -صلى الله عليه وسلم-: لست بصاحب ذلك. فيأتون محمدا -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيقوم فيؤذن له، وترسل الأمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا، فيمر أولكم كالبرق». قال: قلت: بأبي أنت وأمي أي شيء كمر البرق؟ قال: «ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين؟ ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، وشد الرجال(12)، تجري بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سلم سلم. حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا، قال وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكدوس في النار» والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعون خريفا.
الحديث أخرجه ابن خزيمة ص(245)، وأبوعوانة (ج1 ص174-175) مختصرا، والحاكم (ج4 ص589) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، كذا قال، وقد أخرجه مسلم. وسعد بن طارق أبومالك الأشجعي من رجال مسلم، وروى له البخاري تعليقا، فالحديث على شرط مسلم، لكنه قد أخرجه فلا معنى لاستدراكه.
5- قال الإمام أحمد -رحمه الله- (ج1 ص4): ثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال: حدثني النضر بن شميل المازني قال: حدثني أبونعامة(13) قال: حدثني أبوهنيدة البراء بن نوفل عن والان العدوي عن حذيفة عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: أصبح رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ذات يوم فصلى الغداة، ثم جلس حتى إذا كان من الضحى ضحك رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ثم جلس مكانه حتى صلى الأولى والعصر والمغرب، كل ذلك لا يتكلم حتى صلى العشاء الآخرة ثم قام إلى أهله، فقال الناس لأبي بكر: ألا(14) تسأل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ما شأنه، صنع اليوم شيئا لم يصنعه قط. قال: فسأله، فقال: «نعم، عرض علي ما هو كائن من أمر الدنيا وأمر الآخرة، فجمع الأولون والآخرون بصعيد واحد، ففظع الناس بذلك حتى انطلقوا إلى آدم -عليه السلام-، والعرق يكاد يلجمهم، فقالوا: يا آدم أنت أبو البشر وأنت اصطفاك الله عز وجل، اشفع لنا إلى ربك. قال: لقد لقيت مثل الذي لقيتم، انطلقوا إلى أبيكم بعد أبيكم إلى نوح ﴿إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين﴾ قال: فينطلقون إلى نوح -عليه السلام- فيقولون: اشفع لنا إلى ربك، فأنت اصطفاك الله واستجاب لك في دعائك ولم يدع على الأرض من الكافرين ديارا. فيقول: ليس ذاكم عندي انطلقوا إلى إبراهيم -عليه السلام- فإن الله عز وجل اتخذه خليلا، فينطلقون إلى إبراهيم فيقول ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى موسى -عليه السلام-، فإن الله عز وجل كلمه تكليما. فيقول موسى -عليه السلام-: ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى عيسى ابن مريم، فإنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى(15). فيقول عيسى: ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى سيد ولد آدم، فإنه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، انطلقوا إلى محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيشفع لكم إلى ربكم عز وجل. قال: فينطلق فيأتي جبريل -عليه السلام- ربه فيقول الله عز وجل: ائذن له وبشره بالجنة. قال: فينطلق به جبريل فيخر ساجدا قدر جمعة، ويقول الله عز وجل: ارفع رأسك يا محمد، وقل يسمع واشفع تشفع. قال: فيرفع رأسه فإذا نظر إلى ربه عز وجل خر ساجدا قدر جمعة أخرى، فيقول الله عز وجل: ارفع رأسك وقل يسمع واشفع تشفع. قال: فيذهب ليقع ساجدا فيأخذ جبريل -عليه السلام- بضبعيه، فيفتح الله عز وجل عليه من الدعاء شيئا لم يفتحه على بشر قط، فيقول: أي رب خلقتني سيد ولد آدم ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر. حتى إنه ليرد علي الحوض أكثر مما بين صنعاء وأيلة، ثم يقال: ادعوا الصديقين فيشفعون. ثم يقال: ادعوا الأنبياء. قال: فيجيء النبي ومعه العصابة، والنبي ومعه الخمسة والستة، والنبي وليس معه أحد، ثم يقال: ادعوا الشهداء فيشفعون لمن أرادوا. وقال: فإذا فعلت الشهداء ذلك، قال: يقول الله عز وجل: أنا أرحم الراحمين، أدخلوا جنتي من كان لا يشرك بي شيئا. قال: فيدخلون الجنة. قال: ثم يقول الله عز وجل: انظروا في النار، هل تلقون من أحد عمل خيرا قط. قال: فيجدون في النار رجلا، فيقول له: هل عملت خيرا قط؟ فيقول: لا غير أني كنت أسامح الناس في البيع والشراء. فيقول الله عز وجل: أسمحوا لعبدي كإسماحه إلى عبيدي. ثم يخرجون من النار رجلا فيقول له: هل عملت خيرا قط؟ فيقول: لا غير أني قد أمرت ولدي إذا مت فأحرقوني بالنار ثم اطحنوني حتى إذا كنت مثل الكحل فاذهبوا بي إلى البحر، فاذروني في الريح، فوالله لا يقدر علي رب العالمين أبدا. فقال الله عز وجل: لم فعلت ذلك؟ قال: من مخافتك. قال: فيقول الله عز وجل: انظر إلى ملك أعظم ملك فإن لك مثله وعشرة أمثاله. قال: فيقول: لم تسخر بي وأنت الملك؟ قال: وذاك الذي ضحكت منه من الضحى».
الحديث أخرجه ابن خزيمة ص(310)، وأبوعوانة (ج1 ص175)، وابن حبان كما في «موارد الظمآن» ص(642) وأبوبكر أحمد بن علي الأموي في «مسند الصديق» ص(48)، وأشار إليه البخاري في «التاريخ» (ج8 ص185)، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج10 ص375): رواه أحمد وأبويعلى بنحوه والبزار ورجالهم ثقات. ورمز الهندي في «كنز العمال» (ج14 ص631) لضعفه، وقال الدارقطني في «العلل»: (والان) مجهول. والحديث غير ثابت كما في «الكنز».
:قال أبوعبدالرحمن: (والان) وثقه ابن معين كما في «تعجيل المنفعة»، وروى عنه اثنان كما في «التوحيد» لابن خزيمة ص(312) فحديثه يصلح في الشواهد والمتابعات، وما انفرد به توقف فيه، وقد انفرد هنا بالسجود مرتين قدر جمعة، وبقوله: «ادعوا الصديقين»، وتقديمهم على الأنبياء، وبقصة الذي أوصى بأن يحرق، وقصة الوصية بالإحراق في «الصحيحين» في غير حديث الشفاعة ومن غير هذه الطريق، والله أعلم.
6- قال الإمام أحمد -رحمه الله- (ج1 ص281): ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة(16) قال: خطبنا ابن عباس على منبر البصرة فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إنه لم يكن نبي إلا له دعوة قد تنجزها في الدنيا، وإني قد اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي، وأنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، آدم فمن دونه تحت لوائي ولا فخر، ويطول يوم القيامة على الناس، فيقول بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى آدم أبي البشر، فليشفع لنا إلى ربنا عز وجل، فليقض بيننا. فيأتون آدم -صلى الله عليه وسلم- فيقولون: يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده وأسكنك جنته وأسجد لك ملائكته، اشفع لنا إلى ربنا فليقض بيننا. فيقول: إني لست هناكم، إني قد أخرجت من الجنة بخطيئتي، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا نوحا رأس النبيين. فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح اشفع لنا إلى ربنا فليقض بيننا. فيقول: إني لست هناكم، إني دعوت بدعوة أغرقت أهل الأرض، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الله. فيأتون إبراهيم -عليه السلام- فيقولون: يا إبراهيم اشفع لنا إلى ربنا فليقض بيننا. فيقول: إني لست هناكم، إني كذبت في الإسلام ثلاث كذبات. -[والله إن حاول بهن إلا عن دين الله](17) قوله: ﴿إني سقيم﴾ وقوله: ﴿بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون﴾ وقوله لامرأته حين أتى على الملك: أختي.(18) - وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا موسى -عليه السلام- الذي اصطفاه الله برسالته وكلامه. فيأتونه فيقولون: يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالته وكلمك، فاشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا. فيقول: لست هناكم إني قتلت نفسا بغير نفس، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته. فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى اشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا. فيقول: إني لست هناكم إني اتخذت إلها من دون الله، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن أرأيتم لو كان متاع في وعاء مختوم عليه أكان يقدر على ما في جوفه حتى يفض الخاتم؟ قال: فيقولون: لا. قال: فيقول: إن محمدا -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خاتم النبيين، وقد حضر اليوم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: فيأتوني فيقولون: يا محمد اشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا. فأقول: أنا لها. حتى يأذن الله عز وجل لمن شاء ويرضى، فإذا أراد الله تبارك وتعالى أن يصدع بين خلقه نادى مناد: أين أحمد وأمته؟ فنحن الآخرون الأولون، نحن آخر الأمم وأول من يحاسب، فتفرج لنا الأمم عن طريقنا فنمضي غرا محجلين من أثر الطهور، فتقول الأمم: كادت هذه الأمة أن تكون أنبياء كلها. فنأتي باب الجنة فآخذ بحلقة الباب فأقرع الباب، فيقال: من أنت؟ فأقول: أنا محمد. فيفتح لي فآتي ربي عز وجل على كرسيه أو سريره -شك حماد- فأخر له ساجدا فأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد كان قبلي وليس يحمده بها أحد بعدي، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأقول: أي رب أمتي أمتي. فيقول: أخرج من كان في قلبه مثقال كذا وكذا. -لم يحفظ حماد- ثم أعيد فأسجد فأقول ما قلت، فيقال: ارفع رأسك وقل تسمع واشفع تشفع. فأقول: أي رب أمتي أمتي. فيقول: أخرج من كان في قلبه مثقال كذا وكذا دون الأول. ثم أعيد فأسجد فأقول مثل ذلك فيقال لي: ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع. فأقول: أي رب أمتي أمتي. فيقال: أخرج من كان في قلبه مثقال كذا وكذا دون ذلك».
الحديث أعاده ص(295) فقال: ثنا حسن(19) ثنا حماد بن سلمة به. وأخرجه أبوداود الطيالسي (ج2 ص226) من «ترتيب المسند»، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج1 ص373): رواه أبويعلى وأحمد وفيه علي ابن زيد وقد وثق على ضعفه، وبقية رجالهما رجال الصحيح.
:قال أبوعبدالرحمن: علي بن زيد صالح في الشواهد والمتابعات، وهو هنا في الشواهد، ويستنكر في هذا الحديث قول عيسى: «إني اتخذت إلها من دون الله» ففي الصحيح أنه لم يذكر ذنبا، على أن هذا لا يعد ذنبا لعيسى والله أعلم(20).
7- قال الإمام عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي -رحمه الله- في «سننه» (ج2 ص327): حدثنا عبدالله بن يزيد حدثنا عبدالرحمن بن زياد ثنا دخين الحجري عن عقبة بن عامر الجهني قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «إذا جمع الله الأولين والآخرين فقضى بينهم وفرغ من القضاء، قال المؤمنون: قد قضى بيننا ربنا فمن يشفع لنا إلى ربنا؟ فيقولون: انطلقوا إلى آدم فإن الله خلقه بيده وكلمه. فيأتونه فيقولون: قم فاشفع لنا إلى ربنا. فيقول آدم: عليكم بنوح. فيأتون نوحا فيدلهم على إبراهيم، فيأتون إبراهيم فيدلهم على موسى، فيأتون موسى فيدلهم على عيسى، فيأتون عيسى فيقول: أدلكم على النبي الأمي. قال: فيأتوني فيأذن تعالى لي أن أقوم إليه، فيثور مجلسي أطيب ريح شمها أحد قط حتى آتي ربي فيشفعني ويجعل لي نورا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي، فيقول الكافرون عند ذلك لإبليس: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم، فقم أنت فاشفع لنا إلى ربك فإنك أنت أضللتنا. قال: فيقوم فيثور مجلسه أنتن ريح شمها أحد قط ثم يعظم(21) لجهنم، فيقول عند ذلك: ﴿وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم1 إلى آخر الآية.
الحديث أخرجه ابن جرير(ج13 ص201) مختصرا، وقال الهيثمي في «المجمع» (ج10 ص376): رواه الطبراني وفيه عبدالرحمن بن زياد بن أنعم وهو ضعيف. قلت: لكنه يصلح في الشواهد والمتابعات. والألفاظ التي لا شواهد لها «يجعل لي نورا من شعر رأسي إلى قدمي»، وقول إبليس.
8- قال البخاري -رحمه الله- (ج8 ص399): حدثنا إسماعيل بن أبان(22) حدثنا أبوالأحوص عن آدم بن علي قال: سمعت ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا كل أمة تتبع نبيها يقولون: يا فلان اشفع يا فلان اشفع. حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود.
هذا الحديث موقوف، لكنه قد جاء رفعه عند ابن جرير (ج15 ص146) من حديث محمد بن عبدالله بن عبدالحكم قال: ثنا شعيب بن الليث قال: ثني الليث عن عبيدالله بن أبي جعفر أنه قال: سمعت حمزة بن عبدالله يقول: سمعت عبدالله بن عمر يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وذكر الحديث. الحديث رجاله رجال الصحيح، وقال الحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج10 ص371) بعد أن ذكر الحديث: هو في الصحيح باختصار من قوله: فيقضي الله بين الخلق إلى آخره. رواه الطبراني في الأوسط عن مطلب بن شعيب عن عبدالله بن صالح وكلاهما قد وثق على ضعف فيه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
9- قال الإمام مسلم -رحمه الله- (ج4 ص1782): حدثني الحكم بن موسى أبوصالح حدثنا هقل يعني ابن زياد عن الأوزاعي حدثني أبوعمار(23) حدثني عبدالله بن فروخ حدثني أبوهريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع».
الحديث أخرجه أبوداود (ج5 ص54)، وأحمد (ج2 ص540).
10- قال الترمذي -رحمه الله- (ج4 ص365): حدثنا أبوكريب(24) حدثنا وكيع عن داود بن يزيد الزعافري عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في قوله ﴿عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا﴾ سئل عنها قال: «هي الشفاعة».
هذا حديث حسن، وداود الزعافري هو داود الأودي ابن يزيد بن عبدالرحمن، وهو عم عبدالله بن إدريس.
الحديث أخرجه أحمد (ج2 ص441، 444، 528)، وابن جرير (ج15 ص145)، وأبونعيم في «الحلية» (ج8 ص372)، وفي «أخبار أصبهان» (ج2 ص368)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج1 ص207-208).
والحديث حسنه الترمذي، وهو حسن لغيره لأن داود بن يزيد ضعيف كما في التقريب، ووالده يزيد مجهول الحال فقد قال الحافظ في التقريب: مقبول. يعني إذا توبع وإلا فلين.
11- قال الإمام أحمد -رحمه الله- (ج3 ص2): ثنا هشيم ثنا علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع يوم القيامة ولا فخر».
الحديث أخرجه ابن ماجه (ج2 ص1440) وزاد فيه: «ولواء الحمد بيدي يوم القيامة ولا فخر»، ورواه الترمذي مختصرا، وقال: وفي الحديث قصة وهذا حديث حسن.
قلت: وهو حسن لغيره لأن الراجح هو ضعف علي بن زيد.
12- قال أبونعيم أحمد بن عبدالله الأصبهاني -رحمه الله- في «دلائل النبوة» (ج1 ص13): حدثنا عبدالله بن جعفر قال: حدثني الحسن بن علي الطوسي قال: ثنا محمد بن يحيى بن ميمون العتكي قال: ثنا عبدالأعلى قال: ثنا سعيد عن قتادة عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأنا أول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، لواء الحمد معي وتحته آدم ومن دونه ومن بعده من المؤمنين».
رجال الإسناد:
عبدالله بن جعفر بن أحمد بن فارس: ترجم له أبونعيم في «تاريخ أصبهان»، وذكره الذهبي في «تذكرة الحفاظ» ص(862) في المتوفين سنة ست وأربعين وثلاثمائة، فقال: ومسند بلاد العجم أبومحمد عبدالله بن جعفر ابن فارس الأصبهاني وذكره أيضا في «العبر» (ج2 ص272).
والحسن بن علي الطوسي ترجمته في «لسان الميزان» (ج2 ص232) وهو حافظ تكلم فيه ودافع عنه الحاكم وترجم له أبونعيم في «أخبار أصبهان» (ج1 ص262) فقال: كان صاحب أصول، سمع «الأنساب»(25) من الزبير بن بكار والقرآن عن أبي حاتم، و«مسائل أحمد بن حنبل وإسحاق» عن إسحاق الكوسج.
وعبدالأعلى هو ابن عبدالأعلى السامي من رجال الجماعة.
وبقية السند معروفون مشهورون إلا محمد بن يحيى بن ميمون العتكي فلم أجد له ترجمة. وقد قال الهيثمي في «المجمع» (ج10 ص308): لم أعرفه.
13- قال الترمذي -رحمه الله- (ج5 ص248): حدثنا علي بن نصر بن علي أخبرنا عبيدالله بن عبدالمجيد حدثنا زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس قال: جلس ناس من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ينتظرونه، قال: فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم، فقال بعضهم: عجبا إن الله عز وجل اتخذ من خلقه خليلا اتخذ إبراهيم خليلا. وقال آخر: ماذا بأعجب من كلام موسى كلمه تكليما؟ وقال آخر: فعيسى كلمة الله وروحه. وقال آخر: آدم اصطفاه الله. فخرج عليهم فسلم، وقال: «قد سمعت كلامكم وعجبكم، إن إبراهيم خليل الله وهو كذلك، وموسى نجي الله وهو كذلك، وعيسى روح الله وكلمته وهو كذلك، وآدم اصطفاه الله وهو كذلك، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتح الله لي فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر، وأنا أكرم الأولين والآخرين ولا فخر».
هذا حديث غريب.
الحديث أخرجه الدارمي (ج1 ص26)، وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في «التفسير» (ج1 ص560): وهذا حديث غريب من هذا الوجه ولبعضه شواهد في الصحاح.
:قال أبوعبدالرحمن: الحديث في سنده زمعة بن صالح وهو ضعيف كما في «التقريب»، وسلمة بن وهرام: وقد قال أحمد: روى أحاديث مناكير أخشى أن يكون ضعيفا. وقال أبوداود: ضعيف. وسرد له ابن عدي عدة أحاديث ثم قال: أرجو أنه لا بأس به، وقد وثقه ابن معين في رواية الكوسج، وأبوزرعة. اهـ مختصرا من «الميزان».
ومما يدل على ضعف هذا الحديث أن في الصحيح: «إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا».
14- قال مسلم -رحمه الله- (ج1 ص561): حدثنا محمد بن عبدالله بن نمير حدثنا أبي حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عبدالله بن عيسى بن عبدالرحمن ابن أبي ليلى عن جده عن أبي بن كعب قال: كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه. فأمرهما رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقرآ، فحسن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- شأنهما، فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا، وكأنما أنظر إلى الله عز وجل فرقـا، فقال لي: «يا أبي أرسل إلي: أن اقرأ القرآن على حرف. فرددت إليه: أن هون على أمتي. فرد إلي الثانية: اقرأه على حرفين. فرددت إليه: أن هون على أمتي. فرد إلي الثالثة: اقرأه على سبعة أحرف، فلك بكل ردة رددتها مسألة تسألنيها. فقلت: اللهم اغفر لأمتي اللهم اغفر لأمتي. وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-».
الحديث أخرجه أحمد (ج5 ص127، 129)، وابن حبان (ج2 ص83-84) من «ترتيب الصحيح»، وابن جرير (ج1 ص27، 38، 41) بتخريج أحمد شاكر، وفيه: «واختبأت الثالثة شفاعة لأمتي يوم القيامة».
قال الحافظ ابن كثير في «فضائل القرآن» ص(17) بعد أن ساق الحديث بسند ابن جرير: إسناد صحيح.
15- قال الإمام أحمد -رحمه الله- (ج5 ص137): ثنا أبوعامر ثنا زهير يعني ابن محمد عن عبدالله بن محمد عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم غير فخر».
قال: وسمعت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس واديا أو شعبا لكنت مع الأنصار».
وقال -رحمه الله-: ثنا أبوأحمد الزبيري(26) ثنا شريك عن عبدالله بن محمد ابن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إذا كان يوم القيامة كنت إمام الناس وخطيبهم وصاحب شفاعتهم ولا فخر».
الحديث أخرجه عبدالله بن أحمد في «زوائد المسند» (ج5 ص138) فقال: ثنا هاشم بن الحارث ثنا عبيدالله بن عمرو عن عبدالله بن محمد بن عقيل به.
وقال عبدالله أيضا: حدثنا عبيدالله بن عمر القواريري حدثنا محمد بن عبدالله بن الزبير ثنا شريك عن عبدالله بن محمد بن عقيل به.
وقال الإمام أحمد ص(138): ثنا زكريا بن عدي وأحمد بن عبدالملك الحراني ثنا عبيدالله بن عمرو عن عبدالله بن محمد بن عقيل به.
الحديث أخرجه الترمذي (ج5 ص247) وقال: حسن صحيح غريب، وابن ماجة (ج2 ص1443) وابن صاعد في «زوائد الزهد لابن المبارك» ص(562)، والحاكم (ج1 ص71) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه لتفرد عبدالله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، ولما نسب إليه من سوء الحفظ، وهو عند المتقدمين من أئمتنا ثقة مأمون. وأخرجه أيضا (ج4 ص87) وقال: صحيح الإسناد.
16- قال الإمام أحمد -رحمه الله- (ج5 ص199): ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا يزيد بن أبي حبيب عن عبدالرحمن بن جبير عن أبي الدرداء قال: قال رسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أنا أول من يؤذن له بالسجود يوم القيامة، وأنا أول من يؤذن له أن يرفع رأسه فأنظر إلى بين يدي فأعرف أمتي من بين الأمم، ومن خلفي مثل ذلك، وعن يميني مثل ذلك، وعن شمالي مثل ذلك» فقال له رجل: يا رسول الله كيف تعرف أمتك من بين الأمم فيما بين نوح إلى أمتك؟ قال: «هم غر محجلون من أثر الوضوء ليس أحد كذلك غيرهم، وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم يسعى بين أيديهم ذريتهم».
وقال: حدثنا يعمر(27) ثنا عبدالله أنبأنا ابن لهيعة حدثني يزيد بن أبي حبيب عن عبدالرحمن بن جبير بن نفير أنه سمع أبا ذر وأبا الدرداء قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أنا أول من يؤذن له في السجود» فذكر معناه.
الحديث ضعيف بهذا السند لأنه من رواية ابن لهيعة، وكون الراوي عنه في الرواية الثانية عبدالله وهو ابن المبارك فليس قولا واحدا للمحدثين: أنه إذا روى عنه أحد العبادلة وهم: عبدالله بن المبارك، وعبدالله بن وهب، وعبدالله بن يزيد المقرئ. ليس قولا واحدا أنه يكون مقبولا، فهذا ابن خزيمة وقد روى حديثا في «كتاب التوحيد» ص(291) من طريقه والراوي عنه ابن وهب، يقول: وأنا أبرأ إلى الله من عهدته. ويقول: ليس ابن لهيعة -رحمه الله- من شرطنا ممن يحتج به، وفي «الميزان»: قال ابن معين: هو ضعيف قبل أن تحترق كتبه وبعد احتراقها.
وقال أبوحاتم وأبوزرعة: أمره مضطرب يكتب حديثه للاعتبار، انتهى المراد من «الميزان». فعلى هذا فهذا الحديث حسن لغيره لكثرة شواهده.
17- قال الدارمي -رحمه الله- (ج1 ص26): حدثنا سعيد بن سفيان عن منصور بن أبي الأسود عن ليث عن الربيع بن أنس عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أنا أولهم خروجا وأنا قائدهم إذا وفدوا، وأنا خطيبهم إذا أنصتوا وأنا مشفعهم إذا حبسوا، وأنا مبشرهم إذا أيسوا، الكرامة والمفاتيح يومئذ بيدي، وأنا أكرم ولد آدم على ربي، يطوف علي ألف خادم كأنهم بيض مكنون أو لؤلؤ منثور».
الحديث أخرجه الترمذي (ج5 ص245)، وأبونعيم في «دلائل النبوة» (ج1 ص13)، وسنده ضعيف من أجل ليث بن أبي سليم، لكنه يستشهد به كما في مقدمة «صحيح مسلم».
18- قال الدارمي -رحمه الله- (ج1 ص27): أخبرنا عبدالله بن عبدالحكم ثنا بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن صالح -هو ابن عطاء بن خباب مولى بني الدئل- عن عطاء بن أبي رباح(28) عن جابر بن عبدالله أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «أنا قائد المرسلين ولا فخر، وأنا خاتم النبيين ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر».
قال المناوي في «فيض القدير»: قال الصدر المناوي: رجاله وثقهم الجمهور.
:قال أبوعبدالرحمن: صالح بن عطاء مجهول، ذكره البخاري في «تاريخه» (ج4 ص284)، وذكر الحديث ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأفاد المعلق على «التاريخ»، أن ابن حبان ذكره في «الثقات».
19- قال البخاري -رحمه الله- (ج1 ص435): حدثنا محمد بن سنان قال حدثنا هشيم (ح) قال: وحدثني سعيد بن النضر قال: أخبرنا هشيم قال: أخبرنا سيار قال: حدثنا يزيد -هو ابن صهيب الفقير- قال أخبرنا جابر بن عبدالله أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة(29)، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة».
الحديث أعاده البخاري ص(533)، وأخرجه مسلم (ج1 ص370)، والنسائي (ج1 ص172)، والدارمي (ج1 ص322-323)، وأبونعيم في «الحلية» (ج8 ص316).
20- قال الحميدي -رحمه الله- في «مسنده» (ج2 ص421): ثنا سفيان قال: ثنا الزهري عمن سمع أبا هريرة إما سعيد وإما أبوسلمة، وأكثر ذلك يقوله عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: جعلت لي الأرض كلها مسجدا وطهورا، ونصرت بالرعب، وأحلت لي المغانم، و أرسلت إلى الأحمر و الأسود، وأعطيت الشفاعة».
الحديث رجاله رجال الصحيح، ولا يضره تردد الزهري في شيخه أهو سعيد أم أبوسلمة لأن كليهما ثقة.
21- قال الإمام أحمد -رحمه الله- (ج3 ص456): ثنا يزيد بن عبدربه قال: حدثني محمد بن حرب قال: حدثني الزبيدي(30) عن الزهري عن عبدالرحمن ابن عبدالله بن كعب بن مالك عن كعب بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «يبعث الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل(31)، ويكسوني ربي تبارك وتعالى حلة خضراء، ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول، فذاك المقام المحمود».
الحديث أخرجه ابن جرير (ج15 ص146-147)، والحاكم (ج2 ص363) وقال: صحيح على شرط الشيخين وسكت عليه الذهبي، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج10 ص377): رواه الطبراني في «الكبير» و«الأوسط»، وأحد إسنادي «الكبير» رجاله رجال الصحيح.
:قال أبوعبدالرحمن: قد اختلف في سماع عبدالرحمن من جده كعب، ولا يضر هنا لأنه في الشواهد وللحديث شاهد موقوف:
قال ابن جرير -رحمه الله- (ج15 ص146): حدثنا ابن بشار قال: ثنا أبوعامر قال: ثنا إبراهيم بن طهمان عن آدم بن(32) علي قال: سمعت ابن عمر يقول: إن الناس يحشرون يوم القيامة، فيجيء مع كل نبي أمته، ثم يجيء رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في آخر الأمم هو وأمته، فيرقى هو وأمته على كوم فوق الناس، فيقول: يا فلان اشفع، ويا فلان اشفع. فما زال يردها بعضهم على بعض، يرجع ذلك إليه، وهو المقام المحمود الذي وعده الله إياه.
الحديث رجاله رجال الصحيح.
22- قال الترمذي -رحمه الله- (ج4 ص370): حدثنا ابن أبي عمر(33) أخبرنا سفيان عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، قال: فيفزع الناس ثلاث فزعات، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبونا آدم فاشفع لنا إلى ربك. فيقول: إني أذنبت ذنبا أهبطت منه إلى الأرض، ولكن ائتوا نوحا. فيأتون نوحا فيقول: إني دعوت على أهل الأرض دعوة فأهلكوا، ولكن اذهبوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيقول: إني كذبت ثلاث كذبات -ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ما منها كذبة إلا ما حل بها عن دين الله- ولكن ائتوا موسى. فيأتون موسى فيقول: إني قد قتلت نفسا، ولكن ائتوا عيسى. فيأتوا عيسى فيقول: إني عبدت من دون الله(34) ولكن ائتوا محمدا -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. قال: فيأتونني فأنطلق معهم» قال ابن جدعان: قال أنس: فكأني أنظر إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها فيقال: من هذا؟ فيقال: محمد. فيفتحون لي ويرحبون، فيقولون: مرحبا. فأخر ساجدا فيلهمني الله من الثناء والحمد، فيقال لي: ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع، وقل يسمع لقولك. وهو المقام المحمود الذي قال الله: ﴿عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا» 1
قال سفيان ليس عن أنس إلا هذه الكلمة: «فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها»(35).
هذا حديث حسن، وقد روى بعضهم هذا الحديث عن أبي نضرة عن ابن عباس، الحديث بطوله.
الحديث تقدم تخريجه مختصرا في الحديث الحادي عشر. وأما حديث ابن عباس الذي أشار إليه الترمذي فقد تقدم أيضا رقم (6).
23- قال ابن جرير -رحمه الله- (ج15 ص144): حدثنا محمد بن بشار قال: ثنا عبدالرحمن قال: ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن حذيفة قال: يجمع الناس في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر حفاة عراة كما خلقوا قياما، لا تكلم نفس إلا بإذنه، ينادى: يا محمد، فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس إليك، والمهدي من هديت، عبدك بين يديك، وبك وإليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، تباركت وتعاليت، سبحانك رب البيت. فهذا المقام المحمود الذي ذكره الله تعالى.
حدثنا محمد بن المثنى قال ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن حذيفة قال: يجمع الناس في صعيد واحد فلا تكلم نفس، فأول ما يدعو محمدا(36) النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فيقول محمد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: لبيك. ثم ذكر مثله.
وذكره ص(145) من طريق أبي إسحاق به.
الحديث رواه الطيالسي (ج2 ص21) من «ترتيب المسند»، والحاكم (ج2 ص363) وقال: صحيح على شرط الشيخين. وسكت عنه الذهبي، وأبونعيم في «الحلية» (ج1 ص278) وقال: رفعه عن أبي إسحاق جماعة، وقال الهيثمي (ج10 ص377): رواه البزار موقوفا ورجاله رجال الصحيح.
* قال أبونعيم -رحمه الله- في «الحلية» (ج4 ص349): حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن وأحمد بن السندي قالا: حدثنا أبوشعيب الحراني(37) قال: حدثنا جدي أحمد بن أبي شعيب قال: ثنا موسى بن أعين عن ليث عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن حذيفة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إني سيد الناس يوم القيامة يدعوني ربي فأقول: لبيك وسعديك، والخير بيديك، تباركت وتعاليت، لبيك وحنانيك والهادي من هديت، عبدك بين يديك، لا منجا منك إلا إليك، تباركت وتعاليت -وقال: - إن قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنة».
غريب من حديث أبي إسحاق عن صلة تفرد به موسى عن ليث.
وقال الهيثمي (ج10 ص377): رواه الطبراني في «الأوسط» وفيه ليث ابن أبي سليم وهو مدلس.
:قال أبوعبدالرحمن: ومختلط كما في الميزان، فالأشبه أنه موقوف والله أعلم. وقد تابع ليث بن سليم عبدالله المختار كما في كتاب اللالكائي (ج6 ص1113) ولكن الوقف أصح. والله أعلم.
24- قال ابن جرير -رحمه الله- (ج15 ص144): حدثنا سليمان بن عمر(38) ابن خالد الرقي قال: ثنا عيسى بن يونس عن رشدين بن كريب عن أبيه عن ابن عباس: قوله ﴿عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا﴾ قال: المقام المحمود مقام الشفاعة.
الحديث في سنده رشدين بن كريب، قال أحمد: منكر الحديث، وقال ابن المديني وجماعة: ضعيف، وقال البخاري: منكر الحديث وأخوه محمد فيه نظر. اهـ من «الميزان». وسليمان بن عمر ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وذكر أنه روى عن جماعة، وأن أباه كتب عنه.
25- قال ابن خزيمة -رحمه الله- ص(385): حدثنا عبدالله بن محمد الزهري قال: ثنا سفيان قال: حدثني معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال: سمعت ابن عباس يقول: اللهم تقبل شفاعة محمد الكبرى، وارفع درجته العليا، وأعطه سؤله في الآخرة والأولى كما آتيت إبراهيم وموسى.
الأثر أخرجه إسماعيل القاضي في «فضل الصلاة على النبي» ص(52) وعبدالرزاق (ج2 ص211)، وقال السخاوي في «القول البديع» ص(46): رواه عبد بن حميد في «مسنده» وعبدالرزاق وإسماعيل القاضي وإسناده جيد قوي صحيح. وقال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (ج3 ص513): إسناده جيد قوي صحيح.
:قال أبوعبدالرحمن: هو على شرط الشيخين.
26- قال ابن أبي شيبة في «كتاب الإيمان» ص(12): حدثنا أبومعاوية عن عاصم(39) عن أبي عثمان عن سلمان قال: يقال له: سل تعطه -يعني النبي صلى اله عليه وعلى آله وسلم- واشفع تشفع، وادع تجب. قال: فيرفع رأسه فيقول: رب أمتي أمتي مرتين أو ثلاثا -قال سلمان: - فيشفع في كل من كان في قلبه مثقال حبة حنطة من إيمان -أو قال: مثقال شعيرة من إيمان، أو قال: مثقال حبة خردل من إيمان- فقال سلمان: فذلكم المقام المحمود.
الأثر أخرجه ابن جرير (ج15 ص144)، وهو على شرط الشيخين وسيأتي إن شاء الله أطول من هذا رقم (35).
27- قال ابن حبان -رحمه الله- كما في «الموارد» ص(523): أنبأنا أحمد بن علي بن المثني حدثنا عمرو بن محمد الناقد حدثنا عمرو بن عثمان الكلاعي(40) حدثنا موسى بن أعين عن معمر بن راشد عن محمد بن عبدالله ابن أبي يعقوب عن بشر بن شغاف عن عبدالله -يعني ابن سلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع بيدي لواء الحمد، تحته آدم فمن دونه».
الحديث في سنده عمرو بن عثمان الكلابي وقد تركه النسائي ولينه العقيلي، وقال أبوحاتم: يتكلمون فيه يحدث من حفظه بمناكير، وقال ابن عدي: روى عنه ثقات وهو ممن يكتب حديثه. اهـ من «ميزان الاعتدال».
فالحديث حسن لغيره لكثرة شواهده.
28- قال الإمام أحمد -رحمه الله- (ج1 ص398): ثنا عارم بن الفضل(41) ثنا أبوسعيد ثنا ابن زيد ثنا علي بن الحكم البناني عن عثمان عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن ابن مسعود قال: جاء ابنا مليكة إلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقالا: إن أمنا كانت تكرم الزوج، وتعطف على الولد -قال: وذكر الضيف- غير أنها كانت وأدت في الجاهلية. قال: «أمكما في النار» فأدبرا والشر يرى في وجوههما، فأمر بهما فردا فرجعا والسرور يرى في وجوههما، رجيا أن يكون قد حدث شيء، فقال: «أمي مع أمكما» فقال رجل من المنافقين: وما يغني هذا عن أمه شيئا ونحن نطأ عقبيه. فقال رجل من الأنصار -ولم أر رجلا قط أكثر سؤالا منه-: يا رسول الله هل وعدك ربك فيها أو فيهما؟ قال: فظن أنه من شيء قد سمعه، فقال: «ما سألته ربي وما أطمعني فيه، وإني لأقوم المقام المحمود يوم القيامة» فقال الأنصاري: وما ذاك المقام المحمود؟ قال: «ذاك إذا جيء بكم عراة حفاة غرلا، فيكون أول من يكسى إبراهيم -عليه السلام-، يقول: اكسوا خليلي. فيؤتى بريطتين بيضاوين فيلبسهما، ثم يقعد فيستقبل العرش، ثم أوتى بكسوتي فألبسها فأقوم عن يمينه مقاما لا يقومه أحد غيري، يغبطني به الأولون والآخرون، قال: ويفتح نهر من الكوثر إلى الحوض»، فقال المنافقون: فإنه ما جرى ماء قط إلا على حال أو رضراض. قال: يا رسول الله على حال أو رضراض؟ قال: «حاله المسك ورضراضه التوم»، قال المنافق: لم أسمع كاليوم قلما جرى ماء قط على حال أو رضراض إلا كان له نبتة. فقال الأنصاري: يا رسول الله هل له نبت؟ قال: «نعم قضبان الذهب»، قال المنافق: لم أسمع كاليوم، فإنه قلما نبت قضيب إلا أورق، وإلا كان له ثمر. قال الأنصاري: يا رسول الله هل من ثمر؟ قال: «نعم ألوان الجوهر وماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، إن من شرب منه مشربا لم يظمأ بعده، وإن حرمه لم يرو بعده».
الحديث أخرجه الدارمي (ج2 ص325)، وابن جرير (ج15 ص146)، والطبراني في «الكبير» (ج10 ص98)، والحاكم (ج2 ص364) وقال: صحيح الإسناد، وعثمان بن عمير هو ابن(42) اليقظان، فتعقبه الذهبي فقال: لا والله، فعثمان ضعفه الدارقطني، والباقون ثقات.
وقال الحافظ ابن كثير
العناوين الفرعية | |
فصل في شفاعة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لأمته في دخول الجنة وكونه أول شفيع | فصل في أثر موقوف عن ابن مسعود يخالف ما تقدم في أن نبينا -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أول شافع |
فهرس الكتاب |
|
|