الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. أما بعد:
فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: «العبادة في الهرج كهجرة إلي» أخرجه مسلم من حديث معقل بن يسار.
أي: إقبالك على عبادة الله في وقت الفتن والقتل والقتال، لك فيه أجر عظيم كهجرة إلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. وليس معناه أن لك مثل أجر مصعب بن عمير، أو عبدالله بن مسعود، لأن المشبه لا يلزم أن يكون مثل المشبه به، لكن لك فضل عظيم إذا أقبلت على العبادة في وقت الفتن.
وكان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول لأصحابه: «تعوذوا بالله من شر الفتن».
ويقول كما في «سنن أبي داود» من حديث المقداد بن الأسود: «إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن ابتلي فصبر فواها». فالذي يبتلى ويصبر فله أجر عظيم.
والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يحذر أصحابه من الفتن ويقول: «ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي ومن يشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به».
فنحن في زمن الفتن وكلما انقضت فتنة جاءت فتنة هي أعظم منها: ﴿أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون﴾(2)، ويقول تعالى: ﴿وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها﴾(3).
والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «تكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا». أخرجه مسلم.
وجاء في «صحيح مسلم» أيضا أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قتل، ولا يدري المقتول على أي شيء قتل».
وهناك علاج لهذه الفتن: ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة﴾(4) أي: اجعلوا بينكم وبينها وقاية، إما بالتمسك بهذا الدين: ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب﴾(5).
أو بالعزلة جاء في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «يوشك أن يكون خير مال المرء المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن».
وفى «الصحيحين» أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- سئل: أي الناس أفضل يا رسول الله؟ قال: «مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله» قال: ثم من؟ قال: «ثم رجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد ربه».
ونحن في زمن الفتن لا ينجينا منها إلا ربنا عز وجل، والتمسك بكتاب الله وبسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يعتبر عصمة من الفتن، كما قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ».
ومن أعظم الفتن التي دبرتها لنا أمريكا دمر الله عليها -فتنة دخلت كل بيت- هي فتنة الحزبية، فهذا مؤتمري، وذاك إصلاحي، وذاك بعثي، وذاك اشتراكي، وذاك من حزب حق البردقان، وآخر من حزب الأهرار: ﴿إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان﴾(6). وربما يقتتل الابن وأبوه والأخ وأخوه من أجل هذه الحزبية التي فرضتها علينا أمريكا.
هذه الحزبية من أعظم أسباب جهل المسلمين؛ يشتغلون بها ويتركون العلم النافع، وأنا أتحدى من يأتي لي بحزبي يقبل على علم الكتاب والسنة، لأن الذي يقبل على علم الكتاب والسنة ليس لديه وقت لهذه الأشياء، ثم تلقى هذه الحزبية شباب طائش يبني أفكاره على خيالات وقد كنت أخبرتكم قبل: أن ثلاثة نفر من الكويت أتوني فقلت لهم: إلى أين تريدون؟ قالوا: نذهب إلى إفريقيا ونهاجر، لا فتح إلا بعد هجرة. فأقول: هؤلاء الثلاثة هم الذين سيرجعون يفتحون الكويت، بل هو الهوس.
وهكذا الترف فقد ضيع علينا شبابنا، وأنت إذا قرأت كتاب ربنا وسنة نبينا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- تجد أن الترف مذموم: ﴿وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا﴾(7).
ولقد أحسن من قال:
إن الفراغ والشباب والجده مفسدة للمرء أي مفسدة
وكذلك إسناد الأمور إلى الجهال، فقد روى البخاري ومسلم في «صحيحيهما» عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا».
كما يقال: العالم الفلاني ما يعرف عن الواقع شيئا، أو عالم جامد، تنفير، كما تقول مجلة «السنة» التي ينبغي أن تسمى بمجلة «البدعة»، فقد ظهرت عداوتها لأهل السنة من قضية الخليج.
وأقول: إن الناس منذ تركوا الرجوع إلى العلماء تخبطوا يقول الله عز وجل: ﴿وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم﴾(8)، وأولي الأمر هم العلماء والأمراء والعقلاء الصالحون.
وقارون عند أن خرج على قومه في زينته قال أهل الدنيا: ﴿ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم * وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون﴾(9).
والعلماء يضعون الأشياء مواضعها: ﴿وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون﴾(10)، ﴿إن في ذلك لآيات للعالمين﴾(11)، ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾(12)، ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾(13).
فهل يرفع الله أهل العلم أم أصحاب الثورات والانقلابات وقد جاء في «صحيح البخاري» عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- سئل: متى الساعة؟ فقال: «إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة». رئيس حزب وهو جاهل.
ومن الأمثلة على هذه الفتن الفتنة التي كادت تدبر لليمن من قبل أسامة بن لادن إذا قيل له: نريد مبلغ عشرين ألف ريال سعودي نبني بها مسجدا في بلد كذا. فيقول: ليس عندنا إمكانيات، سنعطي إن شاء الله بقدر إمكانياتنا. وإذا قيل له: نريد مدفعا ورشاشا وغيرهما. فيقول: خذ هذه مائة ألف -أو أكثر- وإن شاء الله سيأتي الباقي.
ثم بعد ذلك لحقه الدبور، فأمواله في السودان في مزارع ومشروعات من أجل الترابي ترب الله وجهه، فهو الذي لعب عليه.
وكان هناك شخص مصري من أخصائه جاسوس عليه، وعليه لحية ما شاء الله، والحكومات تبحث عن المال أين يودعه فقال لهم: إن الأموال في بنك في تركيا، ثم يذهبون ويأخذون الأموال.
فأنصح كل سني بأن يصبر على الفقر وعلى الأذى حتى من الحكومات، وإياك أن تحدثك نفسك وتقول: سنقوم بثورة وانقلاب، تسفك دماء المسلمين، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما﴾(14).
وأقول: إن المجتمع الذي نعيش فيه محتاج إلى تربية، ومحتاج إلى ألف شخص مثل الشيخ ابن باز، وألف شخص مثل الشيخ الألباني، يربونهم على العلم الصحيح وعلى التوحيد وعلى الدعوة إلى الله برفق ولين، وهذان العالمان الفاضلان يتنكر لهما الحزبيون، ائتوني بحزبي لا يبغض هذين الرجلين، حتى ولو جاءوا إلى الشيخ ابن باز وقالوا له: ياشيخ بارك الله فيك الحمد لله لم يبق بيننا وبين أن نصل للحكم الإسلامي إلا الانتخابات. ثم تنتهي الانتخابات فإذا هم في أسفل سافلين.
وكذلك يأتون إلى الشيخ الألباني وإلى غيره، فقد غروه فأعطى للجزائريين فتوى: أن لا بأس أن تخرج المرأة متنقبة في الانتخابات، ولا بأس في الاشتراك في الانتخابات.
فالشباب محتاجون إلى أمثال هذين العالمين يربيان المسلمين تربية إسلامية، ولكن تأتي لطمات للدعوة من قبل المتحمسين للدين على جهل، ومن تلك اللطمات (قضية الحرم)، فنحن نبرأ إلى الله منها، وبحمد الله قد كنا في اليمن.
ومن تلك اللطمات بعض الثورات والانقلابات، ومشاركة أصحاب اللحى في الخروج في المظاهرات: نفديك ياصدام بالروح والدم، وهو الذي صرعهم وصدمهم إلى أسفل السافلين، فصحيح أنها فضحت كثيرا من طلبة العلم.
وهناك سفيه من السفهاء ألا وهو (المسعري) الذي ينتمي لحزب التحرير، وهذا الحزب رائي شبيه بالمعتزلة الذين يهمهم أن يثبوا على السلطة وتشارك المرأة في الحكم وكذلك الرجل الكافر، فهو حزب منسلخ وهو حزب مبتدع ضال.
والمسعري يقول: أنا لا أكفر الشيخ ابن باز ولكن أقول: إنه قارب الكفر. والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال وإلا رجعت عليه».
فهو يقول هذا الكلام على الشيخ ابن باز الذي تهابه أمريكا، ويهابه حكام العرب، فمن أنت أيها السفيه حتى تكفره.
ويقول عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله-: إنه ساذج لأنه لم يأخذ السلطة له، بل قام مع آل سعود حتى أخذوا السلطة عليه.
ويقول كما في عدد من أعداد «الشرق الأوسط»: (سنسمح للمسيحيين واليهود والهندوس بإقامة الكنائس والمعابد) كان هذا عنوان المقال، وأما التفصيلات فكما يلي:
أعلن محمد المسعري المنشق السعودي للمسيحيين واليهود أن المسيحيين واليهود لهم حق العبادة في الكنائس والمعابد في المملكة العربية السعودية، إذا تولت اللجنة التي يتزعمها ويطلق عليها اسم لجنة الدفاع عن الحقوق المشروعة في البلاد على حد زعمه، وقال المسعري في حديث أدلى به لنشرة شهرية تصدر بالإنجليزية في لندن اسمها (مسلم نيوز M-عليه السلام--عليها السلام-lim N-رضي الله عنهن-w-عليها السلام-): إن الوضع الحالي في السعودية والذي لا يسمح للمسيحيين واليهود بممارسة شعائر العبادة علنا سيتغير عند مجيء اللجنة إلى الحكم، وأضاف: إنه يجب منح الأقليات حقوقها بما فيها حقهم في ممارسة شعائرهم، وفى إبرام عقود الزواج وفقا لشرائعهم الخاصة، وما إلى ذلك إضافة إلى حرية يعيشون فيها حياتهم الدينية الشخصية بالكامل سواء أكانوا يهودا أم مسيحيين أم هندوسا، وقال: إن إقامة الكنائس مباحة في الشريعة الإسلامية. انتهى.
:قال أبوعبدالرحمن: فهذا كلام هذا السفيه المسعري، وإليك حديث رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب». ويقول: «أخرجوا يهود الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب».
وقول الله تعالى: ﴿قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون﴾(15). وقوله تعالى: ﴿ياأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة﴾(16).
فهذا هو السفيه المسعري الذي يصدر توجيهاته لشباب هابط التوعية، أفمثل هذا السفيه الجاهل تقبل توجيهاته؟ وتترك توجيهات الشيخ ابن باز، وتوجيهات الشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني، وغيرهم من العلماء.
ونقول لأصحاب التفجيرات: هل سألتم العلماء في هذه التفجيرات، أم أنها توجيهات هذا السفيه الجويهل؟ على أننا لسنا نقول في التفجير الأخير إنه صادر عن فلان وفلان، لكن يحتمل أنه من أصحاب المسعري وأنه من الرافضة، وسواء أكانوا من هؤلاء أم من هؤلاء فالرافضة تقر أعينهم، الذين يحاربون السنة منذ بدأ الرفض إلى زماننا هذا، وهم يريدون أن يحارشوا بين الدعاة إلى الله وبين الحكام.
فأنا آسف أن تصدر مثل هذه الأوامر عن مثل هذا السفيه، ومثل هذا المسعري يجب أن يؤخذ على يديه، وطالب العلم(17) لا ينبغي أن يستمع لأقوال المسعري. وهذه المهزلة التي هي مسألة حقوق الإنسان، فإن الحزبيين هم الذين يأتون بمثل هذا ليلتف الناس حولهم، أما من أجل إقامة هذا الدين فليس لهم هم أن يقيموا هذا الدين وفاقد الشيء لا يعطيه.
وآسف أيضا أن تبقى دعوة زيادة على ثلاثين سنة مثل دعوة عبدالرحمن عبدالخالق في الكويت ولا تخرج طالب علم يستطيع أن يكون مرجعا في بلده، لكنها تخرج دعاة فرقة، فأف لك ياعبدالرزاق الشايجي و«لخطوطك العريضة»، أف لك أيها الكذاب، فأشهد لله بأنك كذاب، وأنك ترمي السلفيين بما ليس عندهم.
فالسلفيون قوالون بالحق، ﴿ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما﴾(18)، ويقول: ﴿وإذا قلتم فاعدلوا﴾(19).
وأقول: إن مثل كتاب «الخطوط العريضة» ينبغي أن يحرق، ويحجر على عبدالرحمن عبدالخالق فإنه يعتبر مفسدا، لأنه أفسد بين أهل السنة باليمن، وغرهم بديناره لا بأفكاره، فقد ترك محمدا المهدي يجري بدون عقل هنا في اليمن بعد الدينار وذلك بعد أن كان رجلا صبورا وداعية إلى الله، فبسبب الدينار أصبح يجري بدون عقل ويهرف بما لا يعرف. وهكذا غير محمد المهدي.
وقيادة الدعوة إنما تكون بأيدي العلماء، وانظروا إلى دعوة أهل السنة باليمن، هل رأيتم سنيا فجر تفجيرا واحدا، وأما القبور المشيدة فلنا معها يوم إن شاء الله سواء رضيت الحكومة أم لم ترض، وليس على الحكومة ضرر من تخريب القبور التي تعبد من دون الله.
ودعوة أهل السنة تعتبر رحمة يصدق عليها قول الله عز وجل: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾(20)، وإن كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد مات، فإن سنته باقية وهي تعتبر رحمة، بخلاف الحزبيين فإنهم يتربصون بنا الدوائر.
وبهذا التفجير الذي يحتمل أن يكون من الرافضة، وأن يكون من الطائشين تقر به أعين أعداء الإسلام ليبقى الشباب مع حكوماتهم في صراع، ويشغلون الشباب عن مواجهة أعداء الإسلام، ثم هب أنك قتلت مائة أمريكي فماذا عساه يفعل، فنحن نريد توعية وتجهيز جيش إلى إسرائيل أو إلى أمريكا. ثم إفزاع الآمنين فإنهم الآن مفزوعون، ويجب على الحكومة أن تتقي الله، والله عز وجل يقول: ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾(21).
فيجب عليها أن تتقي الله ولا تظلم بريئا، بل من عرف أنه الجاني وتؤكد من ذلك أقيم عليه شرع الله، ويستفتى فيه العلماء الأفاضل مثل الشيخ ابن باز حفظه الله: ﴿ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى﴾(22)، ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان﴾(23).
وقد كان الحجاج بن يوسف الظالم يؤذي أنسا -رضي الله عنه-، فيقول أنس: والله لولا أقربائي، لقلت فيه كلاما يقتلني عليه، فهو يخشى على أقربائه.
فكيف بمن يقتل عشرين أمريكيا ثم يروع شعبا كاملا، فيجب أن يبصر طلبة العلم، وهؤلاء الطائشون يجب أن يؤتى لهم بعلماء يعلمونهم مثل الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ ربيع بن هادي، والشيخ صالح الفوزان، وأمثال هؤلاء الأفاضل، ويبينوا لهم أن الدين لا يؤخذ عن مثل أسامة بن لادن، أو المسعري، أو غيرهما، بل يؤخذ عن العلماء.
وكذلك الجمعيات التي ما أقيمت إلا لأجل اختلاس أموال الناس والصد عن السنة، وتهيئة أنفسهم لأن يكونوا حزبا، فلو عرفوا من أنفسهم أنهم سيكونون حزبا لرأيتهم يدخلون في الانتخابات، وكل شيء جائز عندهم.
لكن الذي هو باق على عماه فنسأل الله أن يفضحه مثل عبدالمجيد الزنداني، فإنك تذهب إليه وتقول له: إخوانك أخذوا علينا المسجد الفلاني، وإخوانك ضربوا إخواننا في المسجد الفلاني، وإخوانك تكلموا في أهل السنة، فيقول: أنا أبرأ إلى الله من هذا، فإذا كنت تبرأ إلى الله فاخرج منهم ولا تبق على ما أنت عليه، ومستعد مثل أحمد المعلم أن يكون له وجه صوفي بين الصوفية، فهو الذي يثنيعلى عبدالله الحداد، ويثني على بعض الصوفية، ووجه إصلاحي وهو وجه الوظيفة، فإنهم لن يبقوه في مكتب التوجيه والإرشاد إلا وعنده وجه إصلاحي، وإذا دعوه إلى احتفال بالمولد هم والصوفية فسيحضر ويخطب، لا في تحذير الناس من الموالد، بل يأتي له بموضوع جانبي.
وهكذا عنده وجه سلفي، إذا دخل إلى السلفيين إلى السعودية من أجل الدرهم والدينار، ونحن قد دعوناه إلى السلفية قبل أن يتورط فيما تورط فيه، أول ما جاءني إلى دماج وقال: أنا لا أستطيع أن أصبر صبركم.
فالحزبي مستعد أن يكون له خمسة أوجه، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «إن من شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه».
أما السني فإنه متمسك بدينه سواء رضي فلان أم لم يرض، بخلاف الحزبيين فإنهم قد أصبحت عندهم -فيما يزعمون- سياسة، فتراه يتكلم معك ويحلف ويقول: والله ما أنا في جمعية الحكمة فلما قيل له: يا فلان اتق الله أنت تذهب معهم وأنت في جمعية الحكمة فقال: نعم أنا حلفت أنني هنا في المسجد ولست في جمعية الحكمة.
كما حصل من البيضاني عند أن زرناه إلى البيضاء فيقول: حياك الله ياشيخ محمد بن عبدالوهاب أبشرك أنني تركت جمعية الحكمة، فقط كتاب وسنة.
فنقول له: ما معنى (تركتها) وحضورك معهم وجلوسك ودعوتك معهم، فينبغي أن تتنبهوا وتتبرءوا إلى الله من كل مفسد.
والرئيس علي عبدالله صالح وفقنا الله وإياه للخير وأصلحنا الله وإياه، يعرف أن دعوة أهل السنة ليست دعوة ثورات ولا انقلابات، فعندما حدثت قضية الضالع وقال: كيف تقولون أنتم ليس عندكم ثورات ولا انقلابات وعندكم الآن مدافع ورشاشات. والصحيح أن الذين قاموا بهذه القضية ليسوا من أهل السنة وهم يعرفون ذلك لكنهم يريدون أن يلبسوا على الناس. فأهل السنة بريئون من هذا وأنتم تعلمون هذا ولكم جواسيس أن أهل السنة بريئون من هذا، وليس عندهم إلا دعوة إلى كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. ويرون أن دعوتهم هزت أمريكا وأعداء الإسلام، والله سبحانه وتعالى هو الذي هيأها، لا بقوتنا ولا شجاعتنا ولا كثرة مالنا، ولا بفصاحتنا في الخطابة أو بمكرنا على الناس وتلبيسنا عليهم.
ونبشر إخواننا أهل السنة ومشايخنا الأفاضل في أرض الحرمين ونجد أن دعوة أهل السنة في اليمن ماشية على أحسن ما يرام. والإخوان المسلمون احترقوا، أحرقهم علي عبدالله صالح فقد أعطى لهم بعض الوزارات حتى كرههم الناس. أما الشيعة فقد أحرقتهم سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
ومحمد البيضاني الملبس عند أن قلنا إننا سنحرقهم، يقول: لا يعذب بالنار إلا رب النار. فأقول: نحن نريد أن تسيروا بين الناس وأنتم أموات، ولا نريد أن نتحمل أثمكم ونحرقكم.
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
فما أردنا أن نحرقكم بالنار المعروفة، وإنما نريد أنه إذا قام محمد البيضاني في مسجد السوادية لا يخاطب إلا السواري والأعمدة لا يستمع له أحد من الناس. وكذلك عبدالمجيد الزنداني إذا قام في مسجد لا يستمع له أحد كما حصل في مسجد في لحج فقد جاء عبدالمجيد بعد زيارتنا بليلتين أو ثلاث ليال فلم يحضر إلا النفر اليسير حوالي ثلاثة صفوف.
وسنزيد إن شاء الله حتى يرجعوا إلى سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ولسنا نقول لهم يرجعون إلى ما نريد فنحن بشر نصيب ونخطئ ونجهل ونعلم، لكننا نريد أن يرجعوا إلى سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وإلا فلا بد من البيان.
والإمام أحمد بن حنبل وغيره يقول: إن جهاد أصحاب البدع أعظم الجهاد في سبيل الله.
ونحن نعتبر أصحاب جمعية الحكمة مبتدعة وكذلك أصحاب جمعيه الإحسان، وكذلك أصحاب الإصلاح والصوفية والشيعة، لكن لا نستحل دماءهم بل نعتبرهم مسلمين، لكن لا بد أن يعرفوا قدر أنفسهم، وأحيل القارئ على ترجمة أبي حنيفة من «السنة» لعبدالله ابن أحمد، وترجمة أبي حنيفة من «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، ومن «العلل» للإمام أحمد، ومن «المجروحين» لابن حبان، وكتاب «المعرفة والتاريخ» للفسوي، يجد الكلام الصريح من علمائنا، فذاك يقول: ما ولد في الإسلام مولود أشأم من أبي حنيفة.
وبحمد الله فسيخرج الكتاب محتسبا به الأجر والثواب(24)، لأن كثيرا من الدكاترة الذين كانوا يدرسونا عمي، وإذا تكلمت في أبي حنيفة يظن أنك طعنت الإسلام، ثم تجد الكلام من الإمام أحمد في أبي حنيفة يقول: هو ضعيف ورأيه ضعيف. ويقول أبوإسحاق الفزاري: إن أبا حنيفة كان يرى السيف، أي: يرى الخروج على أمة محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
فالقصد أن علماءنا لم تكن لديهم محاباة بل إن أحدهم يتكلم في أبيه ويقول: الوالد ضعيف. وهو علي بن المديني. وآخر يتكلم في أخيه وهو زيد ابن أبي أنيسة فيقول: أخي يحيى كذاب.
فينبغي تبيين أحوال أهل البدع، وأنا آسف من بعض علماءنا أن يكون طلبته لفيفا فهذا من جمعية الحكمة، وهذا إخواني، وهذا كذا، وقد كان بعض العلماء المتقدمين يقول: أحرج على كل بدعي في مجلسي هذا أن يقوم عنه.
فأنصح طلبة العلم في أرض الحرمين ونجد أن يرجعوا إلى علمائهم، وأنصح إخواننا في الكويت بالاستفادة من أخينا في الله عبداللطيف الدرباس، ومن أخينا بدر البدر ومن إخواننا الأفاضل الذين عندهم علم، وألا يلبس عليهم عبدالرحمن عبدالخالق، فقد لبس عليهم قدر ثلاثين سنة، كما أنصحهم بدعوة أخينا ربيع بن هادي المدخلي إلى زيارة الكويت من أجل أن يبين ضلالات عبدالرحمن عبدالخالق، وضلالات السرورية والقطبية.
أسأل الله العظيم أن يحفظ علينا ديننا، وأن يتوفانا مسلمين، والحمد لله رب العالمين.
_______________________
(1) تم التسجيل في 18 صفر 1417ه.
(2) سورة التوبة، الآية: 126.
(3) سورة الزخرف، الآية: 48.
(4) سورة الأنفال، الآية: 25.
(5) سورة الطلاق، الآية: 2-3.
(6) سورة يوسف، الآية: 40.
(7) سورة الإسراء، الآية: 16.
(8) سورة النساء، الآية: 83.
(9) سورة القصص، الآية: 79-80.
(10) سورة العنكبوت، الآية: 43.
(11) سورة الروم، الآية: 22.
(12) سورة فاطر، الآية: 28.
(13) سورة المجادلة، الآية: 11.
(14) سورة النساء، الآية: 93.
(15) سورة التوبة، الآية: 29.
(16) سورة التوبة، الآية: 123.
(17) وقد جلست هنالك بين الدعاة إلى الله قدر ست سنوات فما وجدت عند كثير منهم صبرا على طلب العلم.
(18) سورة النساء، الآية: 135.
(19) سورة الأنعام، الآية: 152.
(20) سورة الأنبياء، الآية: 107.
(21) سورة الأنعام، الآية: 164.
(22) سورة المائدة، الآية: 8.
(23) سورة النحل، الآية: 90.
(24) وقد طبع والحمد لله باسم «نشر الصحيفة في الصحيح من أقوال أئمة الجرح والتعديل في أبي حنيفة».
فهرس الكتاب |
|
|