نصيحتي لأهل السنة

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.. أما بعد:

ففي ليلتنا هذه المباركة ليلة تسع وعشرين من ربيع الأول نتكلم على نصيحة لأهل السنة -حفظهم الله ودفع عنهم كل سوء ومكروه- الداخلون دخولا أوليا في ما جاء في «الصحيحين» من حديث معاوية وهو مروي من حديث جماعة من الصحابة في «الصحيحين» وفي غير «الصحيحين»: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك».

أهل السنة الذي يرجى أن يدخلوا دخولا أوليا في ما رواه أبوداود في «سننه» من حديث محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة».

إن أهل السنة هم رأس هذه الفرقة وهم الداخلون فيها دخولا أوليا، إنهم هم الذين يصدق عليهم قول رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لكعب بن عجرة -كما في حديث جابر وكعب بن عجرة-: «أعاذك الله من إمارة السفهاء» قال: وما إمارة السفهاء؟ قال: «أمراء يكونون بعدي، لا يقتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم؛ فأولئك ليسوا مني ولست منهم ولا يردوا علي حوضي، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم؛ فأولئك مني وأنا منهم وسيردوا علي حوضي».

إن علماء السنة يعتبرون رءوس الأمة، روى البخاري ومسلم في «صحيحيهما» عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه؛ ولكن يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا».

إن العلماء هم الذين يضعون الأشياء مواضعها كما يقول ربنا عز وجل في شأن قارون: ﴿فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم * وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون(1).

إنهم الذين أثبت الله لهم العقول السليمة ﴿وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون(2)، ﴿إن في ذلك لآيات للعالمين(3) فهم الذين يعقلون آيات الله، ﴿أفمن يعلم أن ما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب(4).

إن الله سبحانه وتعالى حفظ الدين بأهل السنة؛ فالمعتزلة اشتغلوا بالفلسفة ونبذوا شرع الله، والرافضة كتبهم تشبه كتب اليهود والنصارى ليس لها أسانيد: (وقال -عليه السلام-، وقال أبوعبدالله -عليه السلام-)، وإن أسندوا فعن رافضي عن قبوري عن جويهل عن كذاب، أناس مجهولون أسانيدهم مجهولة.

وأهل السنة رجالهم كأنها النجوم في السماء: شعبة بن الحجاج، سفيان الثوري، محمد بن مسلم الزهري، سعيد بن المسيب. ولقد أحسن من قال:

هل لهم يا قوم في بدعتهم من فقيه أو إمام يتبع

نذكر الأبيات من أولها:

ذهبت دولة أصحاب البدع                    
                    ووهى حبلهم ثم انقطع
وتداعى بانصرام جمعهم                    
                    جمع إبليس الذي كان جمع
هل لهم يا قوم في بدعتهم                    
                    من فقيه أو إمام يتبع
مثل سفيان أخي الثور الذي                    
                    علم الناس دقيقات الورع
أو سليمان أخي التيم الذي                    
                    ترك النوم لهول المطلع
أو فتى الإسلام أعني أحمدا                    
                    ذاك لو قارعه القرا قرع
لم يخف سوطهم إذ خوفوا                    
                    لا، ولا سيفهم حين لمع

إن أعداء السنة من زمن قديم يتآمرون على سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ومن ثم تجدهم مفتونين صما بكما عميا فهم لا يعقلون، يتآمرون على أهل سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ما أشبه الليلة بالبارحة، بالبارحة أبوالهذيل محمد بن محمد، وإبراهيم النظام، وعمرو بن عبيد، وواصل بن عطاء، هؤلاء همهم الوحيد هو حرب سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ولكن أين جاءوا؟ ماتوا وبقيت سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. وكم من إمام من أئمة اليمن نصب حربا للسنة ولأهل السنة كالهادي وعبدالله بن حمزة وأحمد بن سليمان ويحيى شرف الدين، وبعد ذلك أين جاءوا ماتوا وماتت فكرتهم وبقيت سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. وصدق ربنا إذ يقول: ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون(5)، الله حفظ الذكر وقيض رجالا يحفظونه، وفي زمننا هذا تكالب الشيعة والصوفية والإخوان المفلسون وجماعة التبليغ وأصحاب جمعية الحكمة(6) على سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

أيضا الحزب الاشتراكي(7) الذي أذاق إخواننا أهل الجنوب المر، وللأسف بعض المغفلين إذا رأى الأسعار ارتفعت قال: سلام الله على الحزب. والله إنك مغفل الحزب يا هذا يأخذ ابنتك من بيتك إلى مصنع الغزل والنسيج، وامرأتك ليس لك سبيل عليها تخرج إلى النوادي ولا تستطيع أن تمنعها، وإذا عرفوا منك شهامة ورجولة سروا إليك في الليل، وبعدها... أكلك الليل! ما يدرى حي أنت أم ميت! أفي بر أم في بحر! أم حفروا لك بالحفار ودفنوك!!

نحن ننكر ارتفاع الأسعار عند الحكومة، وأي شيء عند هذه الحكومة يخالف الكتاب والسنة نحن ننكره لكن كما يقال:

أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا حنانيك بعض الشر أهون من بعض

والحداثيون: عبدالعزيز المقالح وذووه يسخرون من أهل السنة، وكذلك العلمانيون كلهم يتآمرون على أهل السنة، ولكن رب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين * إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس(8)، ويقول أيضا: ﴿الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم * إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين(9). وذلك الذي يأخذ بندقيته ويذهب يرمي على أهل السنة من أولياء الشيطان ﴿إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين.

ويقول سبحانه وتعالى مبينا لوعده لمن استقام على دينه: ﴿وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون(10)، وقال سبحانه وتعالى: ﴿قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين * قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون(11).

أنتم موعودون يا أهل السنة بالنصر لأنكم قد ظلمتم في اليمن، ففي اليمن الأعلى ظلم أهل السنة الشيعة، وفي اليمن الأسفل الصوفية؛ رب شخص يجرونه بلحيته هنا أو هناك، ﴿وتلك الأيام نداولها بين الناس أما نحن فلن نجركم معشر المبتدعة بلحاكم ولكننا نقول لكم: استقيموا على الكتاب والسنة. يا أهل السنة يجب أن تحمدوا الله كما يقول سبحانه وتعالى: ﴿واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون(12).

كنتم مستضعفين يا أهل السنة والآن انتشرت السنة، و«الإيمان يمان والحكمة يمانية»، فليرحل الاشتراكيون من اليمن، وليرحل الحداثيون من اليمن، وليرحل الروافض من اليمن، «الإيمان يمان والحكمة يمانية».

نعمة من الله على أهل السنة وإن حصل لهم متاعب فقد «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات».

أيضا روى الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في «مسنده»، والترمذي في «جامعه»: عن سعد بن أبي وقاص وجاء أيضا عن أبي سعيد الخدري والمعنى متقارب: «أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه».

فلا بد من الابتلاء ﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب(13)، ﴿الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين(14). ونحن مع سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الرخاء والشدة ولا نرضى بسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بديلا، والذي هو مزعزع انظروا إلى ذلكم التمثيل العجيب ﴿ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين(15). ما نكون كذلك بل نثبت على سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وكلما انتشرت السنة كثر أعداؤها وكثر حسادها كما قيل:

وإذا أراد الله نشر فضيلة                    
                    طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار في جزل الغضاء                    
                    ما كان يعرف طيب نشر العود

مسجد أخينا الشيخ الفاضل عبدالعزيز البرعي ما يدرينا أن يكون هذا الذي يحدث له والرماية التي ترمى عليه؛ دعاية ويتعرف الناس على ذلكم المسجد، فقد خنق الحزبيين وتركهم كأنهم مصلوبون من أجل هذا استوحشوا وقاموا بما قاموا به، وأعجب، وأعجب -يا حكومة- أن مركز الحكومة في مسافة قريبة، آسف، آسف، حكومة وبجانبها بيت يرمى عليه بالرصاص وهي تتفرج، يرمى أيضا عليه بالحجارة نحو ثلثي ساعة وهي تتفرج والله هذه تهمة نخشى أن يكونوا...(16).

أتظنون أنكم تزعزعون السني عن سنيته؟!! أتظنون أنكم تستطيعون؟! لا والله فجامع الخير في أول جمعة بعد الحادث تدفق المصلون، قالوا: نحب أن نذهب لنموت في جامع الخير، فلا جهاد في هذا الوقت.

لا يظن أعداء الدعوة أنهم يزعزعوننا بمثل هذه الأعمال ﴿وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا(17)، ﴿أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة(18)، ﴿قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم(19).

فالله هو الذي يدافع عن أهل السنة ﴿إن الله يدافع عن الذين ءامنوا(20)، ﴿إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين(21). نسأل الله أن يحقق فينا الإيمان والصلاح نحن نخشى أن نكون أوتينا من قبل ذنوبنا أو من قبل الاغترار بالكثرة فإنه سبب للهزيمة النفسية ﴿ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين(22).

ينبغي لإخواننا أهل إب سواء كانوا في دار الحديث بدماج أو دار الحديث بمأرب أو دار الحديث بمعبر أو بغيرها أن يؤازروا أخاهم عبدالعزيز، أما عبدالعزيز فلو هو ألف عبدالعزيز ما كفى، فالناس يطلبونه من أماكن شتى أن يأتي إليهم ولكنه قد عزم على البقاء في مفرق حبيش، ولن يزعزعه أولئك، وله إخوان في الله يحبونه ويطلبون منا أن نأذن لهم بالذهاب، فقلنا اتصلوا به والله المستعان، على أن الحكومة ما قامت بواجبها، لو كان هذا المركز بينه وبين إب ستين كيلومترا بالشعوب ممكن أن يقال...، أما بجانب المركز! ثم بعد ذلك يتفرجون، سيقال...(23)، ثم أخبرني الشيخ الفاضل أنهم بعد وقفوا وقوفا طيبا يشكرون عليه.

نحن على وعد من ربنا أن ينصرنا ﴿ياأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم(24)، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون(25).

وأهل السنة من حرض إلى أقصى حضرموت يستنكرون الاعتداء على مركز مفرق حبيش، وعلى الشيخ العالم الفاضل. ونحن كما قلنا موعودون بإذن الله تعالى بالنصر يقول الله عز وجل: ﴿فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم(26)، أو﴿إلى السلم قراءتان. ويقول: ﴿ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما(27).

فنحن بحمد الله نحن ندعو إلى الكتاب والسنة، ونحن واثقون من ربنا وقد أرانا سبحانه وتعالى ما تقر به أعيننا؛ إنها سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- اخترقت الشعاب وصعدت إلى رءوس الجبال، بل اخترقت الشعب اليمني إلى غيره وسمع عنها.

ينبغي أن يكتب في الجرائد أنه اعتدي على مركز من مراكز أهل السنة وليس بينه وبين المركز الحكومي إلا مسافة قريبة؛ فأهل السنة ما عندهم وقت لمطاردة السفهاء، لكن الحكومة هي المسئولة عن الأمن أمام الله سبحانه وتعالى، إن هذه الفعلة تعتبر فضيحة.

أول ما جاء عبدالعزيز البرعي قال الكذاب الأشر محمد المهدي قال: لو قد مات الشيخ لأحرقت عبدالعزيز. ثم بعد ذلك ما انتظر إلى أن يموت الشيخ وهاجم عبدالعزيز وبحمد الله حاله كما قيل:

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا شأوه                    
                    فالناس أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلنا لوجهها                    
                    ظلما وبغيا إنـه لدميم

الشيخ عبدالعزيز لعل يعضكم لا يعرفه مبرز في علم السنة فقيه عنده استنباطات عظيمة، ويأتي ويسألني عن بعض المسائل يحيرني فيها، وعنده حكمة في الدعوة، فبحمد الله استطاع أن يستميل إليه الشباب الذين ما تستعبدهم المادة، والدروس عنده في مركزه على استمرار.

ويعجبني ما قاله -وهذه هي طريقتنا من قبل- الشيخ محمد بن عبدالوهاب الوصابي إذا رأى المبتدعة تحركوا تحرك كل ليلة قال: أرى أن لا يهتم بالمبتدعة، فقط تأتيهم لطمة على الطريق. وهذا هو الذي ينبغي، المبتدعة لا تهتموا بهم ويشغلوكم عن طلب العلم، تكفيهم لطمة على الطريق إذا سجلت شريطا أو في درس أو في غيرها وإلا ركضة أو نطحة أو غير ذلك. ولا تشغل نفسك بهم جزاك الله خيرا نحن نعدك إلى أن تكون مرجعا للمسلمين، إلى أن تكون مؤلفا، إلى أن تكون داعيا إلى الله، فهذه هي وظيفة الأنبياء، ما نعدك فقط للرد على الإخوان المسلمين وأصحاب جمعية الحكمة، ومن أصحاب جمعية الحكمة؟! حتى أننا نتشاغل بهم.

وبحمد الله الأخ عبدالعزيز مقبل على العلم، وأعطاه الله فهما وذكاء وبحمد الله قد رمي على بيته من قبل فقال أبياتا:

قلبي رقيق الطبع يرحم أمتي                    
                    وعلى عدو الدين كان حديدا
لا لن تلين قناة قلبي برهة                    
                    إن فجروها نحونا تهديدا
ولئن تفجرت القنابل غيلة                    
                    أو سددوا لنحورنا تسديدا
فقنابل الإيمان كن قواذفا                    
                    بقلوبهم والوقع كان شديدا
ما كان هذا غير رد فعالهم                    
                    فقلوبهم ملئت صدا وصديدا
وتجلدي للخصم أشعر رهطه                    
                    أني لريب الدهر كنت صليدا
أف لمن جعل التآمر مهنة                    
                    وكذاك إزعاج الظعينة فيدا

والحمد لله رب العالمين

*****

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.. أما بعد:

فإنا نحمد الله سبحانه وتعالى نحمده على ما يسر من انتشار سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، والفضل في هذا لله سبحانه وتعالى فليس ذلك بحولنا ولا بقوتنا ولا بشجاعتنا ولا بفصاحتنا في الخطابة ولا بكثرة مالنا؛ ولكن أمر أراده الله سبحانه وتعالى فكان.

ومع هذا الانتشار العجيب فنحمد الله سبحانه وتعالى على الهدوء الذي يسود أهل السنة والطمأنينة التي يسر الله سبحانه وتعالى، ولقد أحسن الحسن البصري إذ يقول: «إننا في سعادة لو يعلم الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف». مع هذه البركة الإلهية التي بارك الله سبحانه وتعالى في دعوة أهل السنة؛ فسنة الله في خلقه أن الدعوة كلما قويت وانتشرت كثر أعداءها وحسادها.

وقد حصل لصحابة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ابتلاء من أول الدعوة إلى آخرها ونضال ﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب(28).

وفي «الصحيح» عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات»، وكما يقول ربنا عز وجل: ﴿فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا(29). وكما يقول ربنا عز وجل في كتابه الكريم: ﴿ياأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم(30).

وأخوف ما نخاف على أنفسنا وعلى دعوتنا من ذنوبنا، ﴿وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير(31)، وإلا دعوة ملأت الدنيا لا بد من عواصف ولا بد من عراقيل ولكننا نقول كما يقول الشاعر:

عسى فرج يأتي به الله إنه له كل يوم في خليقته أمر

وكما قال آخر:

عسى الكرب الذي أمسيت فيه                    
                    يكون وراءه فرج قريب

وكما قال الآخر:

ربما ضاقت النفوس من الأمر                    
                    له فرجة كحل العقال

وكما يقال: اشتدي أزمة تنفرجي.

وإننا نحمد الله سبحانه وتعالى تلكم الدعوة التي ليس لها إلا الله سبحانه وتعالى، فقد هزم التشيع والتصوف والحزبية وحق لنا أن نقول كما قال الأول:

ذهبت دولة أصحاب البدع                    
                    ووهى حبلهم ثم انقطع
وتداعى بانصرام جمعهم                    
                    جمع إبليس الذي كان جمع
هل لهم يا قوم في بدعتهم                    
                    من فقيه أو إمام يتبع
مثل سفيان أخي الثور الذي                    
                    علم الناس دقيقات الورع
أو سليمان أخي التيم الذي                    
                    ترك النوم لهول المطلع
أو فتى الإسلام أعني أحمدا                    
                    ذاك لو قارعه القرا قرع
لم يخف سوطهم إذ خوفـوا                    
                    لا، ولا سيفهم حين لمع

فنحمد الله سبحانه وتعالى هزمت جنود الباطل وحق لنا أن نتلوا قول ربنا: ﴿وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا(32)، وقوله: ﴿فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض(33).

بالأمس كان لأصحاب الباطل صولة وجولة، واليوم بحمد الله لا يعرف الناس إلا سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وحق لهم ألا يعرفوا إلا إياها، فهي سنة حبيبنا وحبيبهم وشفيعنا وشفيعهم -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- القائل: «ومن رغب عن سنتي فليس مني».

انتكس الإخوان المفلسون غاية الانتكاسة، بالأمس الوزارات بأيديهم، حتى أن عمار بن ناشر السفيه الكذاب يكتب في جريدة ويخاطبني ويقول: فإنهم من ولاة الأمر والله عز وجل يقول: ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم(34).

أيها المخذول، إن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿ولا تطيعوا أمر المسرفين * الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون(35)، ويقول: ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فنحمد الله سبحانه وتعالى فل جموعهم وانتكست راياتهم، ونحن الآن ننصح الحكومة اليمنية وعلى رأسها علي بن عبدالله بن صالح ننصحهم ألا يدنسوا سلطانهم بالإخوان المفلسين، أهل السنة من أقصى حرض إلى أقصى حضرموت ويريد أن يتحكم فيهم الإخوان المفلسون: إما أن تنتخبوا وإما أن تعزلوا عن وظائفكم، قلنا لإخواننا: إن هذه عواصف لا بد منها وإياكم أن تكونوا كما قال ربنا في بعض الناس: ﴿ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين(36).

إياك، إياك أن يكون قد بح صوتك بالأمس وأنت تقول: الانتخابات حرام، ثم من أجل الوظيفة أو من أجل إمامة مسجد تخطب أو تشارك في الانتخابات. لا حاجة إلى ذكر الأدلة فقد ملئت بها كتبنا والفضل في هذا لله سبحانه وتعالى «الفتوى في الوحدة» «المصارعة»، «قمح المعاند»، «غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة»، وأشرطة كثيرة وإخواننا مشاركون في ذلكم و«من ترك شيئا لله أبدله الله خيرا منه».

ونحن ما نطالب الرئيس أن يتنازل لنا حتى نحتاج إلى الانتخابات نحن نعتقد أن الانتخابات محرمة -فليبلغ الشاهد الغائب- نعتقدها من قبل ومن بعد، إننا لسنا متلونين؛ لسنا نأتي في كتبنا بالمتناقضات كما فعل عبدالمجيد الزنداني في كتابه الذي ألفه، يكاد الشخص يضحك مما فعل عبدالمجيد، الذي أشبه الحاكم العبيدي المهوس صاحب مصر تارة يقول الحاكم العبيدي: الملوخية حرام ومن أكل ملوخية سيقتل. وأخرى يقول: هي مباح. وأخرى يقول: الكنائس حرام. ويبيد الكنائس في مصر، وأخرى يقول: الكنائس طيبة. ويبني الكنائس التي أبادها.

إن كتاب عبدالمجيد الزنداني «المرأة وحقوقها السياسية في الإسلام»؛ يذكرني بالمخضرية؛ فقدر ثلثي الكتاب يرد عليه، وذلكم صاحب المخضرية الذي كان يبيع قلا(37)، وفي ذات مرة مرت بغلة من جانب التنكة التي فيها القلا، وذرقت بين القلا، فالتفت صاحب القلا يمينا وشمالا وما رأى أحدا يراه، وشمر عن ساعده وصار يقول: (مخضرية، مخضرية) ويبيع على الناس أنها مخضرية، فكتابك يا عبدالمجيد مخضرية ولنا حق أن نقول:

أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا تورد يا سعد الإبل

ونقول أيضا كما قال الأول:

فدع عنك الكتابة لست منها.. ولو سودت وجهك بالمداد

على أن لجنة هي التي ألفته، قدر ثلثي الكتاب ألفه واحد، والتصحيح والتضعيف ألفه واحد، كذلك أيضا المرأة وحقها في الأمور السياسية ألفه واحد، فهي لجنة تعاونت مثل اللجنة التي تعاونت على «كتاب التوحيد» وفي بعض النسخ يكتب على الغلاف عبدالمجيد الزنداني، مع أن الجرافي وأحمد بن سلامة تعاونوا كلهم على هذا.

المهم أن ننصح الرئيس ألا يمكنهم من أهل السنة، ما لهم ولأهل السنة، أهل السنة ما يتلونون نحن نقول اليوم وغدا وبعد غد: الانتخابات طاغوتية محرمة. نحن ما نطالب الرئيس بأن يتنازل لنا ما نطالبه بل نحن نقول له: أيها الرئيس نطالبك بالاستقامة على كتاب الله وعلى سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

وإلا فكم نبح عبدالله صعتر يقولون له: يا شيخ الذي لا يدخل في الانتخابات وينتخب حزب الإصلاح؟ قال: مثله كمثل الذي لا يصلي.

وآخر يقول: يا شيخ الذي ما يدخل في الانتخابات وينتخب حزب الإصلاح؟ قال: مثله كمثل القواعد -أي النسوة القواعد اللاتي قد أصبحن عجائز-، وهكذا وصفنا بأننا عملاء للاشتراكيين، وأننا عملاء للصهاينة، وأننا عملاء لأمريكا. والحمد لله الناس يعرفون من هو المتلون ومن هو العميل والفضل في هذا لله سبحانه وتعالى. فإياك إياك أيها الرئيس أن تمكن هؤلاء المهوسين.

والحزبية إذا فرضت عليهم أن ينقلبوا سينقلبون اليوم أو غدا أو بعد غد. بالأمس يقولون: علي عبدالله صالح علماني كافر. وبالأمس يقولون لنا في الانتخابات التي حصلت بعد الوحدة: إذا فزنا ولم يسلمها علي عبدالله صالح سنقاتله، سنقاتله. وصعتر يقول: إذا لم يثبتوا في الدستور (المصدر للتشريع هو القرآن) -أو بهذا المعنى- فكل واحد يأخذ بندقيته وعلى رأس جبل.

والحكومة تعرفهم تقول: هي ناقة ولو هدرت. الناقة تهدر ثم بعد ذلك تقرب ويعطون كرسيا، ويعطون سيارات أو كذا وانتهى الأمر، أو يقلب عينيه فيهم وما تدري وهو خارجون: لا والله الجو مكهرب.

فننصح الإخوة أهل السنة سواء أكنت مدرسا أم كنت مدير مدرسة أم كنت إمام مسجد أو غير ذلك ننصحك ألا تشارك في الانتخابات وإلا فسنيتك مزعزعة، تتركها لله لا لئلا يعيرك إخوانك، ولكن تتركها لله سبحانه وتعالى.

الأمر الثاني: الفساد المنتشر في عدن جاءتني رسائل من إخوة أفاضل من أصحاب عدن: أن الخمر يباع علانية، وأن الزنا له بيوت. ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون(38). ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما(39).

أولئك الذين يذهبون ويقتلون الأنفس البريئة من مشايخ القبائل ومن غيرهم لم لا يدخلون إلى الرئيس ويقولون: نحن مسلمون وبلدنا مسلمة والرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان»، ويقول في أهل اليمن: «إنهم أرق أفئدة وألين قلوبا»، ويقول أيضا: «اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا» قال: قالوا: وفي نجدنا. قال: قال: «اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا» قال: قالوا: وفي نجدنا. قال: قال: «هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان».

يا أهل السنة بعدن! بريطانيا وأنتم تعرفون ما فعلت بعدن وبغيرها من البلاد الجنوبية، أيضا بعدها الشيوعية أهلكت الحرث والنسل وسبت الله سبحانه وتعالى جهارا وسفكت دماء الأبرياء وشردتهم من ديارهم ودفنت الناس أحياء، ثم الآن أتاكم بحمد الله الأمن والأمان، ولكن هذا المنكر الذي دهمكم بواسطة المنطقة الحرة يجب عليكم أن تقوموا له خطباء في المساجد وأن تشعروا الناس بهذا الأمر العظيم ﴿لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون(40)، ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم(41).

تقومون ويقوم إخوانكم أهل السنة في جميع البلاد اليمنية بإنكار هذا المنكر الداهم الذي يفسد الدين ويفسد الأخلاق ويفسد أيضا شبابنا وبناتنا إفسادا أعظم من السرطان.

لو جاء مرض من الأمراض لرأيتهم يستوردون الأطباء من الخارج لمكافحة هذا المرض، فما لهم الآن ما ينهون عن هذا المرض الخطير (الخمر) والرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «أتاني جبريل فقال: يا محمد إن الله عز وجل قد لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وساقيها ومستقيها»، ويقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كما في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليها أبصارهم وهو مؤمن».

نحن مسلمون، أعداء الإسلام قد سئموا هذه الحياة البهيمية، أما نحن فيجب أن تقام الحدود ﴿الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة(42).

وإننا إذا ملنا عن كتاب ربنا وسنة نبينا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فإن الله سبحانه وتعالى يتركنا وشأننا ﴿ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا(43).

فإن وفق الله المسئولين ونهوا عن هذا الأمر فذلكم ما كنا نبغي، وأصل الحكومة وضعت في الشرع الإسلامي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما تأتي بالمنكر تضع العسكري بسلاحه عند باب المنكر يحميه!

وإن لم يوفقهم الله سبحانه وتعالى، فأنصح الإخوة الأفاضل أهل عدن وبقية أهل السنة أن يجتمعوا بصنعاء ويطلبوا الدخول إلى الرئيس، وبعد ذلك إن شاء الله سيرون ما يسرهم، فهذا أمر ثان.

أمر ثالث: ما حصل تأثير بالمحاضرات ولا حصل تأثير بدخولهم أو ما تيسر لهم دخولهم على الرئيس، فلسنا نقول لإخواننا لا تأمروا بالمعروف ولا تنهوا عن المنكر، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز * الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور(44)، ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون(45).

والأمر كما قلنا «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»، وهذه فتوى من استطاع أن يدخل وهو قوي وقد وطن نفسه من أول الأمر عن أي بلاء يحدث له فإنه سيصبر ويحتسب(46) فله ذلك، لكن بشرط ألا يؤدي المنكر إلى ما هو أنكر منه.

ومن أقدم على تغيير المنكر فلا يجوز لإخوانه أن يرموه بالتهور، كما أنه لا يجوز له أن يرمي إخوانه بالجبن فإن الله عز وجل يقول: ﴿فاتقوا الله ما استطعتم(47). والرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان».

ولا تظنوا أن الخمارين صواريخ! يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين(48)، لو أصاب أحدهم عصا أو عصوان أو دوسة على رقبة أو كسر منه عضو؛ ما رأيت خمارا أذل منه، وهكذا أيضا أصحاب المعاصي أذلاء، ولقد صدق الحسن إذ يقول: «إنهم وإن هملجت بهم البغال فإن ذل المعصية لا يفارقهم».

فالعاصي ذليل، ذل المعصية لا يفارقه؛ من أجل هذا يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿ياأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم(49)، ويقول أيضا: ﴿إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون(50).

نحن نقول -وتلكم قبة الهادي بجوارنا-: نتمنى نتمنى أن قد رأينا المساحي في ظهرها إلى أن تصل إلى الأرض، لكن نرى أن ليس لدينا قدرة، فنحن إن شاء الله نؤجل هذا لغد أو بعد غد، وهكذا بعض المنكرات.

والخمر والزنا أضر على الشعب من مجموعة يتمسحون بأتربة الموتى حتى حالق اللحية يمر بهم وهم يتمسحون بتراب الهادي يحتقرهم ويستخف بهم حتى الملحد إذا مر بهم وهو يتمسحون بقبر الهادي يقول: هؤلاء خرافيون. فالناس ينكرون عليهم هذا بخلاف فساد الخمر والزنا، ربما يكون الرجل صالحا وما تدري وقد انجرف، ولقد أحسن من قال:

قل للمليحة في الخمار الأسود                    
                    ماذا فعلت بناسك متعبد
قد كان شمر للصلاة ثيابه                    
                    حتى عرضت له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيـامه                    
                    لا تفتنيه بحق رب محمـد

ومن قال أيضا:

بيضاء تصطاد الغوي وتستبي                    
                    بالحسن قلب المسلم القراء

وذلكم النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عند أن مرت امرأة دخل بيته وخرج والماء يقطر من رأسه قد أتى أهل واغتسل وقال كما في «صحيح مسلم» من حديث جابر: «إن المرأة إذا أقبلت أقبلت في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله فإن معها مثل الذي معها»، وفي «الصحيحين» أيضا من حديث أبي هريرة: «كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة؛ فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه».

وذكرت شيئا مهما وهو قصة يوسف ﴿ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه(51)، ومن قال: إنه هم بضربها؛ فالأصل هو عدم التقدير فالهم غير مؤاخذ به وعصمه الله سبحانه وتعالى بأن رأى برهان ربه. وهكذا الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن».

أكثر الإخوة الطيبين الذين يذهبون إلى أمريكا أو إلى بريطانيا أو إلى أمكنة من هذه الأماكن إلا من رحم الله وعصمه الله يكون داعية وربما ينزلق، في ذات مرة كانت تأتيني من ألمانيا أخبار أخ طيب من أرض الله الواسعة، فقدم شخص من ألمانيا فقلت: أين فلان؟ قال: فلان قد انتكس، قلت له: انتكس؟! ذاك الذي بلغتنا أخباره الطيبة! قال: نعم، قد أصبح سارقا لصا.

الفساد ضرره عظيم على القلوب، «تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه». رواه مسلم من حديث حذيفة.

فالأمر خطير قلبي وقلبك ليسا بأيدينا رب العزة يقول في الصحابة الذين هم أطهر قلوبا منا وفي نساء النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- اللاتي هن أطهر قلوبا من نسائنا: ﴿وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن(52). والرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول كما في حديث أسامة بن زيد المتفق عليه: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء».

ولكن أننتظر من الإخوان المفلسين الذين يدعون إلى الاختلاط، وإلى (مجلس شيخات اليمن)! يالها من فضيحة، وإذا قدم (مجلس الشيوخ الأمريكي) يستقبله نساء الإخوان المفلسين ومن أضلوهن(53)، يستقبله (مجلس شيخات اليمن): مرحبا وأهلا وسهلا على الأرض اليمنية ﴿بلدة طيبة ورب غفور، والله المستعان. إن هذه الدعوة فضيحة، ما أظن أنه قد سبق عبدالمجيد في هذا التفكير أحد. والله المستعان.

هذا وأسأل الله العظيم أن يحفظنا وإياكم، والآن مع الأسئلة والمناقشة والاستفسارات.

السؤال236: لو أن الشباب قاموا بتغيير المنكر، فقامت ضدهم الحكومة بالعساكر فكيف يفعلون في هذه الحالة بارك الله فيكم؟

الجواب: نحن بارك الله فيكم دائما ننصح إخواننا بما أن الله قد بارك في دعوتنا، فلا نحتاج إلى أن نصطدم مع صوفي ولا مع شيعي ولا مع حكومة. والحكومة ما ستغضب إذا كسرت يد الخمار أو الذي يبيع الخمر، فنحن لم نرد أن نحتل كرسيها، وهذا منكر بيننا وبين الحكومة كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وإلا فلتقل الحكومة: نحن لا نحكم كتاب الله ولا سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. والله المستعان.

السؤال237: ما هي نوعية إنكار المنكر؟

الجواب: إنكار المنكر ممكن أن يكون باللكم وممكن أن يكون بالعصا، وممكن أن يكون بأشياء توجع.

وأما مسألة التفجيرات فلسنا ندعو إلى هذا، وكذلك أيضا مسألة إطلاق الرصاص، لكن كما قلت لكم إن أصحاب المعاصي أذلاء كما قال الله عز وجل: ﴿إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين(54).

السؤال238: أنت قلت الخمر والزنا لا يجوز في بلاد المسلمين مفهوم المخالفة أنه يجوز في غير بلاد المسلمين؟

الجواب: النصارى دينهم يبيحه لهم واليهود أيضا، لكن يشربون في بيوتهم لا يتباهون به أمام الناس بارك الله فيك.

*****

وبعد هذا نختتم هذا الشريط بنصيحة للشعوب الإسلامية، فإن الدائرة في النهاية تكون على رءوسهم، ونحن معشر المسلمين عند أن فرطنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود كثرت الفتن، وأصبح كثير من المسلمين حيارى، وتسلط على المسلمين من لا يخاف الله فيهم، والسبب في هذا أن المسلمين كل ما جاءهم من قبل أعداء الإسلام قبلوه، وكأنه ليس عندهم كتاب من حكيم حميد ولا عندهم سنة من رسول اصطفاه الله سبحانه وتعالى، من أجل هذا سلط الله على المسلمين من لا يرحمهم.

روى الإمام أحمد في «مسنده» عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها ﴿عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم(55) وإنا سمعنا النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون على أن يغيروا ثم لا يغيروا إلا يوشك أن يعمهم الله منه بعقاب».

وروى البخاري في «صحيحه» من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «مثل القائم على حدود الله -أي: المواجه لها والمبتعد عنها- والواقع فيها -أي: الذي يقع فيما حرمه الله- كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا. فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا». ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون * فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون * فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون * فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين(56).

هذا حال الشعوب التي تتقبل من أعداء الإسلام كل ما أتوا به: تبرج وسفور، ديمقراطية، انتخابات، مظاهرات، بنوك ربوية.

فهي ذنوبنا يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون(57). العداوة موجودة بين الحكام أنفسهم، وبين الشعوب أنفسهم، وبين الدعوات أنفسها، وبين القبائل أنفسهم.

العداوة وسفك الدماء التي يقول فيها نبينا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا - ثم قال: - لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض».

القتيل في بلد المسلمين لا يبالى به، والقتيل من أعداء المسملين سواء كان في بلدهم أم في بلاد المسلمين تنعق الإذاعات ويناشدون مجلس الخوف، وكما قيل:

قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر

وقتل شعب كامل مسألة فيها نظر

هذا جزاء من رضي بالتحاكم إلى أعدائه، يا سبحان الله تتحاكم إلى خصمك، عند أن كان بيننا وبين الشيعة خصام قالوا: الحاكم في هذه القضية سيدي علي العجري، قلت: مالي ولسيد علي العجري، قالوا: سيدي مجد الدين وهو شيخك. قلت أيضا كذلك.

أنت تتخاصم إلى خصمك! قضية تحدث وتذهب إلى مجلس الأمن أو تذهب إلى الأمم المتحدة أين عقول المسلمين؟!! رب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون(58) ويقول: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون(59).

هي الذنوب، ولو استقمنا لرأينا الأمن ورأينا الخير، ولا نبالي إذا حاصرتنا أمريكا حصارا اقتصاديا ما نبالي، كما ربنا يقول عز وجل: ﴿أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء(60)، هذا في أهل مكة الذين أخرجوا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

لو أننا استقمنا لرأيت البركة الإلهية في زراعتنا وفي أيضا أنعامنا كما يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم(61)، ﴿ولو أنهم أي: أهل الإنجيل.

ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون * ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون * ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون * أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون * أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون * أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون(62).

فعلينا جميعا معشر المسلمين أن نتوب إلى الله سبحانه وتعالى وأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر قبل أن يحل بنا ما حل بغيرنا. ولكل قسطه: فسفك دماء القبائل والحروب التي بينهم والرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار» قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: «إنه كان حريصا على قتل صاحبه»، ويقول: «لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما».

والعداوة بين الوالد وولده، وزادت الأحزاب الطين بلة، والعداوة بين الرجل وامرأته خصوصا بعد أن أفتى علماء السوء بأن المرأة تخرج وتنتخب. ورب رجل غيور على أهله فلا يريد أن تخرج وقد لعبت بعقلها وسائل الإعلام وجلساء السوء: «تخرجين تنصرين دين الله وإذا لم ننصر دين الله فسيأخذها الشيوعيون والبعثيون» يا هذا الشيوعيون والبعثيون قد ماتوا.

ما بقى إلا أن نتوب إلى الله سبحانه وتعالى ونناشد حكومتنا بالاستقامة على كتاب الله وعلى سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وبتطهير المجتمع المسلم اليمني الذي أثنى عليه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

أتترقبون من جمعية العلماء أن تخرج قرارا أنه لا يجوز أن يباع الخمر بعدن علانية! ولا يجوز أن تقرر بيوت للزنا!. يا جمعية العلماء أكلت حقوق الشعب من زمان فأين ثمراتك؟، المسألة كما قيل:

عنوا يطلبون العلم في كل بلدة                    
                    شبابا فلما حصلوه وحشروا
وصح لهم


تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب
  • عنوان الكتاب: تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب
  • تاريخ الإضافة: 13 رجب 1426هـ
  • الزيارات: 699440
  • التحميلات: 27736
  • تفاصيل : الطبعة الأولى -دار الآثار صنعاء
  • تنزيل: اضغط هنا للتنزيل  zip

فهرس الكتاب

تفريع الفهرس | ضم الفهرس

تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب