أسئلة بعض المغتربين في أمريكا

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. أما بعد:

فنتقدم بهذه الأسئلة إلى الشيخ المحدث أبي عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي حفظه الله تعالى، والأسئلة تتعلق بقضايا المغتربين في الولايات المتحدة الأمريكية، نرجو الإجابة عليها لما لها من أهمية لمن يقيم في تلك البلاد وهو حريص على التمسك بكتاب الله تعالى، وبسنه نبيه محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

السؤال22: ما حكم التجارة في الحلال، والتعاون مع البنوك المحلية والأجنبية؟

الجواب: الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

وبعد: أما التجارة في الحلال، فقد جاء في «مسند الإمام أحمد» من حديث رافع بن خديج قال: قيل: يارسول الله أي الكسب أطيب؟ قال: «عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور».

أما التعاون مع البنوك المحلية والأجنبية، فان كان يأخذ أرباحا، فهذا يعد ربا، والله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس(1). وجاء في «صحيح مسلم» من حديث جابر -رضي الله عنه- قال: لعن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه.

فالتعامل بالربا وأخذ الزيادة يعتبر محرما، وإذا كان لا يأخذ زيادة فهو يعينهم على استخدام نقوده وأخذ أرباحها، والله عز وجل يقول: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان(2).

فلا يجوز له أن يضع ماله في البنك إلا إذا خشي عليه من اللصوص، بشرط ألا يأخذ أرباحا، فان أخذ أرباحا فإن الله يقول: ﴿يمحق الله الربا ويربي الصدقات(3).

السؤال23: كيف يتعامل الوالد مع ولده المغترب في أمريكا وهو يعمل فيما حرم الله، وهو يعلم ذلك والعكس، فما حكم مكتسباتهم من الأموال؟

الجواب: أما المباشر للعمل فهو مرتكب لإثم، وواجب على والده النصيحة بل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون(4).

فالواجب على الأب أن يأمر ولده بالمعروف، وينهاه عن المنكر، وإذا لم يستطع لهذا فعليه بالنصيحة، فإن الدين النصيحة، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».

وننصح الوالد ألا يأخذ من أموال ولده شيئا، من باب الورع حتى لا يشجعه على التعامل بالربا، أو المكتسبات المحرمة، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته». بل الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة(5).

وفي «الصحيحين» من حديث معقل بن يسار أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «ما من عبد استرعاه الله رعية، فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة».

فواجب عليه أن ينصح لولده فإذا أبى الولد والوالد محتاج إلى مال حاجة ضرورية فالإثم على المباشر، مع أن الورع هو الترك، والعكس كذلك.

والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «أيما جسد نبت على سحت فالنار أولى به».

السؤال24: هل تقبل هدية من يعمل في الحرام، أو تبرعه ببناء المساجد أو غير ذلك من أعمال الخير؟

الجواب: الورع ألا يقبل، وإلا فالإثم على المباشر كما تقدم، وقلنا إن الإثم على المباشر لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يتعامل مع اليهود، وهم يتعاملون بالربا، وربما يدعون النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيجيب دعوتهم وهم يتعاملون بالربا.

السؤال25: ما حكم من كانوا شركاء في محل حرام، والآخر حلال، فكيف يكون دخلهم؟

الجواب: بقدر الحرام حرام، وبقدر الحلال حلال، فمثلا يبيع لحم خنزير، ليس عليه إلا التوبة، وماله يستعمله، وإن أحب أن يتصدق منه تصدق، وأما اغتصاب حقوق الناس فلا بد أن يردها، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «لتؤدن الحقوق إلى أهلها». ويقول: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام».

حتى الخيانة للكافر تعتبر إساءة إلى الإسلام فإنهم سيسيئون الظن بالمسلمين، ويفرحون بمثل هذه الأمور التي تحصل من المسلمين، من أجل أن يشنعوا بها على الإسلام.

السؤال26: ما هي الشروط للإقامة بين ظهراني المشركين؟

الجواب: الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا * إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا(6).

فإذا كان يستطيع أن يقيم دينه هنالك وهو آمن على أولاده وأهله، فلا بأس. وإن كنت أرى أنه لن يستطيع أن يأمن على أولاده؛ فلا بد أن يذهب بهم إلى مدارس نصارى، والولد لو هرب من أبيه تستلمه الحكومة، وليس لأبيه عليه سلطة، وكذلك المرأة، فأنا أرى أنه لا يجوز أن تسكن تلك البلاد إلا للضرورة، أو شخص ذهب يدعو إلى الله سبحانه وتعالى وهو آمن على نفسه من الفتنة، من فتنة النساء، ومن فتنة الدنيا، فقد أخبرني من ذهب إلى بلجيكا عند أن رجع وقد استفيد منه فقلت له: لماذا لم تبق عندهم حتى ينتفعوا بك؟ فقال: فتنة. فقلت: تأخذ أهلك معك، فقال: ليس فتنة النساء وحدها، بل فتنة الدنيا وفتن أخرى كثيرة، فإذا كان يخشى على نفسه من الفتنة فيجب عليه أن يفر بدينه.

السؤال27: ما حكم التأمين على النفس والمال وفيها حيل لأخذ الأموال من الكفار؟

الجواب: التأمين هذا لا يجوز، لأن أعداء الإسلام يستغلون الأموال لصالحهم في البنوك الربوية، ويربحون أموالا كثيرة، اللهم إلا أن يكون مفروضا عليك، فنحن نسلم الضرائب والجمارك على السيارات وغيرها ونحن نعتقد حرمتها. وإذا كان مفروضا عليك فإياك والخداع مع الكفار، فلا تخادعهم، فإذا كانوا يحاربون في المعركة فلك أن تفعل ما تستطيع فالحرب خدعة، أما أن تخدعهم في الأموال فإنهم يسيئون الظن بالإسلام والمسلمين.

السؤال28: ما حكم تزويج المسلم من المشركة والإنجاب منها، وتركهم عندها فيصبحون على دينها؟

الجواب: في هذه الحالة يعتبر محرما، وإلا فإذا تزوج بكتابية سواء كانت يهودية أو نصرانية فهذا جائز، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب(7). فهو مما أبيح، لكن بشرط أن يحافظ على أولاده، وأما أن يترك أولاده عندها فالنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول كما في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه». ويقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيما يرويه عن ربه: «إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم». وقد رأى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الحسن وقد أكل تمرة فأخرجها من فيه وقال: «كخ كخ إنها من الصدقة».

فالواجب علينا أن نحرص على تربية أبنائنا تربية إسلامية. أما بهذه الصورة التي ذكرت فلا يجوز ويعتبر محرما.

السؤال29: رجل مسلم زنا بامرأة غير مسلمة فحملت منه، وبعد أن أنجبت له طفلا أسلمت فما حكم الولد هل يعتبر شرعيا؟

الجواب: الولد ليس بشرعي، لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» فالولد تابع لأمه، والعاهر، أي الزاني له الخيبة والندامة.

وبالنسبة للزواج منها، إذا علم أنها قد تابت فيما بعد، فلا بأس بذلك، وإلا فإن الله عز وجل يقول: ﴿وحرم ذلك على المؤمنين(8). أي: نكاح الزانية، أو إنكاح العفيفة الزاني. فإذا علم أنها قد تابت من الزنا وأسلمت، فلا بأس أن يتزوجها.

السؤال30: رجل عرف بانحرافه وهو في أمريكا، فإذا أتى إلى اليمن تظاهر بالصلاح فأنفق ماله في طرق البر وهو من حرام؟

الجواب: هذا ليس له إلا كلام الناس، أما الأجر من عند الله فلا، إذا كان يتظاهر بهذا، فإن الله عز وجل يقول: ﴿ألا لله الدين الخالص(9)، ويقول: ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين(10).

ويقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «من سمع سمع الله به، ومن يرائي يرائي الله به». على أن المرائي لا يستطيع أن يثبت على العبادة.

السؤال31: ما حكم من أدخل زوجته وأولاده أمريكا، ويلتحقون بمدارس يتعلمون فيها منهجهم المنحرف المسيحي؟

الجواب: هو مسئول أمام الله عز وجل عن هذا الأمر، والطفل يعتبر المدرس مثالا عاليا فيقتدي بالمدرس، سواء كان صالحا أو غير صالح، فضلا عن أن يأتي بهم إلى النصارى، وهم حريصون على أن ينصرونا ونحن في بلدنا، دع عنك وقد وصل الشخص إلى بلدهم، فالدراسة في تلك المدارس الجاهلية لا تجوز، لاسيما مع الاختلاط الرجال بالنساء، فهي تعتبر فتنة. وكان الواجب على الحكومات الإسلامية أن تفتح المدارس والجامعات على الشريعة، أما مدرسة أو جامعة وفيها اختلاط فإنها تعتبر إساءة إلى التعليم وإلى الدارسين والمدرسين، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «فاتقوا الدنيا واتقوا النساء». ويقول: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء». ويقول: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن». ولنا شريط في هذا بعنوان «تحذير الدارس من فتنة المدارس» فلا نطيل الكلام عليه.

السؤال32: ما حكم تصوير العلماء في مؤتمراتهم ومحاضراتهم، وما هو المباح من التصوير؟

الجواب: التصوير محرم، فالنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة». ويقول: «لعن الله المصورين».

وفي «جامع الترمذي» من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: «تخرج عنق من النار يوم القيامة، لها عينان تبصران، وأذنان تسمعان، ولسان ينطق، يقول: إني وكلت بثلاثة: بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلها آخر، وبالمصورين».

وقد أبى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يدخل حجرة عائشة وقد سترت سهوة لها بقرام فيه تصاوير. فهذا دليل يرد على الذين يقولون: ليس هناك محرم إلا المجسمة. فقد أبى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يدخل الحجرة حتى هتك الستار وقال: «إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة، الذين يصورون هذه الصور». والذي لا بد منه مثل رخصة القيادة، وجواز السفر، والبطاقة، فالإثم على الحكومة.

السؤال33: هل يجوز موادة من يعمل في الحرام، ومصافحته إلى غير ذلك من الصلات؟

الجواب: إنما الأعمال بالنيات، فإذا أظهر له البشاشة من أجل أن ينصحه وهو يرجو أنه سيقبل نصيحته فذاك، وإذا رأى أن الهجر يؤثر فيه أعظم فيهجره، فعليه أن ينظر إلى مصلحة الشخص الواقع في الحرام نفسه، فإذا رأى أن البشاشة تجره إلى الخير، فهذا أمر لا بأس به.

وأما إذا كان لا يبالي بدينه فإن الله عز وجل يقول: ﴿لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله(11). ويقول الله عز وجل: ﴿لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير(12)، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم(13).

أما إذا كان لك ولد يقع في الحرام وتحبه حبا طبيعيا، ولم تستطع إلا أن تحبه، فالحب الطبيعي ربما لا تلام عليه، لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء(14). فقد كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يحب أبا طالب ويحب هدايته فأنزل الله هذه الآية، وفيها احتمالان: من أحببت الشخص نفسه، أو من أحببت هدايته، وليس نصا صريحا في هذا.

السؤال34: ما حكم إقراض الذي يعمل في الحرام مع العلم به؟

الجواب: الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان(15). فلا يقرضه، ولا يساعده على هذا الباطل.

السؤال35: هناك ذبح بالرصاص الكهربائي، يطلقونها على الثور ثم يذبحونه، فهل يجوز هذا؟

الجواب: إذا كان يسقط حتى يتمكنوا من ذبحه فلا بأس إن شاء الله.

السؤال36: هناك إخوة ملتزمون ويعملون في محطات بترول ويبيعون فيها السجائر؟

الجواب: ينصحون ألا يبيعوا هذا، والله المستعان.

السؤال37: ما حكم من يعمل في القمار مقابل أجرة محدودة؟

الجواب: القمار محرم من حيث هو.

السؤال38: ما حكم من يضع ماله في البنك، ويعطونه فوائد، فمنهم من يأخذها، ومنهم من يتركها للبنك؟

الجواب: الواجب أن يتركها للبنك، لأن السلامة لا يعادلها شيء، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «من ترك شيئا لله أبدله الله خيرا منه». وإذا أخذها فهو معرض للعنة: «لعن الله آكل الربا وموكله، وكاتبه وشاهديه».

وقد تقدم أن قلنا: لا يضع في البنك إلا الذي يخاف على ماله من اللصوص، أو يخشى تلفه، وأما إذا كان لا يخاف، فلا ينبغي أن يضعها في البنك، لأنه يساعدهم على استعمال هذه النقود وأخذ أرباحها.

السؤال39: هل تصح الوكالة وقت العقد أو الشهادة أو الطلاق بالهاتف؟

الجواب: إذا تأكد أنه صوت فلان، وإلا فقد يوجد من يقلد الأصوات، فقد أخبرت عن شخص بصنعاء يستطيع أن يقلد صوت فلان، وصوت فلان، فهذه أمور لا يعتمد عليها لأنه قد يأتي رجل كما قلنا لديه القدرة على تغيير صوته.

السؤال40: إذا هدى الله رجلا للدخول في دين الإسلام فما الذي يقوله وما الذي يقال له؟

الجواب: يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ثم ينصح بمجالسة الصالحين، فإن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «مثل الجليس الصالح والسوء، كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة».

وقد أخبرنا بقضية ونحن في الجامعة الإسلامية: أن شخصا أسلم، فانتقل من حجرة النصارى إلى حجرة المسلمين، فإذا المسلمون لا يصلون، فصار إسلامه انتقالا من حجرة إلى حجرة أخرى، فلا بد أن يحرص على مجالسة الناس الصالحين، والكفر بعبادة المسيح، وننصحه كذلك باقتناء الكتب النافعة مثل: كتاب «رياض الصالحين»، و«فتح المجيد شرح كتاب التوحيد» و«بلوغ المرام» و«تفسير ابن كثير»، وننصحه كذلك بأن يأخذ الإسلام من كتب الإسلام لا من أعمال المسلمين، فأعمالهم سيئة ربما تجد المسلم يكذب ويزني ويشرب الخمر، وهم يعرفون أن هذه الأشياء محرمة، ثم يحتجون على المسلمين بهذا، فنقول لهم: نحن لا ندعوكم إلى هذا، بل إلى التمسك بالدين الصحيح: ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون(16).

وهكذا مسألة الأمانة وغيرها من المسائل التي ارتكبها المسلمون وهي مخالفة للشرع، فهم ليسوا بحجة على الإسلام، بل الإسلام حجة على المسلمين أنفسهم.

فلا بد من تبيين هذا حتى لا يحتج على الإسلام بفسقة المسلمين، بل نقول لهم: نحن لا ندعوكم إلى أن تكونوا مثل هؤلاء، ولا مثل القضاة المرتشين، أو قطاع الطرق، أو الخمارين، ولا ندعوكم إلى أن تكونوا صوفية، فقد زارنا أحد الأخوة الأفاضل يدرس إما في بريطانيا أو ألمانيا، وحكى لنا أن الله هدى امرأة للإسلام، ثم رأت الصوفية يرقصون في المسجد، فاتصلت به وقالت: رأيت كذا وكذا في المسجد، فإن كان هذا هو الإسلام فلا فرق بينه وبين الدين الذي خرجت منه. فنحن لا ندعوك إلى أن تكون شيعيا ولا صوفيا، ولا علمانيا، بل تعمل بكتاب الله وبسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ولو خالفك الناس كلهم.

السؤال41: هل يجوز أن نسلم للنصارى مصاحف قرآن كريم مترجمة أو غير مترجمة؟

الجواب: الأحسن هو العمل بالحديث: نهى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو.

السؤال42: هل يجوز حضور احتفالاتهم، مثل أعياد الميلاد وغيرها؟

الجواب: لا يجوز، يقول الله تعالى: ﴿والذين لا يشهدون الزور(17)، بل المسلمون أنفسهم إذا أقاموا مولدا أو احتفلوا بليلة سبعة وعشرين من رجب، أو ليلة النصف من شعبان، أو بعيد الهجرة، أو بعيد الثورة، أو بعيد الأم، أو عيد الشجرة، وغيرها من الأعياد الجاهلية فكل هذه لا يجوز حضورها.

السؤال43: لا بد للداعي أن يدعو إلى الإسلام في أمريكا، فما هي الطرق الصحيحة، والضوابط الشرعية للدعوة، مع العلم أن مجتمعهم معروف بالفساد والانحلال وغير ذلك؟

الجواب: قبل هذا ننصحه أن يتزود من العلم النافع، يقول الله تعالى: ﴿قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني(18).

ثم يدعو إلى العقيدة الصحيحة، فلا ندعوهم إلى ترك عبادة المسيح، ثم ندعوهم إلى عبادة القبور كما يفعل الصوفية.

السؤال44: ما حكم من تزوج في أمريكا مشركة من أجل الإقامة فيها؟

الجواب: هذا غير واثق بوعد الله سبحانه وتعالى: ﴿وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين(19).

وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم(20).

فلا يجوز له أن يتزوج بامرأة مشركة: ﴿لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن(21). فلا يجوز له أن يتزوج بامرأة مشركة من أجل الإقامة في أمريكا، وهل أمريكا هي الجنة، بل أمريكا نفسها مهزوزة، وتخاف من الإسلام، وتخاف من المسلم أيما خوف.

بقي مسألة الجنسية إذا أعطوه هل يأخذون عليه العهد في احترام القانون الأمريكي والخضوع له، فهذا لا يجوز، فلا نحترم نظام أمريكا بل نجعله تحت الأقدام، وللشيخ محمد السبيل رسالة قيمة قيمة يشكر عليها في مسألة التجنس بالجنسيات الكافرة، فأشكر له ما كتب، وبحمد الله فقد استفدت من تلك الرسالة وأنصح بقراءتها.

السؤال45: عندما نسافر إلى أمريكا تطير بنا الطائرة من ألمانيا عصرا، ونصل إلى أمريكا عصرا فما حكم الصلاة؟

الجواب: لا يلزم أن تصلي صلاتين في يوم واحد، بل تكتفي بالصلاة الأولى.

السؤال46: هناك بعض المنظفات من شحم الخنزير مثل: الصابون، ومعجون الأسنان، وغير ذلك فما حكمها؟

الجواب: لا يجوز استعمالها ما دام فيها شحم خنزير.

السؤال47: رجل مسلم تاب من شرب الخمر، ولكنه لا ينكر على أبنائه العمل في الخمر، ولحم الخنزير؟

الجواب: هذا يعتبر عاصيا، وهو أهون من الذي يشرب، وواجب عليه أن ينكر هذا، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون(22)، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر(23).

والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا، هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا». رواه البخاري.

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب من الواجبات، بل يعتبران عماد الإسلام.

السؤال48: هل يجوز الاطلاع على كتب الكفار المحرفة، مثل: التوراة والإنجيل؟

الجواب: لا ننصح بهذا، لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول كما في «صحيح البخاري» من حديث أبي هريرة: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، و﴿قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا» الآية. وفي «مسند الإمام أحمد» من حديث جابر: «فإنكم إما أن تصدقوا بباطل أو تكذبوا بحق».

والله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون(24). فأنا لا أنصح بهذا، ويجوز للعالم المتبحر في العلم الذي يريد أن يأخذها ويرد عليها، ويبين أخطاءها وتناقضها، فلا بأس، ويكون متضلعا من العقيدة الإسلامية، وفي باب الأسماء والصفات وتوحيد الألوهية، ولا يكون مقصوده أن يرد على أولئك حتى ولو خالف عقيدة المسلمين.

السؤال49: ما حكم من يدخل أمريكا بغير اسمه؟

الجواب: يعتبر كاذبا، ولا يجوز إلا للضرورة، فإذا قيل له: ما اسمك؟ قال: أنا عبدالله بن عبدالرحمن بن عبداللطيف، فأنت عبدالله، وأبوك عبدالرحمن، وجدك عبداللطيف، فمثل هذا يجوز، لكن لا تقل: اسمي عبدالله، بل قل: أنا عبدالله، وأبي عبدالرحمن، فمثل هذا يجوز، لأننا كلنا معبدون لله عز وجل، وإلا فيعتبر كاذبا.

السؤال50: ما حكم من أجبر على العمل مع والده فيما حرم الله عز وجل؟

الجواب: لا يجوز، وإنما الطاعة في المعروف.

السؤال51: رجل مسلم تزوج نصرانية، وتم العقد في الكنيسة فما حكمه؟

الجواب: يجدد العقد عند مسلمين، إذا كان أبوها كافرا فليس له ولاية عليها، فتنصب واحدا من المسلمين ويجدد العقد عنده، ولو عقدوا في غير الكنيسة لكان أفضل، بل هو الواجب أن المسلمين يستغنون عن أعداء الإسلام، ويطالبون بهذا.

السؤال52: ما حكم المرأة التي تقود السيارة في أمريكا وهي مسلمة؟

الجواب: إن كانت متسترة وليس لها من يقوم بهذا، وتكون عفيفة، وآمنة من الفتنة فلا بأس بذلك. أما إذا كان يخشى أن تمكن من السيارة وتذهب إلى خلانها، وإلى أماكن الدعارة والفجور، فهذا أمر لا يجوز.

السؤال53: توجد شركات أمريكية تدعو للاشتراك كل أسبوع على الفرد دولار، فإذا مرض ووجدوه في المستشفى دفعوا له سبعين دولارا كل يوم حتى يخرج، وهذا من ضمن الاتفاق معهم مسبقا، ولك أن تشترك مع أكثر من جهة فما حكم ذلك؟

الجواب: هذا كما قلنا في مسألة التأمين والاشتراكات، فهم يأخذون أرباح تلك الأموال. والذي أنصح به أن يعتمد الشخص على الله سبحانه وتعالى، إلا إذا كان مفروضا عليه في عمله ولم يجد عملا آخر فذاك، وبشرط ألا يتحيل، فقد أخبرت عن أناس من اليمنيين يذهبون إلى الطبيب ويقول له: ظهري يوجعني. فربما يعطيه شهرا إجازة ويعطى أموالا. فإن استطاع أن يستغني عنهم، وألا يتعامل معهم فهذا هو الذي أنصح به.

السؤال54: يدخل المسلم إلى أمريكا وخاصة اليمني، فيصل إلى بلاد لا يعرفها، ولا يعرف لغة أهلها، وهي بلاد خوف، ويستقبله هناك من سبقه، وهو يعمل فيما حرمه الله تعالى، فيعمل معه وهو مضطر لذلك، فما حكم ذلك؟

الجواب: أما أنه مضطر فليس مضطرا، المضطر هو الذي يخشى على نفسه من التلف، أو يخشى أن يحل به أو بماله أو عرضه ما لا يتحمله. وهذا ليس مضطرا للذهاب إلى أمريكا أصلا، وليس مضطرا للعمل فيما حرم الله، ولن يضيعه الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم(25).

والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «من ترك شيئا لله أبدله الله خيرا منه».

وأحب أن يعرف إخواني معنى الاضطرار والإكراه، فالاضطرار هو: أن يكون خائفا على نفسه من التلف، وهو الذي يسمى مضطرا، والإكراه: أن يكون خائفا على نفسه أن يحل به أو بماله أو عرضه ما لا يتحمله، فهذا هو الذي يسمى مكرها. أما توسع العصريين في هذا الأمر، فهو توسع غير مرضي.

السؤال55: عند وصول اليمني إلى أمريكا يعطيه من يعرفه نقودا بمناسبة وصوله، فهل يردها وهي من حرام؟

الجواب: تقدم الإجابة على هذا، وهو أن الورع ألا يقبلها، وإذا كان محتاجا إلى هذا فالإثم على المباشر، لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يتعامل مع اليهود وهو يعلم أنهم يتعاملون بالربا.

السؤال56: هل يجوز السكن مع السكران في أمريكا، أو الذين يعملون في الحرام؟

الجواب: لا أنصح بالسكن معه، أما مسألة الجواز فلا يوجد دليل على عدم الجواز، وحديث: «إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله، ودع ما تصنع، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم قال: ﴿لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم(26) إلى قوله: ﴿فاسقون ثم قال: كلا والله، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يدي الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا، ولتقصرنه على الحق قصرا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعننكم كما لعنهم». فهذا الحديث من طريق أبي عبيدة عن أبيه عبدالله بن مسعود، وأبوعبيدة لم يسمع من أبيه عبدالله بن مسعود فهو منقطع.

فمسألة الجواز يجوز، لكن السكران والجاسوس أنصحك ألا تجالسهما، فالسكران ربما يقوم في ليلة من الليالي ويقتلك، وكذلك الجاسوس حتى وإن كان قريبا لك، فتكون آمنا في حجرتك، وربما تتكلم بأشياء -والمجالس لها سقطات- فمن الذي يأمن ويقول: أنا لا أتكلم إلا بالحق دائما، فربما تتكلم وهذا الشخص يسجل عليك كلامك، فأنصح بعدم مجالسة السكران والجاسوس.

السؤال57: من اليمنيين من يعمل في المطاعم، ويقوم بطهي الخنزير وتقديمه للزبائن، وعذرهم أنهم لا يأكلون؟

الجواب: هذا العمل لا يجوز ويعتبر معصية وإعانة عليها.

السؤال58: ما قولكم في جماعة التبليغ، وطريقتهم في الدعوة، وماذا تعرفون عنهم؟

الجواب: ألف الشيخ حمود بن عبدالله التويجري رسالة أسمها «القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ» أنصح بقراءتها، وكذلك الأخ فالح الحربي، والأخ الشرقاوي من ساكني جدة، والمؤلفات كثيرة في بيان شركياتهم وصوفياتهم، وما هم عليه من الضلال، ودعوتهم دعوة ميتة، ولو لم تكن ميتة ما كانت تذهب في وقت الشيوعية إلى بلاد الشيوعية، وقد جاءنا أخ فرنسي وقلنا له: هل نستطيع أن نأتي إلى بلدكم للدعوة إلى الله، قال: لا تستطيعون إلا إذا كان باسم جماعة التبليغ، فهم مأذون لهم.

ودعوتهم لو كانت في زمن أبي جهل ما أنكر عليهم، فهم يدعون إلى ست خصال، فهي دعوة مبنية على جهل، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني(27).

وهؤلاء يدخل معهم الخمار، والعامي الذي لا يعرف شيئا، فدعوتهم دعوة جهل وضلال، ولا أنصح بالخروج معهم، وياحبذا لو منعوا.

دع عنك التوقيت، تخرج معهم ثلاثة أيام، أو شهر، أو ثلاثة أشهر، فكل هذه بدع، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿فاتقوا الله ما استطعتم (28) فتخرج بحسب نشاطك واستطاعتك، وأنصح بالخروج مع أهل السنة فإنك ستستفيد مراجعة قرآن، وحفظ أحاديث، وتحذير من الشركيات أو مذاكرة علمية، فلسنا محتاجين إلى أن نخرج معهم.

السؤال59: رجل يكتب له عقد زواج بابنة أخيه عقد صوري حتى يصل إلى أمريكا فقط فهل يجوز هذا؟

الجواب: لا، لا يجوز.

السؤال60: ما حكم من يدخل زوجته وأولاده أمريكا، ويستلم نفقات المعيشة مما يسمى مال الصدقة، وهو للذين لا يجدون عملا أو لا يستطيعون العمل، وهو يعمل خفية؟

الجواب: إذا كان يقول: إنه لا يعمل، وهو يعمل خفية فيعتبر كاذبا، والكذب لا يجوز.

السؤال61: ما حكم من يغيب عن أهله خمس، أو عشر سنوات، هل لزوجته أن تطلب الطلاق أو الفسخ؟

الجواب: إذا تضررت المرأة ولو لشهر، أو ثلاثة، أو أربعة أشهر، فذهب ولم يترك لها نفقة، ولم يترك لها سكنا، أو استوحشت في البيت لا تستطيع أن تسكن فيه وحدها، فلها أن تطلب الفسخ، فتذهب إلى الحاكم أو القاضي في بلدها وتطلب الفسخ ولها ذلك.

السؤال62: يأتي إلى أمريكا من ينسب نفسه إلى أهل السنة، ومنهم عقيل المقطري، ويخطب في المساجد، وبعدها يقوم بجمع التبرعات للجمعية فما حكم ذلك؟

الجواب: دعوة الإخوان المسلمين دعوة مادية دنيوية، ولجمع الأموال، ففي ذات مرة خرجنا دعوة، وخرج معنا عبدالله النهمي --رحمه الله- فقد قتل في أفغانستان-، وعبدالوهاب صهر حزام البهلولي، وقالوا: نحن نطلب تبرعات، فقلنا: هذه ليست من سمات أهل السنة، لكن إن أبيتم فبشرط ألا تستلموها أنتم، بل تقولون: يستلمها فلان من أهل القرية، فقد أصبح الناس الآن يسيئون الظن بالدعاة إلى الله، والله عز وجل يقول حاكيا عن كثير من أنبيائه في سورة الشعراء: ﴿وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين(29).

ويقول الله سبحانه وتعالى حاكيا عن بعض الصالحين: ﴿اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون(30) ويقول الله سبحانه وتعالى: ﴿قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى(31). يقول هذا لنبينا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فالدعوة لا بد أن تكون لله عز وجل: ﴿قل هذهسبيليأدعوإلىاللهعلىبصيرةأناومناتبعني(32)

وهؤلاء عندهم اليوم المبارك الذين يخرجون وقد امتلأت مخابئهم، انتفع الناس أم لم ينتفعوا، فهذه إساءة إلى العلم والدعوة. يقوم الخطيب منهم ويحثهم على التمسك بكتاب الله، وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ويحذرهم من عقاب الله، ويذكرهم بالجنة والنار، ثم يقول في النهاية: هاتوا لنا أموالا، والله عز وجل يقول: ﴿ولا يسألكم أموالكم إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم(33).

وقصة سعد بن الربيع، وعبدالرحمن بن عوف معروفة، عند أن قال سعد ابن الربيع: إني أكثر الأنصار مالا، فأقسم مالي نصفين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فسمها لي أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجها، قال: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلني على السوق. فقد كان سعد بن الربيع في غاية من الكرم، وعبدالرحمن بن عوف في غاية من العفة.

فالحق أنهم شوهوا الدعوة، وأقبح من هذا أن الإخوان المسلمين وأصحاب جمعية الحكمة يرجعون ويحاربون بهذه الأموال إخوانهم أهل السنة، ويمسخون شباب أهل السنة، فتجد الشاب ما شاء الله يرجى أن ينفع الله به الإسلام والمسلمين، لكنه ضعيف العزيمة، وليس عنده ثبات، فيقولون له: تعال عندنا ونحن نعطيك عشرين ألف ريال يمني.

فترجع هذه الأموال في محاربة دعوة أهل السنة، التي نفع الله بها، والتي شهد لها المسلمون والعلماء بحمد الله بالنجاح، والفضل في هذا لله سبحانه وتعالى، ولسنا نتكلم في الإخوان المسلمين لأنهم يحلقون لحاهم، ففي الشعب اليمني من هو شر منهم، ولا لأنهم يلبسون البنطلون، ففي الشعب اليمني من هو شر منهم، لكن نتكلم فيهم لأنهم يلبسون على الناس باسم الإسلام، ويحاربون دعوة إخوانهم أهل السنة، وكذلك دعوة أصحاب جمعية الحكمة أصبحت تتعاون مع الإخوان المسلمين على أذية شباب أهل السنة، والله عز وجل يقول: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان(34).

والذي يساعدهم بالأموال، يساعدهم على محاربة أهل السنة. وأقول لعقيل: أين محاربتك للقبوريين والصوفية، على أن عقيلا والحق يقال أحسن من محمد المهدي، وأحسن من كثير من أصحاب جمعية الحكمة، ولكن هو من النفر الذين مسخوا بسبب الدنيا، فقد كان وهو عندنا رجلا زاهدا، ثم فتنوه بالمال والسيارات والدنيا، وأنا لا أقول: إن كل أهل السنة قد أصبحوا كذلك، فالحمد لله الكثير الكثير، لو أكلوا ترابا ما استجابوا لدعوة أولئك، والله عز وجل يقول: ﴿فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم(35).

ويقول سبحانه وتعالى لنبيه محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ﴿واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا(36).

وقد ساءت النيات بسبب الدنيا، فقد كان يأتيني أصحاب إب ويقولون لي: يا أبا عبدالرحمن قل للأستاذ محمد المهدي يجلس لنا في المسجد، يعلمنا العلم. وقد كنت أحسن به الظن، وهم كذلك يحسنون به الظن، فقلت له فأبى، وما عرفنا أنه جوال لجمع الدنانير والأموال، فلا تسمع به إلا في دولة قطر، وأخرى في السعودية، ومرة في أمريكا، وأنا أتحداه أن يأتي بطالب واحد من طلبته مستفيد يستطيع أن يكون مرجعا، والتجار عليهم أن يتقوا الله، وأن يعرفوا أين يضعون زكوات أموالهم، هلا قرءوا قوله تعالى: ﴿إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم(37).

ثم يأتي عقيل ويقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أنا وكافل اليتيم كهاتين». ويأتي محمد المهدي ويقول: ﴿وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله(38).

وانظروا إلى المجلة الشحاذة (مجلة الفرقان) هل تجدون عددا ليس فيه شحاذة. فأنصح أهل السنة أن يقوموا بواجبهم نحو الدعوة، لوجه الله عز وجل، نحن لسنا ندعو الناس إلى اتباعنا فلسنا أهلا لأن نتبع، بل ندعو الناس إلى أن نتبع نحن وهم كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

ولسنا ندعو الناس إلى أخذ أموالهم، ولو ذهبت إلى أي بلد من البلاد الإسلامية فلن ترى سنيا يقوم ويعظ الناس حتى يبكيهم، ثم بعد ذلك يفرش عمامته عند الباب.

السؤال63: إذا توفي الرجل في أمريكا، وكانت له تركة فالقانون الأمريكي يعطي للمرأة حق التصرف بأموال الزوج دون الورثة، والجميع مسلمون فما حكم ذلك؟

الجواب: يجب على المسلمين وهم كثرة هناك أن يطالبوا بأن يمكنوا من إقامة شرع الله، حتى ولو في مسألة المواريث وغيرها، وهذا القانون يجب الكفر به، ونحن نقول إن القانون الأمريكي المخالف للكتاب والسنة تحت أقدامنا، كما قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «ألا وإن كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين». فإن كانت المرأة مسلمة فواجب عليها أن تذعن لحكم الله: ﴿ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه(39). وواجب عليها ألا تتعدى حدود الله، فلها الربع إذا لم يكن له أولاد، ولها الثمن إذا كان له أولاد.

ونسأل الله أن يزلزل أقدام أمريكا، وأن يدمرها كما دمر روسيا، فإنها الآن باسطة يديها على بلاد المسلمين، ومتحكمة على المسلمين في بلادهم، فضلا عمن يذهب إلى أمريكا.

السؤال64: هناك شباب في أمريكا يقلدون الأمريكان في ملبسهم، وحلاقة الشعر فما حكم ذلك؟

الجواب: النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «من تشبه بقوم فهو منهم». ورأى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- رجلا لابسا لحرير فقال: «إنما يلبس هذا من لا خلاق له». ونهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة، وقال: «إنها لهم في الدنيا، ولنا في الآخرة».

والتشبه موجود الآن في اليمن، وفي أرض الحرمين، ومصر، وفي كثير من البلاد الإسلامية، يتشبهون بأعداء الإسلام.

هذا وننصح إخواننا المسلمين في أمريكا، بالتمسك بكتاب الله وبسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ومراسلة العلماء الأفاضل مثل الشيخ ابن باز، والشيخ الألباني، وسؤالهم عما أشكل عليهم، وننصحهم بالابتعاد عن الحزبية، وبالابتعاد عن الذين يأتون إليهم ليختلسوا أموالهم، وإن استطاعوا أن يفتحوا مدارس مستقلة إسلامية لأولادهم فهذا أهم وأقدم شيء، تدريس كتاب الله، وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فينشأ الطالب على حب الله، وعلى حب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وهي منزلة رفيعة للأب والابن.

كما ننصحهم بأن يجعلوا لهم وقتا لمجالسة العلماء الأفاضل من أهل السنة، يقول الله تعالى: ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات(40). والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول ذات مرة لأصحابه: «أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق، فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطع رحم؟» فقلنا: يا رسول الله نحب ذلك، قال: «أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم، أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل، خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل». رواه مسلم من حديث عقبة بن عامر.

ويقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل، كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها». أخرجه الترمذي من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص.

ويقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «الماهر بالقرآن، مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه، وهو عليه شاق له أجران». ويقول أيضا: «من قرأ القرآن وعمل به، ألبس تاجا ضوءه أحسن من ضوء الشمس يوم القيامة، ويكسى والداه حلتين لا تقوم لهما الدنيا، فيقولان: بما كسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن».

فينبغي أن يهتموا بتعليم أبنائهم، ولا يحضروهم إلى مدارس الكفر، فإنه ضرر عليهم، وعلى أبنائهم، فربما يهرب الولد من أبيه فلا يستطيع أن يرده، أو ابنته تهرب ولا يستطيع والدها أن يردها، فالواجب أن يهتموا بتربية الأبناء وأن يفتحوا المدارس التي تعلم لله.

على أن بقاء الأسر هناك خطر عظيم جدا، فالأمر يحتاج إلى جد واجتهاد من المغتربين، ومراجعة الحكومة في أن تأذن لهم بفتح مدارس لتعليم أبنائهم، ويستدعون من إخوانهم أهل السنة الذين يعلمون لوجه الله، ولا يأتي أزهري حالق اللحية، والجبة تسحب الأرض فتسأله عن التلفزيون فيقول: (معليش)، وعن العمل في الفنادق التي فيها الخنزير، وعن التصوير كذلك، فلا بد أن يطلبوا من إخوانهم الثابتين المتمسكين بالكتاب والسنة.

فلا بد من التمسك بالكتاب والسنة، والمدارس الحكومية نفعها قليل من حيث أن المدرس ربما تكون عنده فكرة بعثية، يريد أن يعلم الناس البعثية، وآخر عنده فكرة اشتراكية يريد أن يعلم الناس الشيوعية، وهذا صوفي، يريد أن يعلم الناس الصوفية، وهذا شيعي يريد أن يعلم الناس التشيع، وهذا مادي فلا يهمه إلا كم يرجع بدولارات إلى بلده فهم أبناء المسلمين أم لم يفهموا.

فهذه مسئولية عظيمة على كواهل أهل السنة، أن يقوموا بهذا الواجب، وأن يسدوا الفراغ، ويعلموا أبناء المسلمين كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

والحمد لله رب العالمين.

_______________________

(1) سورة البقرة، الآية: 275.

(2) سورة المائدة، الآية: 2.

(3) سورة البقرة، الآية: 276.

(4) سورة المائدة، الآية: 78.

(5) سورة التحريم، الآية: 6.

(6) سورة النساء، الآية: 97-98.

(7) سورة المائدة، الآية: 5.

(8) سورة النور، الآية: 3.

(9) سورة الزمر، الآية: 3.

(10) سورة البينة، الآية: 6.

(11) سورة المجادلة، الآية: 22.

(12) سورة آل عمران، الآية: 28.

(13) سورة المائدة، الآية: 51.

(14) سورة القصص، الآية: 56.

(15) سورة المائدة، الآية: 2.

(16) سورة النحل، الآية: 90.

(17) سورة الفرقان، الآية: 72.

(18) سورة يوسف، الآية: 108.

(19) سورة هود، الآية: 6.

(20) سورة العنكبوت، الآية: 60.

(21) سورة الممتتحنة، الآية: 10.

(22) سورة آل عمران، الآية: 104.

(23) سورة التوبة، الآية: 71.

(24) سورة البقرة، الآية: 75.

(25) سورة العنكبوت، الآية: 60.

(26) سورة المائدة، الآية: 78.

(27) سورة يوسف، الآية: 108.

(28) سورة التغابن، الآية: 16.

(29) سورة الشعراء، الآية: 145.

(30) سورة يس، الآية: 21.

(31) سورة الشورى، الآية: 23.

(32) سورة يوسف، الآية: 108.

(33) سورة محمد، الآية: 37.

(34) سورة المائدة، الآية: 2.

(35) سورة النجم، الآية: 29.

(36) سورة الكهف، الآية: 28.

(37) سورة التوبة، الآية: 60.

(38) سورة المزمل، الآية: 20.

(39) سورة الطلاق، الآية: 1.

(40) سورة المجادلة، الآية: 11.


تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب
  • عنوان الكتاب: تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب
  • تاريخ الإضافة: 13 رجب 1426هـ
  • الزيارات: 698403
  • التحميلات: 27718
  • تفاصيل : الطبعة الأولى -دار الآثار صنعاء
  • تنزيل: اضغط هنا للتنزيل  zip

فهرس الكتاب

تفريع الفهرس | ضم الفهرس

تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب