الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد: فهذه أسئلة من إخواننا البريطانيين، يقدمونها إلى فضيلة شيخنا العلامة المحدث أبي عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي حفظه الله تعالى من كل سوء ومكروه، راجين من المولى تعالى أن يوفقه للصواب، إنه سميع قريب مجيب.
السؤال124: عندنا جماعة تسمى بحزب التحرير، ينادون بالخلافة الإسلامية ويتكلمون في العلماء، فكيف الرد عليهم، وما هو السبيل إلى الخلافة الإسلامية الراشدة؟
الجواب: الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. أما بعد:
فالناس في مسألة الحزبية ينقسمون إلى حزبين: إلى حزب الرحمن، وإلى حزب الشيطان. فحزب الرحمن لا يجوز لهم أن يتفرقوا، يقول الله تعالى: ﴿إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء﴾(2).
والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة» رواه أبوداود من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وروى أبوداود من حديث معاوية نحوه، وفيه: «كلها في النار إلا فرقة»، قالوا: فمن هي يارسول الله؟ قال: «الجماعة» ، -ثم قال-: «إنه سيأتي أقوام تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه».
وقد وقع ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فكثرت الأهواء، وكثرت الحزبيات، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا﴾(3).
والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «لتتبعن سنن من قبلكم، حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: «فمن»؟. ويقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا».
أما هذه الحزبيات فتنفر بعضها عن بعض، ويطعن بعضها في بعض، بل لو قال القائل: إن هذه الحزبيات تحقق ما أراده أعداء الإسلام من تفرق الأمة وتشتيت شملها، وتضعيف قواها لكان صادقا.
فحزب التحرير، حزب خبيث، ولعلكم تستعظمون هذه الكلمة إذ أذكرها في أول كلامي، وكان ينبغي أن أمهد لها، فأقول: إنه حزب خبيث، نشأ في الأردن، وكان منشقا عن الإخوان المسلمين، فراسلوه ليرجع فأبى أن يرجع، وكان زعيمه تقي الدين النبهاني، وهم في مسألة العقائد يقولون: لا تؤخذ إلا من العقل، فإن وجد السمع فلا بد أن يكون السمع مقطوعا به، ومن ثم ينكرون عذاب القبر، وينكرون خروج المسيح الدجال ولا يهتمون بتعليم فضائل الأخلاق ولا بالعلم، فهو حزب ينشئ أصحابه على السياسة البحتة المخالفة للدين. وقد قيل لزعيمه: لماذا لا يرى في حزبكم مدارس تحفيظ قرآن؟ قال: إني لا أريد أن أخرج دراويش.
وهم يعتمدون على السياسة فقط، ولا يعتمدون على العلم والأخلاق، ولا على الرقائق، وفي الفقهيات يجيزون للرجل أن يصافح المرأة الأجنبية، ويجيزون للمرأة أن تكون زعيمة، وأن تكون في مجلس الشورى، ويجيزون للكافر أن يكون في مجلس الشورى وأن يتولى الولايات العامة، فهو حزب ضليل في غاية من الضلال.
وأنا أتعجب ممن يتبجح بحزب التحرير، وأنصح كل أخ بالابتعاد عنه والتحذير منه، ولو لم نعتذر لهم أنهم متأولون لقلنا إنهم كفار، لأنهم ينكرون عذاب القبر، وينكرون خروج المسيح الدجال، ويقول زعيمهم: إنه لا يحب أن يعلم طلبته القرآن لئلا يخرجوا دراويش.
السؤال125: عندنا جماعة تسمى بمنتدى المركز الإسلامي، وهم متصلون بمحمد سرور ويبيعون كتبه ويتعاملون معه، وعندهم تزكية من الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ ابن عثيمين بالتعاون معهم والاتصال بهم، فما نصيحتك للمنتدى الإسلامي، وما نصيحتك للسلفيين الذين يتعاونون معهم في الدعوة؟
الجواب: نصيحتي لهم أن يرجعوا كما كانوا إلى نشر الكتاب والسنة في مجلة (البيان)، ومجلة (السنة)، فقد فرحنا غاية الفرح بمجلة (السنة)، وكذلك مجلة (البيان)، ثم اتضحت الحقيقة أنهم حزبيون ينفرون عن أهل العلم.
وأنصحهم بعدم الاصطدام مع حكام المسلمين، وهذه الحزبية شتتت شمل الدعاة من أهل السنة إلى الله في اليمن، وفي أرض الحرمين ونجد، وفي السودان، وفي مصر، وفي كثير من البلاد الإسلامية.
وهم يدعون الشخص ألا يهتم بالعلم، فقد كان عندنا مجموعة من طلبة العلم، ثم التحقوا بهؤلاء، فما شعرنا إلا وهم يحتقروننا ويحتقرون إخوانهم.
دراسة الكتاب والسنة عندهم تقوقع، والعبادة في المسجد عندهم تعتبر كذلك تقوقعا، المساجد التي يقول فيها النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة».
فأقول: إن كان الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين زكيا المنتدى قبل واقعة الخليج فهما معذوران، فنحن أنفسنا قد أثنينا على مجلة (البيان) كثيرا، ودعونا إلى التعاون معهم، وإن كان بعد قضية الخليج -ولا أظن ذلك- فهما يعتبران مخطئين. وأقول للشيخين: هؤلاء فرقوا المسلمين هاهنا في اليمن وأصبحوا يهاجمون ويعادون أهل السنة، بل أصبح ضررهم كبيرا -ولا أقول إن ضررهم أعظم من الإخوان المسلمين فهم ليسوا إلا مماسح للإخوان المسلمين- وهم الذين اعتدوا على كثير من مساجد أهل السنة منها مسجد بعدن وهو مسجد أصحاب البريقة إمامه الشيخ الفاضل أحمد بن عثمان، ومن الذي يذهب إلى الأوقاف أهم الصوفية؟ أم الإخوان المسلمون؟ بل هم أصحاب جمعية الحكمة، وهم الذين يقولون: حتى لو جاء صوفي، ولا هذا السني.
فإن كان صدر من الشيخين تزكية فليتراجعا كما تراجعت عندما ظهر لي أمرهم في قضية الخليج، وظهر لي عداؤهم في اليمن، ومن رءوسهم: عبدالمجيد الريمي، ومحمد البيضاني، وعبدالله بن فيصل الأهدل، أصبحوا يسخرون من إخوانهم، فلو قرأت قصائد عبدالمجيد لوجدتها سنية، والآن تميعوا وضاعوا.
فأنا أنصح المشايخ أن يتراجعوا عن تزكيتهم، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما﴾(4)، ويقول: ﴿ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا﴾(5)، ويقول في كتابه الكريم: ﴿فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى﴾(6).
وهذه التزكية من أجل أن يغروا الناس، فهي غير مقبولة، إذا كانت إلى هذا الوقت، وقد ظهر منهم الطعن في الشيخ الألباني، والطعن في الشيخ ابن باز عند أن أفتى في قضية الخليج بجواز الصلح مع اليهود، وهم يفرحون بهذا لينفروا الناس عن العلماء لأنه لم يبق معهم أحد، فهم يقولون: ليس لهؤلاء إلا أن نطعن في علمائهم، لأننا نحن العلماء. والشيخ إذا خالفهم أصبح من جماعة التكفير. وقد دعوا أبا صهيب -وهو سوري- ليعلم عندهم، وبعد أن علم عندهم ما شاء الله قالوا: رأينا ثمرة تعليمك راجعة إليك، فاختر أي بلد ونحن نعطيك حق التذكرة. فقال لهم: البلد بلد الله، وليست ببلدكم، واقطعوا مرتبكم فلست أريده، ثم بقي الطلبة معه والحمد لله ما خرج منهم طالب واحد. على أنهم محترقون بحمد الله ليس لهم أثر، وأنصح الإخوة السلفيين أن يبتعدوا عن هؤلاء الحزبيين، لأنهم لا يريدون إلا تكثير سواد حزبهم.
وإذا جاء إليك عقيل المقطري، أو محمد المهدي، أو غير هذين وقالوا: هذا عالم من علماء اليمن. فلا تستضفه، ولا تستقبله، ولا تحضر محاضرته، فهو يتجول من أجل الدولارات.
وقد أخبرني أخ جاء من أمريكا أنهم كانوا يتجولون في أمريكا، ويلقون المحاضرات ويقولون: أنا وكافل اليتيم كهاتين، فقام شخص عليهم -وقد كان يريد مساعدة البوسنة والهرسك- فقال لهم: كافل اليتيم الذي يكفله، وليس الذي يشحذ فجرى بينهم الخصام من أجل الدنيا.
والدعوة عند أن دخلتها المطامع الدنيوية قلت بركتها: ﴿ألا لله الدين الخالص﴾(7)، ويقول: ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين﴾(8).
أما مجلة الشحاذة التي نسميها مجلة (الفرقة) ويسمونها هم مجلة (الفرقان)، فأنا أتحداهم أن يأتوا بعدد من أعدادها ليس فيه شحاذة، وأتحدى محمدا المهدي أن يأتي بطالب مستفيد، بل مسخ عبدالله بن غالب ومحمدا البيضاني، وغير واحد، فقد كانوا طلبة علم هنا واستفادوا، ثم غرهم.
ونسيت محمدا الهدية الذي يركض من السودان، إلى الرياض، ثم إلى جدة، ثم إلى قطر، فإلى أبي ظبي، فإلى دبي، من أجل أن يبني مسجدا للصوفية.
فأنصحكم أن تبتعدوا عن هؤلاء، ولعل قائلا يقول: فعند من نتعلم؟ فأقول: أرى أنه واجب على إخواننا الأفاضل بأرض الحرمين ونجد أن يرسلوا لإخوانهم أناسا ليسوا بحزبيين، وواجب علينا كذلك أن نرسل لإخواننا في بريطانيا ببعض الإخوة المستفيدين ولو ثلاثة أو خمسة أشهر.
فأقول: يجب الإقبال على الكتاب والسنة، أما محاضرات المبتدعة فتراه يركض وينطح في محاضرته، ولكن بعد هذا يقول: عندنا مشروع مركز علمي، والمركز العلمي هذا في منطقة الدليل.(9)
فأنصح الأخوة حفظهم الله أن يطلبوا من الشيخ ابن باز حفظه الله أن يرسل لهم من يعلمهم، وأنصح إخواني هاهنا أن يذهب واحد منهم ويبقى ثلاثة أشهر، ثم يرجع ويذهب غيره، وهذا ليس من باب النصح فقط، بل أعتبره واجبا، ولكن لا يأتي الأخ إلى بريطانيا ثم تضيعون وقته بالأسفار، أو لا يجد طلبة يدرسون عنده. فعليهم أن يتعلموا شيئا من اللغة العربية والعقيدة والفقه الإسلامي، وأحاديث النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
السؤال126: عندنا جماعة يقال لها: اتحاد الإسلام الصومالي، يتعاونون مع السرورية، وجماعة الجهاد، والإخوان المسلمين، ويأخذون البيعة ممن انتمى إليهم، ويدعون أنهم أهل السنة والجماعة؟
الجواب: جاء في «صحيح البخاري» من حديث أبي هريرة قال: بينما النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال، فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه، قال: «أين أراه السائل عن الساعة»؟ قال: هاأنا يا رسول الله، قال: «فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة»، قال: كيف إضاعتها؟ قال: «إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة».
فهذه مصيدة للشباب المغفل، وأين نهاية الجهاد الأفغاني الذي لم يقم مثله جهاد، وغير الجهاد الأفغاني. فالجهاد في سبيل الله يعتبر من أسمى شعائر الدين الإسلامي: ﴿إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم﴾(10)، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو، مات على شعبة من نفاق». ويقول: «لغدوة في سبيل الله، أو روحة، خير من الدنيا وما فيها».
وقبل أيام نشرت مجلة من باكستان من أصحاب الهوس قالوا: نحن في طريقنا إلى تحرير فلسطين، ومن عارضنا من هذه الحكومات قاتلناه، وكتبوا إلي رسائل بهذا.
وحتى الجهاد نفسه قد أصبح مسألة استرزاق، كتب كاتب في إمارة (كنر) وذكر أن بعض الذين كانوا مع (أسامة) تقدموا وأرادوا أن يحتلوا موقعا للشيوعيين، فما شعروا إلا بالرشاشات ترشهم من خلفهم، فرجعوا وقالوا: ما هذا؟ قالوا: هكذا قال لنا القائد الأفغاني، فذهبوا إلى هذا القائد وسألوه، فقال: تريدون أن تنهوا الحرب الأفغانية، من أين يأكل هؤلاء؟ ووالله أني أود لو بقيت مائة سنة.
فأصبح الجهاد مصدر رزق وتضليل للشباب، فعليهم بالإقبال على العلم النافع، وإذا وجدوا شعبا متيقظا مستعدا أن يجاهد وأن يصبر صبر الصحابة. وأما أن يوجه المسلمون المدافع والرشاشات إلى بعضهم البعض ويقولون: جهاد جهاد، فلا، يقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار» قيل: يارسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: «إنه كان حريصا على قتل صاحبه». متفق عليه من حديث أبي بكرة.
فأنصح الإخوة إذا دعوا إلى الجهاد أن يقولوا: نتعلم أولا، ثم ننظر لأي شيء نقاتل، ومن هو قائد الجهاد الذي يدعونا إلى الجهاد في سبيل الله، أهو حزبي يدعونا من أجل أن نلتف حوله أم هو من أصحاب ذوي الأهواء، أم مدسوس علينا، فلا يمنع أن يدسوا لنا شيوعيا لحيته تملأ صدره، ثم يقول: الجهاد الجهاد أيها المسلمون، فيخرج المسلمون وتسفك دماؤهم. وهذا الذي نقوله ليس أمرا خياليا، بل هو واقع كما حصل في بعض البلاد التي استولت عليها الشيوعية مثل تركستان، والقوقاز، وأرمينية، وسبع جمهوريات، فقد جاءهم الشيوعيون وقالوا لهم: نحرر البلاد عن الاستعمار، فكان أول من قام هم المسلمون، ثم وثب الشيوعيون على الكراسي وذبحوا الدين والمسلمين، وأخذوا أموالهم، ودمروا الإسلام والمسلمين نحو سبعين سنة حتى أذلهم الله.
فيجب أن نكون حذرين، وأقول: من الذي يدعو إلى الجهاد؟ أهو الشيخ عبدالعزيز بن باز، فليس عندنا شك ولا ريب أن الشيخ ابن باز حفظه الله لا يدعو الناس إلا إلى الخير، أم هو الشيخ الألباني؟ أم هو زعيم جماعة لا ندري من هو وما مقصده، فتجده مع الديمقراطيين ديمقراطي، ومع السلفيين سلفي، ومع الصوفيين صوفي، ومع الشيعة شيعي، ويحدث بحديث: «أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى».
وأنا عياذا بالله لا أحذر عن الجهاد، وأود لو أن الله ييسر بشعب بطل -مثل الشعب الأفغاني الذي هزم الله على يديه الروس- يهزم الله على يديه أمريكا، ولكن لا نحب أن نكون كما قيل:
على كتفيه يصعد المجد غيره
وهل هو إلا للتسلق سلم
فلا يتسلق على ظهورنا الشيوعي، والعلماني، والبعثي، ثم نرجع إلى ما كنا فيه، بل يجب أن نكون يقظين. وأنصح الإخوة ألا يحضروا محاضرات هؤلاء، ولا يشغلوا أنفسهم بالجدال معهم. فقد جاء أن رجلا جاء إلى محمد ابن سيرين فقال له: يا بن سيرين إني أريد أن أقرأ عليك قرآنا؟ قال: لا، وأقسم عليك بالله أن تخرج من بيتي. فأبى ذلك الرجل أن يخرج فقام ابن سيرين يجمع ثيابه ليخرج هو من بيته، فقيل للرجل: أتريد أن تخرج الرجل من بيته. وجاء آخر إلى الإمام مالك وقال: يامالك إني أريد أن تناظرني، قال: فإن غلبتني؟ قال: اتبعتني، قال: فإن جاء رجل آخر وناظرني وغلبني؟ قال: اتبعته، قال: إذا يصير ديننا عرضة للتنقل، اذهب إلى شاك مثلك فإني على ثبات من ديني.
فلا تشغلوا أنفسكم بمناظرة الحزبيين، فهم لا يريدون الحق، لا يريدون إلا إدخال الشبهات عليكم، فعليكم بالابتعاد عنهم، ولا تجادلوهم. فإن قال قائل: فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن﴾(11). فالجواب: نعم، لو علم أن هناك ثمرة، أما أن يأتيك ويضيع عليك وقتك، فلا. وخصوصا إذا كنت تاجرا، فهو مستعد أن يأخذ عمامته ويمسح الغبار عن نعليك، أو كان لك من السلطة شيء، أو كنت متبوعا، فهم مستعدون أن يتابعوك حتى يظفروا بك ويصطادوك.
السؤال127: عندنا جماعة إحياء التراث الإسلامي لعبدالرحمن عبدالخالق، فما نصيحتك للشباب الذين دخلوا معهم؟
الجواب: هذه جماعة فرقة، فقد زارنا بعضهم إلى اليمن وقالوا لنا: نحن لا نستطيع أن نساعدكم إلا أن يكون لكم مركز حكومي -بمعنى أن يكون معترفا بكم من قبل الحكومة- فقلنا لهم: ونحن لا نريد مساعدتكم إلا أن تساعدونا بلا شرط ولا قيد، فعمدوا إلى بعض ضعاف الأنفس واستمالوهم بالعملة الغالية -الدينار الكويتي- حتى زهدوهم في أهل العلم، وقال قائل الكويتيين في مجلس وهم في صنعاء: إن دعوتنا ما انطلقت إلا بعد أن تركت العلماء. فأقول: أف لهذه المقالة النتنة، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾(12)، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون﴾(13).
ويقول سبحانه وتعالى في شأن قصة قارون عند أن خرج على قومه في زينته قال أهل الدنيا: ﴿ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم * وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون﴾(14).
فأهل العلم هم الذين يعرفون ويضعون الأشياء في مواضعها، ومن شك في كلامي فليذهب إلى عبدالمجيد الريمي وليقل له: أسألك بالله عند أن كنتم في مجلس مع كويتي أقال لكم: ما انطلقت دعوتنا إلا بعد أن تركنا العلماء؟
فهذه دعوة مفرقة بين أهل السنة. وجاء في «صحيح البخاري» عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: «ومحمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فرق بين الناس». وفي رواية: «ومحمد فرق بين الناس». أي: أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يفرق بين الأب وابنه، فيكون الأب كافرا والولد مسلما، أو ربما تكون المرأة مسلمة وزوجها كافر، أو العكس، وكذا الأخ وأخيه. لكن دعوة عبدالرحمن بن عبدالخالق فرقت بين أهل السنة في اليمن، وفي مصر، وفي أرض الحرمين ونجد، وفي الكويت نفسها، وفي الإمارات، وفي غير ذلك من البلدان.
فأنصح كل أخ ألا يبيع دينه بعمارة مسجد، فإذا قالوا لك: نبني لك مسجدا فقل لهم: تبنون لي مسجدا لله تعالى بدون شرط ولا قيد، «من بنى مسجدا لله تعالى يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتا في الجنة». أما أن يقال: نبني لك مسجدا وتكون معنا، أو مدرسة تحفيظ قرآن، وتكونون معنا لأجل أن تصوتوا لنا. فلا.
وفي كتب عبدالرحمن عبدالخالق طوام، وأنصح بمراجعة كتاب أخينا الفاضل ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله في رده على عبدالرحمن عبدالخالق، لأن بعض الناس يظن أنه قد تراجع وتاب على يد الشيخ ابن باز، فهو قد تراجع في بعض المسائل فقط، فهل تراجع عن تفرقة المسلمين؟ وهل تراجع عن البعد عن الحزبية؟ وهل رجع إلى ما كان عليه عند أن كان في الجامعة الإسلامية؟ فقد كان على خير حتى عصفت به الأهواء يمينا وشمالا.
فهؤلاء أناس -سواء أكانوا من جماعة عبدالرحمن عبدالخالق، أم من الإخوان المسلمين، أم من السرورية- قد أصبحوا مثل الأعور -ولا أقول عميانا- فإنهم مبصرون، وكما قيل:
أعمى يقود بصيرا لا أبا لكم قد ضل من كانت العميان تهديه
فأقول للأخوة البريطانيين: لن يضيعكم الله سبحانه وتعالى، ومن علم شيئا من العلم فليعلم إخوانه. وأنصحكم بالابتعاد عن هؤلاء، ومطالبة العلماء الأفاضل بإرسال من يعلمكم فإن التعليم أنفع لكم، وإذا أتى شخص مستفيد وبقي عندكم ثلاثة أشهر لكان أنفع لكم ولبلدكم.
السؤال128: عندنا الإخوان المسلمون، والسروريون، وجماعة التبليغ كثيرون والسلفيون قليلون فكيف يتعامل السلفيون مع هؤلاء الجماعات؟
الجواب: تقدم التنبيه على ذلك، وهو الابتعاد عنهم، وأما جماعة التبليغ فأنصح باقتناء كتاب الشيخ الفاضل حمود التويجري -رحمه الله- «القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ».
السؤال129: ما نصيحتك للإخوان الذين سمعوا كلام العلماء في عبدالرحيم الطحان وما زالوا يقلدونه، ويستمعون أشرطته؟
الجواب: أنصحهم أن يتركوا التعصب والعاطفيات العوجاء، وأن ينظروا إلى ما قال فيه أهل العلم، فهم لم يتكلموا فيه من أجل غرض دنيوي، ولكن من باب قول الله عز وجل: ﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون﴾(15).
ومن باب قول الله عز وجل: ﴿لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون﴾(16).
فأهل العلم قاموا بواجب نحو ذلك الشخص الذي كان مدرسا في جامعة أبها يدرس التوحيد ثم تغير، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء».
وكان من دعاء الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك». وأنا لست ضامنا ألا أتغير، وكل أحد لا يستطيع أن يضمن نفسه من التغير.
وما يدرينا أنه كان يبطن العقيدة الخبيثة، ثم بعد أن طرد من أبها أظهر ما عنده من الضلال، وإنني أحمد الله فقد بلغنا أن الحكومة القطرية منعته من الخطابة، ومن المحاضرات، وأنه باق في بيته، ويتركون له مرتبه لأنهم أناس كرماء. وقد أحرقته الكتب والأشرطة، وأهل العلم أعطوه نصيبه وقسطه، ومن فضل الله أنه لا يقوم مبتدع، إلا ويقوم أهل العلم عليه. فهل قام الشيخ ابن باز، والشيخ الألباني، والشيخ محمد بن جميل زينو، وغيرهم ممن لا أذكر أسماءهم، هل قاموا عليه لأنهم يحسدونه على دنياه، أم لأجل أن بينهم وبينه نزاعا دنيويا؟ بل قاموا عليه لوجه الله، ولما أظهر من البدع.
وعندنا مجلة (الفرقة) التي تسمى (الفرقان)، تتباكى لأنني تكلمت في عبدالرحيم الطحان، ولماذا أتكلم في راشد الغنوشي، وفي عبدالرحمن عبدالخالق، وفي حسن الترابي.
وإنني أحمد الله إذ وفق أهل السنة بالبعد عن الحزبيات والحزبيين، وأنت أيها السني لو كنت وحدك وأنت على الحق فلا تبال، يقول الله تعالى: ﴿إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين﴾(17)، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يرى النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، فأنت تتمسك بالدين حتى ولو كنت وحدك.
وتعجبني كلمة الشيخ الألباني أسأل الله أن يحفظه ويجزيه خيرا، فقد قال عن دعوة الإخوان المسلمين إنها مثل الجندي الذي يقال له: مكانك سر. وهكذا دعوة عبدالرحمن عبدالخالق والسرورية، فقد كان أهل البيضاء أفرح ما يكون بمحمد البيضاني لأن بلدهم مرتع الصوفية، ثم فشل وهرب إلى صنعاء، ثم رجع إلى البيضاء ولكنه لم يترك الحزبية، وبلاد حاشد أفرح ما تكون بعبدالله الحاشدي ثم هرب إلى صنعاء.
فالتوفيق بيد الله سبحانه وتعالى، وطلب العلم يحتاج إلى صبر، والدعوة تحتاج إلى صبر يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون﴾(18)، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون﴾(19).
فصبر على طلب العلم وعلى الدعوة إلى الله، وعلى العامة، وعلى المسئولين، وعلى ذوي الأهواء، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «الصبر ضياء».
السؤال130: ما هي الكتب التي يبدأ بها طالب العلم، ثم أراد أن يتوسع؟
الجواب: الكتب التي يبدأ بها طالب العلم المبتدئ -إذا كان يجيد القراءة والكتابة- أن يقرأ في «فتح المجيد شرح كتاب التوحيد» فهو كتاب عظيم، وفي «العقيدة الواسطية» لشيخ الإسلام ابن تيمية، وفي «القول المفيد» لأخينا محمد بن عبدالوهاب الوصابي، وهكذا «بلوغ المرام» و«رياض الصالحين»، فإذا قرأت في هذه الكتب فنفسك تتوق إلى كتب أخرى، وإن استطعت أن تبدأ بحفظ القرآن فهو أفضل وأحسن، ومسألة اللغة العربية لإخواننا الأعاجم فهي مهمة جدا، فإذا كان الشخص أعجميا لا يحسن اللغة العربية ربما يأتيك شخص في هيئة إسلامية، ويفسر لك القرآن على غير تفسيره، كما حصل من المعتزلة.
السؤال131: ما هي الطريقة الصحيحة لحفظ القرآن والأحاديث؟
الجواب: أما حفظ القرآن فالناس يتفاوتون، فمن الناس من يستطيع أن يحفظ صفحة، ومنهم من يستطيع أن يحفظ ورقة، ومنهم من لا يستطيع أن يحفظ إلا نصف صفحة أو أقل، فكل على حسب قدرته، ومن الأمور التي تساعد على حفظ القرآن، التكرار والمراجعة، وقيام الليل به إن استطعت أن تقوم الليل، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا﴾(20)، ويقول: ﴿ومن الليل فتهجد به نافلة لك﴾(21). وكذلك الأخذ من المشايخ والحفظ على أيديهم، فإن لم تجد فأنصح باقتناء أشرطة القراء المتقنين الذين يقرءون قراءة سليمة، ولا يمططون كما يصنع عبدالباسط، بل من القراء المعتدلين المتوسطين، وليست من تلك التي كرهها بعض السلف.
وأما حفظ الأحاديث فهي أسهل قليلا، إذا كانت بدون أسانيد، فيمكن أن تحفظ في اليوم أو اليومين أو الثلاثة الأيام، حديثا واحدا، ثم تعمل بهذا الحديث، فإن هذا يساعد على رسوخ الحديث، ثم مذاكرة الإخوان وكثرة التكرار والترداد.
السؤال132: كيف يصبح طالب العلم زاهدا في الدنيا، متواضعا بعلمه غير متكبر، قلبه معلق بالله تعالى؟
الجواب: لا بد أن يعرف طالب العلم حالته، وضعفه، وعجزه، وفقره، إلى الله سبحانه وتعالى، ثم يقرأ سيرة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وما كان عليه من التواضع، فربما يأتيه الأعرابي ويمسكه بردائه حتى يؤثر في جنبه ويقول: يامحمد أعطني فإنك لا تعطيني من مالك ولا من مال أبيك. فيعطيه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
ويقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «ما تواضع أحد لله إلا رفعه».
فسيرة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وسيرة الصحابة تساعدك على التواضع، ومعرفتك لنفسك وما أنت عليه من الضعف والعجز، وأنك عرضة للأمراض أو غير ذلك، فهذا يساعدك على تفويض الأمر لله سبحانه وتعالى.
السؤال133: إذا اختلف العلماء في مسألة من المسائل، فكيف يعمل العامة مع هذا الخلاف؟
الجواب: يسألون أتقاهم عندهم عن الدليل، فإن الصحابة كانوا يسألون رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. والعامي يشمله قوله تعالى: ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم﴾(22). ويشمله قوله تعالى: ﴿اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون﴾(23). ويشمله قوله تعالى: ﴿وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله﴾(24). ويشمله قول رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى» قالوا: يارسول الله ومن يأبى؟ قال: «من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى».
فلا بد أن يسأل عن الدليل، وإذا كان التعليم بالفعل فهو أحسن، فقد صلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على المنبر، وإذا أراد أن يسجد نزل. وقد دعا عثمان بماء -وكذا علي بن أبي طالب- فتوضأ واحد منهما أمام الناس ليعلموهم صفة وضوء رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. وهكذا الحج يقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لتأخذوا عني مناسككم». ويقول في الصلاة: «صلوا كما رأيتموني أصلي».
فلا بد أن تسأله عن الدليل، ولا بأس أن تسأل الآخر عن الدليل الصحيح. والحجة الكتاب والسنة.
السؤال134: كيف يحافظ المسلم على إسلامه في بلاد الكفر؟
الجواب: يحافظ عليه بالحرص والتمسك بالدليل، ومجالسة الصالحين فقد جاء في «الصحيحين» عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «مثل الجليس الصالح والسوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة».
ورب العزة يقول في كتابه الكريم في شأن أهل الجنة: ﴿فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون * قال قائل منهم إني كان لي قرين * يقول أئنك لمن المصدقين * أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون * قال هل أنتم مطلعون * فاطلع فرآه في سواء الجحيم * قال تالله إن كدت لتردين * ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين﴾(25).
ويقول الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
أولئك الذين يقولون: هذا جائز، وفلان متشدد، عليك أن تحذر منهم وتبتعد عنهم، وتطالب بالدليل: ﴿ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * ياويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا﴾(26).
وبالابتعاد عن التقاليد وعما ألفته قبل الإسلام، والنفس تميل إلى ما ألفه الشخص قبل، فينبغي أن يبتعد عن ذلك، وأن يجالس المسلمين الصالحين، يقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل».
السؤال135: من هم العلماء الذين تنصحون بالرجوع إليهم، وقراءة كتبهم وسماع أشرطتهم؟
الجواب: قد تكلمنا على هذا غير مرة، ولكننا نعيد مرة أخرى، فمنهم الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله، وطلبته الأفاضل مثل الأخ علي بن حسن بن عبدالحميد، والأخ سليم الهلالي، والأخ مشهور بن حسن، والشيخ عبدالعزيز بن باز حفظه الله، والشيح محمد بن صالح بن عثيمين، والشيخ ربيع ابن هادي المدخلي، فهو آية من آيات الله في معرفة الحزبيين -لكن لا كآيات إيران الدجالين- والشيخ عبدالمحسن العباد حفظه الله، وهكذا الأخ أبوالحسن المصري، والأخ محمد بن عبدالوهاب الوصابي، وكذلك الأخ مصطفى بن العدوي، والأخ أسامة بن عبداللطيف القوصي، والأخ أحمد بن إبراهيم بن أبي العينين، وثلاثتهم مصريون، وهذا على سبيل المثال ليس على سبيل الحصر.
السؤال136: أيهما أفضل: الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، أو الرحلة إلى بلاد الإسلام من بلاد الكفر لطلب العلم ثم الرجوع إلى بلاد الكفر مرة أخرى؟
الجواب: هذا يختلف باختلاف الشخص، فإن كان الشخص نفسه عنده علم ويريد أن يرجع للدعوة إلى الله فأنا أنصحه بذلك، وإن كان يخشى على نفسه من الفتنة، فأنصحه بالفرار والابتعاد، يقول الله تعالى: ﴿إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا﴾(27).
أما الذي لديه علم، ويريد الدعوة إلى الله وهو آمن على نفسه من الفتنة، فلا بأس أن يبقى هنالك ويدعو إلى الله سبحانه وتعالى ويحذر على أسرته من التنصر. وقد سألني أخ عن الذهاب إلى بريطانيا للحصول على الجنسية البريطانية، وهم لا يعطون الجنسية إلا بعد اليمين والميثاق أنك مع الدستور وأن توالي الحكومة البريطانية. ويقول الله تعالى: ﴿لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله﴾(28)، ويقول تعالى: ﴿لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير﴾(29).
بل ينبغي للأخ الذاهب إلى هناك أن يعتز بدينه، وأن يدعو إلى الله تعالى: ﴿ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين﴾(30).
السؤال137: لما جئنا إلى هنا اتضح لنا أن الإخوة في بريطانيا مقصرون في طلب العلم فما هي نصيحتك لهم؟
الجواب: الذي أنصحهم به أن يستدعوا إخوانا من طلبة العلم ويناشدوهم بالجلوس معهم، فرب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب﴾(31).
وقد فضل الله سبحانه وتعالى صيد الكلب المعلم على غيره فأباحه، وغيره لم يبحه: ﴿يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب﴾(32).
فلا بد من طلب علم. هذا ونسأل الله العظيم أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى.
والحمد لله رب العالمين.
_______________________
(1) تم التسجيل في 13 رمضان 1416ه.
(2) سورة الأنعام، الآية: 159.
(3) سورة آل عمران، الآية: 103.
(4) سورة النساء، الآية: 107.
(5) سورة النساء، الآية: 49.
(6) سورة النجم، الآية: 132.
(7) سورة الزمر، الآية: 3.
(8) سورة البينة، الآية: 5.
(9) وما أظن إلا أنه سيخرب بعد أن ترك عبدالله بن غالب إدراته، ونقل إلى معهد البيحاني، لأنه قد كان به قدر عشرين طالبا، ولأن عبدالله بن غالب نفسه مخزن بالقات وهو كسول نئوم، قد رأيناه عند أن كان ههنا في دماج، فتارة يخرج في الشمس يتضحى تارة على هذا الجنب، وأخرى على الجنب الآخر، وبعد أن يشبع تضحي من الشمس يأتي بالبطانية ويدخل المكتبة ويمدها وينام. فأقول: لا معهد الدليل، ولا معهد البيحاني سينتج ما دام مديره عبدالله بن غالب.
(10) سورة التوبة، الآية: 111.
(11) سورة العنكبوت، الآية: 46.
(12) سورة النحل، الآية: 43.
(13) سورة العنكبوت، الآية: 43.
(14) سورة القصص، الآية: 79-80.
(15) سورة آل عمران، الآية: 104.
(16) سورة المائدة، الآية: 78.
(17) سورة النحل، الآية: 120.
(18) سورة آل عمران، الآية: 200.
(19) سورة السجدة، الآية: 24.
(20) سورة المزمل، الآية: 6.
(21) سورة الإسراء، الآية: 79.
(22) سورة الإسراء، الآية: 36.
(23) سورة الأعراف، الآية: 3.
(24) سورة الأنعام، الآية: 153.
(25) سورة الصافات، الآية: 50-57.
(26) سورة القرفان، الآية: 27-29.
(27) سورة النساء، الآية: 97.
(28) سورة المجادلة، الآية: 22.
(29) سورة آل عمران، الآية: 28.
(30) سورة فصلت، الآية: 33.
(31) سورة الرعد، الآية: 19.
(32) سورة المائدة، الآية: 4.
فهرس الكتاب |
|
|