الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد: فهذه أسئلة وردت من إخواننا في دولة إندونيسيا المسلمة إلى شيخنا أبي عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي حفظه الله.
السؤال65: ما حكم الصلاة في المسجد الذي أمامه مقبرة؟
الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد: فالصلاة في المسجد الذي أمامه مقبرة خارج جدار المسجد صحيحة، لأن النهي عن الصلاة في المسجد الذي فيه مقبرة، كما جاء عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: «الأرض كلها مسجد، إلا المقبرة والحمام».
وفي «صحيح مسلم» من حديث جندب عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك».
وحديث: أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها».
فهذا إذا كانت الصلاة إليها بدون حائط أو جدار. أما إذا وجد الجدار أو الحائط وهي خارج المسجد، فالصلاة صحيحة إن شاء الله.
السؤال66: ما حكم الصلاة خلف المبتدع القبوري؟
الجواب: إن كان قبوريا يعتقد أن أصحاب القبور ينفعون ويضرون مع الله، أو من دون الله، فهذا يعتبر مشركا، فلا تصح الصلاة بعده، وأما إذا كان يتمسح بأتربة الموتى أو يجلس عند القبور ويقول: إن لهم منزلة عند الله، ولا يعتقد فيهم نفعا ولا ضرا، فهذا مبتدع لا يبلغ إلى حد الشرك، لكن الغالب على الذي يجلس عند القبور ويطوف بها ويتمسح بأتربة الموتى أنه يفعل ذلك عن عقيدة، كما قال محمد بن إسماعيل الأمير في كتابه القيم: «تطهير الاعتقاد» فقد أورد على نفسه سؤالا: إنهم يذبحون عند القبور وليس هناك عقيدة، قال: أفيأتون من مكان بعيد ليلوثوا القبر بالدماء، ثم نقول بدون عقيدة، فما فعل هذا إلا عن عقيدة. اهـ
فإن كان مبتدعا لم تصل به بدعته إلى الشرك، فالذي ينبغي أن يؤخر، وأن يصلي غيره بالناس لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿واجعلنا للمتقين إماما﴾(2) في شأن عباد الرحمن.
والإمامة تعتبر تشريفا وتكريما، وربما يظن الجهال أنك مقر له على بدعته، أو أنه رجل صالح، فعلى هذا فإن استطعت أن تنحيه وتصلي أو يصلى رجل سني فعلت، وإن لم تستطع فننصح بالصلاة في مسجد آخر من مساجد السنة، فإن لم تستطيعوا، وكان لديكم المقدرة على بناء مسجد فالأفضل أن تبنوا لكم مسجدا، حتى تستطيعوا أن تقيموا سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
ولن تقام سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إلا بالتميز، فإذا لم يتيسر لا ذا، ولا ذاك أي: لم تستطع أن تؤخره، وتخشى من حدوث فتنة، ولم يكن هناك مسجد سنة آخر، ولم تستطع أن تبني لك مسجدا، فإن كانت بدعته لا تصل به إلى الكفر فالصلاة صحيحة، لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «صلوا فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم».
السؤال67: ما هو ضابط المبتدع؟
الجواب: هو الذي يحدث في دين الله ما ليس منه، لأن البدعة في اللغة هي: ما أحدث على غير مثال سابق، وفي الشرع: أن يزيد في الشرع ما ليس منه.
والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد».
بل الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا﴾(3).
والابتداع يكون في الأمور الدينية، أما في الأمور الدنيوية فليس بمحرم.
وهناك كتب أنصح بقراءتها منها كتاب «البدع والنهي عنها» لمحمد بن وضاح الأندلسي، ومنها كتاب «السنن والمبتدعات» على أن صاحبه قد أجاد في ذكر البدع، ولكنه قليل البضاعة في علم الحديث، فربما يصحح حديثا وهو ضعيف، أو يضعف حديثا وهو صحيح، وربما يطعن في إمام من الأئمة، فقد طعن في عبدالرزاق الصنعاني، وقال: قد كذبه عباس بن عبدالعظيم العنبري، ولكن العلماء لم يقبلوا من عباس بن عبدالعظيم العنبري هذا، فيستفاد من الكتاب في الحصر، لا في علم الحديث، ولا في الكلام على الرجال.
السؤال68: هل يرى المؤمن ربه في المنام مع الدليل، وهل ثبت عن بعض السلف أنهم رأوا ربهم في المنام أم لا؟
الجواب: ليس هناك ما يمنع، وقد جاء في حديث معاذ وحديث عبدالرحمن ابن عائش وابن عباس، وبعضهم يقول: إنها ترتقي إلى الحجية، جاء فيها أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- رأى ربه.
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في «تفسيره» عند تفسير قول الله عز وجل: ﴿ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون﴾(4) لأنه ذكر الحديث عنده، قال: هذه رؤيا منامية. فلا أعلم مانعا من هذا، أي: أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- رأى ربه في المنام.
وهكذا نقل عن الإمام أحمد وعن غيره من علماء السلف أنهم يرون الله في المنام. لكن لو رأى الإنسان ربه وأتى بشيء يخالف التشريع الإسلامي الموجود، فلا يقبل لأن الذي رآه يحتمل أن يكون رآه حقيقة، وأن تكون وساوس نفس، كما جاء أن الرؤيا تنقسم إلى ثلاثة أقسام: رؤيا من الله، وحلم من الشيطان، وحديث نفس. وزيادة على هذا أن النائم ليس بوعيه حتى يقبل ما رآه في منامه.
السؤال69: رجل تزوج بامرأة من جماعة التكفير وهو لا يدري، فلما علم بالأمر طلقها وأنجبت له ولدا، فهل يجوز له أن يأخذ ولده غصبا عنها خشية أن يتأثر بها أم لا؟
الجواب: ننصحه أن يعظها ويذكرها بالأحاديث الواردة في ذم تكفير المسلمين مثل حديث: «من قال لأخيه: ياكافر إن كما قال، وإلا رجع عليه».
وكما قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الخوارج: «إنهم كلاب أهل النار» ويقول: «يمرقون من الدين، كما يمرق السهم من الرمية».
فيذكرها بالله ويقص عليها ما ورد عن الخوارج وفي ذمهم، فإن رجعت وإلا فارقها إذا خشي على أولاده، أما ابنه فالنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول لامرأة: «أنت أحق به ما لم تنكحي». ولكن إذا خشي أن تدعو ولدها إلى البدعة -وهي رأي جماعة التكفير- فله أن يأخذ ولده، فإنها ليست أهلا لحضانته.
السؤال70: ما حكم صلاة المنفرد خلف الصف؟
الجواب: النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «لا صلاة لمنفرد خلف الصف»، والحديث صالح للحجية، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من صلى خلف الصف أن يعيد صلاته. فهذا هو الراجح من قول أهل العلم، والجمهور لا يرون أنه يلزم أن يعيد الصلاة، ولكن حديث رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أحق بالاتباع.
السؤال71: رجل اشترى سيارة بالتقسيط، واشترط عليه البائع ألا يبيع السيارة حتى يسدد كل ثمنها، وأوراق تمليك هذه السيارة مع البائع فأراد المشتري أن يبيع السيارة إلى رجل آخر قبل تسديد ثمن السيارة، فما حكم هذا البيع، وهل يلزمه الوفاء بذاك الشرط أم لا؟
الجواب: إذا التزم له ورضي به فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود﴾(5).
وأما حديث: «أي شرط ليس في كتاب الله فهو باطل»، فيحمل على الشروط المخالفة، أما شخص يخشى على ضياع ماله، واشترط هذا الشرط فالذي يظهر أنه يجب الوفاء به.
أما بيع التقسيط وإن كان رأي الجمهور كما في «نيل الأوطار» وكما ألف بعض علمائنا المعاصرين رسالة بجوازه، لكن الصحيح أن فيه معنى الربا، فعلى هذا لا يجوز التعامل ببيع التقسيط.
السؤال72: ما حكم من يقول بخلق القرآن؟
الجواب: يعتبر مبتدعا ضالا، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وكلم الله موسى تكليما﴾(6)، ويقول أيضا في شأن موسى: ﴿وكلمه ربه﴾(7).
وأما ما جاء من الآيات: ﴿إنا جعلناه قرءانا عربيا﴾(8) فليس معنى جعلناه: خلقناه، بل معناه: صيرناه، لأن جعل التي بمعنى خلق لا تتعدى إلا إلى مفعول واحد، والتي بمعنى صير تتعدى إلى مفعولين، وهذا يعتبر من المتشابه، فلا بد من رده إلى الأحاديث والآيات القرآنية الأخرى، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «ألا رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي».
فهو كلام الله، والقائل بأنه مخلوق يعتبر مبتدعا ضالا.
السؤال73: ما هو القول الفصل في يوسف القرضاوي، وهل هو مبتدع أم لا، وما رأيكم فيمن يقول: بأنه عدو لله، ومن أبناء اليهود ويلقبه: بالقرظي، نسبة إلى بنى قريظة؟
الجواب: يوسف القرضاوي منذ عرفناه وسمعنا به، وهو حزبي مبتدع، أما أنه عدو للسنة فلا نستطيع أن نقول إنه عدو للسنة(9)، ولا نستطيع أن نقول إنه من أبناء اليهود، فلا بد من العدالة، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى﴾(10). ويقول: ﴿وإذا قلتم فاعدلوا﴾(11). ويقول: ﴿ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا﴾(12).
والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر أبا ذر أن يقول الحق ولو كان مرا.
فأنا لا أنصح باستماع أشرطته، ولا بحضور محاضراته، ولا بقراءة كتبه فهو مهوس، وله كتاب في جواز تعدد الجماعات، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «يد الله مع الجماعة»، فلم يقل: مع الجماعات. ويقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة»، فما قال: وفارق الجماعات.
ويقول كما في حديث ابن عباس: «من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات إلا مات ميتة جاهلية». أخرجه البخاري. وكما في حديث معاوية عندما سئل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن الفرقة الناجية فقال: «هي الجماعة».
فالمسلمون جماعة واحدة، فلا يجوز للقرضاوي أن يسعى في تفرقة كلمة المسلمين ويشتت شملهم، ويضعفهم بالتفرقة، يقول الله عز وجل: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا﴾(13)، ويقول عز وجل: ﴿إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء﴾(14).
وأقبح من هذا ما نشر عنه في جريدة: إننا لا نقاتل اليهود من أجل الإسلام، ولكن من أجل أنهم احتلوا أراضينا.
أف لهذه الفتوى المنتنة، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين﴾(15).
فالدين مقدم على الوطن وعلى الأرض ولكن الحزبية تعمي وتصم.
ولنا رسالة في الرد عليه بعنوان «إسكات الكلب العاوي يوسف بن عبدالله القرضاوي».
السؤال74: ما هو مذهب السلف الصالح في معاملة الحكام؟
الجواب: الحكام لا يملكون أمورهم، ولكن الذي يملك أمر الحكام هي أمريكا، فهي تدعوهم إلى مؤتمر محاربة المتطرفين، والبطل فيهم من قام وقال: أبيدوا المتطرفين.
فالحكام مساكين لا يملكون أمرهم، ولكن معاملة السلف تكفينا، كما جاء في حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.
ويقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم، فاقتلوه».
وأنا أقول: إن حكامنا ليسوا كحكام بني أمية أو العباسيين، وإن كان قد وجد في بني أمية من يشرب الخمر، ومن يستمع إلى القينات، ومن لا يبالي بالرعايا، لكن إذا دهم أعداء الإسلام بلاد المسلمين قام كالأسد، مثل الرسالة التي بعثها الرشيد إلى ملك الروم يقول فيها: من هارون أمير المؤمنين، إلى نقفور كلب الروم، الجواب ما ترى لا ما تسمع.
ونحن في هذا الوقت: الجواب ما تسمع من الإذاعة، (إسرائيل وإسرائيل) وهم معها في الباطن، حتى حكومة عدن عند أن كانت حكومة شيوعية تقول: إسرائيل وفلسطين وكذا وكذا، وهم يذبحون المسلمين وينكلون بالمسلمين أعظم من إسرائيل.
فيجب أن نعرف ما نحن عليه، والشعوب مسلمة، فالشعب اليمني مسلم وحكومته باقية متمسكة بذيل الإسلام وهى تعتبر أحسن من غيرها، وكذلك الشعب السعودي مسلم وحكومته أيضا، وهي تعتبر من أحسن الحكومات، ونحن مسئولون عن هذا الكلام الذي نقوله.
فأقول: يجب وضع الأدلة في مواضعها، ولا نغتر بأناس يزعمون أنهم يعرفون الواقع، وقد كتب عبدالرحمن عبدالخالق بعد الحرب العراقية الإيرانية في الجرائد: «إن صداما مؤمن قوي».
فأقول: نعم هو مؤمن ولكن بالجبت والطاغوت.
فلا أنصح بالكلام في الحكام، ولكن يجب التثبت، فلا أنصح أحدا بالاصطدام مع حكوماتهم ولسنا دعاة فتن، فالشعوب مسلمة والدائرة ستكون على رءوس المسلمين، ولا أجيز الثورات والانقلابات والخروج على الحكام، والشعوب محتاجة إلى أن ترجع إلى الله سبحانه وتعالى ونواصي العباد بيد الله سبحانه وتعالى: ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾(16).
السؤال75: قال عبدالرحمن بن عبدالخالق لما جاء إلى إندونيسيا بأن الأخطاء التي نبه عليها الشيخ عبدالعزيز بن باز صدرت منه في زمن سابق، ولم يقلها في هذا الزمن فما قولكم في هذا الكلام؟
الجواب: أقول: عبدالرحمن بن عبدالخالق كان في بدء أمره له مواقف طيبة وقد نفع الله به في الكويت، ثم بعد ذلك انحرف، وأعظم انحرافه هو تفرقة كلمة أهل السنة، وقد تكلمنا عليه في كتاب «المخرج من الفتنة» وفى كثير من الأشرطة، وأنصح بقراءة كتاب أخينا في الله ربيع بن هادي «جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات» فهو كاف واف.
وأنا أشهد الله أنني أبغضه في الله لما افترى على دعوة أهل السنة فقد فرق بين أهل السنة في اليمن، وفي أرض الحرمين، وفي السودان.
وأقول: إنه لا يعتمد على أشرطته ولا على كتبه، وقد رأيت له كتابا بعنوان «الفكر الصوفي»، ينقل في هذا الكتاب من «طبقات الصوفية» لأبي عبدالرحمن السلمي محمد بن الحسين وهو متهم، فكيف نأخذ منه ونستدل بذلك الكتاب وربما يكون فيه إزراء على بعض الأشخاص.
أما عبدالرحمن عبدالخالق فلا أنصح بقراءة كتبه ولا باستماع أشرطته ولا أثق به، فقد قال للشيخ ابن باز: إنني قد رجعت عن هذه الأمور الأربعة التي انتقدتها علي.
وأقول: إنه لا يكفي انتقاد الشيخ عبدالعزيز بن باز في قضايا يسيرة، بل الرجل أضل أمما وفرق كلمة أهل السنة، وغر الناس بديناره لا بأفكاره.
فجمعية إحياء التراث بالكويت هي التي تجمع الأموال ثم ترسل عبدالرحمن بن عبدالخالق ليضل الناس ويشتت شملهم، فالدعوة غنية عن عبدالرحمن وعن أفكاره، فعليه بالجلوس في بيته وإن كان غيورا على الإسلام فليذهب إلى مصر، فإنها محتاجة إلى دعاة، ولعله سيتفق مع الأزهريين في آرائهم، أفكار الضياع والميوعة.
أما جمعية إحياء التراث فقد انقسمت إلى أربعة أقسام كما أفادني زائر من الكويت، وأنا أنصح عبدالرحمن أن يرجع إلى الله وأن يتوب ويأخذ كتابه ويدرس عند الشيخ ابن باز أو الشيخ ابن عثيمين أو الشيخ عبدالمحسن العباد، وأنا أتحدى عبدالرحمن عبدالخالق أن يأتي بطالب واحد قد أصبح مؤلفا مبرزا وقد رأيت رده على الشيخ ربيع فيكاد الشخص أن يضحك من ركبته، كرد أهل صعدة علي، فعبدالرحمن يقول: أنت قلت ياشيخ ربيع كذا، وأهل صعدة يقولون: أنت قلت يامقبل، فأقول في نفسي: أي والله لقد قلت هذا، وأحمد الله على هذا. فهو رد على الشيخ ربيع برد هزيل منهزم نفسيا، فجزى الله أخانا ربيعا خيرا.
السؤال76: ما حكم التنظيم السري؟
الجواب: التنظيم السري إذا كان الشخص يحتاج إليه كأن يكون بين أعداء الإسلام أو أن الحكومة تريد البطش به؛ فلا بأس به، بشرط ألا يكون التنظيم مخالفا للكتاب والسنة، فإذا خالف الكتاب والسنة فهو يعتبر طاغوتا.
أما أن يكون عندنا مثل الإخوان المفلسين، أو أصحاب جمعية الحكمة، فيكون عند أصحاب جمعية الحكمة اجتماع فيقولون: أنت يافلان تأتي من هذا الشارع، وأنت يافلان تأتي من ذاك الشارع، وهذا يأتي من هنا وآخر من هناك، ولا تتركوا السيارات عند البيت. فهذه تنظيمات عقيمة عقيمة، وأقول: ماذا يحتاجون من السرية وجرائدهم تمدح الحكومة وكذلك أشرطتهم، فليست إلا وسوسة شيطانية، لصرفهم عن الكتاب والسنة.
والحكومة تاركة المجال للدعوة، وكذلك لمن أراد أن يتوظف، فما سريتهم هذه إلا نكبة على الدعوات، والحكومة إذا عرفت دعوة سرية تحاول أن تقف على حقيقتها.
ففي ذات مرة كنا في مأرب، ودخلنا نتحدث مع شيخ، وقليل حياء من الجواسيس ما شعرنا به إلا وهو واقف أمامنا، فيظن الظان أنه من أهل البيت، وهم يظنون أنه منا، ولكني كنت قد عرفته فقلت له: اخرج.
وحصل منه موقف آخر هذا الشخص نفسه، فقد جاءني زائرون من أبي ظبي، ثم صعدنا إلى البيت للغداء، فما شعرنا إلا وذلك الشخص داخل، وبعد أن تغدى قلت له: إياك إياك أن تدخل بدون استئذان، ثم طردناه وهو مهين.
فالحكومة تحرص كل الحرص على معرفة هذه الأعمال السرية، وما يدريهم أن رئيس الجلسة ربما يكون جاسوسا.
ودعوة أهل السنة من فضل الله بارك الله فيها، فدعوتهم في كتبهم وأشرطتهم، والحكومة تتحملهم لأنها تعلم أنهم لا ينافسونها على كراسيها، فالكراسي عندهم لا تساوي بعرة، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾(17).
فعلى أهل السنة أن يشعروا المسئولين بأنهم لا ينافسونهم على كراسيهم، بل يرون العلم أرفع من الكراسي، وأنهم ليسوا راضين عن وضعهم بل وينكرونه، لكنهم يسألون الله أن يصلحهم، وأن يردهم إلى الحق ردا جميلا.
السؤال77: هل الإخوان المسلمون يدخلون تحت مسمى الفرقة الناجية، والطائفة المنصورة، أهل السنة والجماعة منهجا وأفرادا أم لا؟
الجواب: أما المنهج فمنهج مبتدع من تأسيسه ومن أول أمره، فالمؤسس كان يطوف بالقبور وهو حسن البنا، ويدعو إلى التقريب بين السنة والشيعة، ويحتفل بالموالد، فالمنهج من أول أمره منهج مبتدع ضال.
أما الأفراد فلا نستطيع أن نجري عليهم حكما عاما، فمن كان يعرف أفكار حسن البنا المبتدع ثم يمشي بعدها فهو ضال، ومن كان لا يعرف هذا ودخل معهم باسم أنه ينصر الإسلام والمسلمين ولا يعرف حقيقة أمرهم فلسنا نحكم عليه بشيء، لكننا نعتبره مخطئا ويجب عليه أن يعيد النظر حتى لا يضيع عمره بعد الأناشيد والتمثيليات، وانتهاز الفرص لجمع الأموال.
السؤال78: ما هو ردكم على من يقول: بأنكم تمدحون علماء الزيدية، وعلى من ينسبكم إليهم؟
الجواب: أقول: على المدعي البينة، وعلى المنكر اليمين، وأقول كما يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين﴾(18).
والذي يقول هذا الكلام يذهب إلى صعدة ويقول: أنا من أتباع مقبل، فأنا أخشى عليه من الضرب، وقد أتوا إلى دماج يريدون الفتك بنا. ثم بعد ذلك نسمع هذه الترهات التي لا تنقطع. ولكن كتابنا «رياض الجنة في الرد على أعداء السنة» وكتاب «إرشاد ذوي الفطن لإبعاد غلاة الروافض من اليمن» تبين ضلالهم، وكذلك ردهم علي في مجلد بعنوان «تحرير الأفكار»، هذا الرد الميت، ولم يبق إلا أن يقولوا بل قد قالوا: إننا عملاء لأمريكا، وعملاء للسعودية، وستتضح الحقيقة وقد اتضحت بإذن الله لكثير من الناس والفضل في هذا لله عز وجل. ولنا شريط كذلك بعنوان «المذهب الزيدي مبني على الهيام».
السؤال79: هل هناك فرق بين منهج المتقدمين والمتأخرين في تصحيح الأحاديث وتضعيفها مع التفصيل إن كان هناك تفصيل؟
الجواب: نعم يوجد فرق، فالمتقدمون أحدهم يعرف المحدث وما روى عن شيخه وما روى عنه طلبته ويحفظون كتاب فلان، فإذا حدث بحديث يقولون: هذا ليس من حديث فلان.
وأنا أعجب من شدة انتقادهم ومعرفتهم، ففي ترجمة عبدالله بن دينار في «الضعفاء» للعقيلي، ذكر العقيلي كم روى واحد من الأئمة عن عبدالله بن دينار، مثل شعبة، ومالك، وسفيان بن عيينة، وسفيان الثوري، وكذا الاختلاف بين الإمام أحمد، وعلي بن المديني في شأن أيهما أعلم مالك أم سفيان بن عيينة بالزهري، فالإمام أحمد يقول: روى ابن عيينة كذا وكذا من الأحاديث ووهم في كذا وكذا، ويقول: روى مالك أحاديث أكثر من ابن عيينة، وأوهامه أقل من ابن عيينة.
فهم لا يماثهم أحد، والمعاصرون لا يعدو أحدهم أن يكون باحثا أما كتب «العلل» فالمعاصرون لا يتحرون في هذا، وكذلك زيادة الثقة، والشاذ، فربما يغتر أحدهم بظاهر السند ويحكم على الحديث بظاهر السند، وقد سبقه المتقدمون وحكموا عليه بأنه حديث معل.
فينبغي أن تعرض كتب المتأخرين على كتب «العلل» حتى تعرف أخطاؤهم فإن لهم أخطاء كثيرة بالنسبة إلى العلماء المتقدمين، ولا يقال: كم ترك الأول للآخر، في علم الحديث.
أروني شخصا يحفظ مثل ما يحفظ البخاري، أو أحمد بن حنبل، أو تكون له معرفة بعلم الرجال مثل يحيى بن معين، أو له معرفة بالعلل مثل علي بن المديني، والدارقطني، بل مثل معشار الواحد من هؤلاء، ففرق كبير بين المتقدمين والمتأخرين.
السؤال80: هل كتب المصطلح كـ«مقدمة ابن الصلاح» و«تدريب الراوي» و«توضيح الأفكار» على أصول وقواعد الفقهاء والمتكلمين أم على أصول وقواعد المحدثين المتقدمين؟
الجواب: غالبها على قواعد وأصول المحدثين المتقدمين، وقد دخلها دخيل من كتب الفقهاء، من الأمثلة على هذا تقسيم الحديث إلى متواتر وآحاد، فهذا من كتب الفقهاء والفقه، أخذوه عن إبراهيم بن علية، وعبدالرحمن بن كيسان ابن الأصم وهما مبتدعان.
و«توضيح الأفكار» فالأخذ به أكثر من كتب الفقهاء وأصول الفقه، وهكذا «فتح المغيث»، وأما «تدريب الراوي» فكتاب طيب سهل جدا، وكذلك «مقدمة ابن الصلاح».
السؤال81: ما رأيكم فيمن يقول: بأن الزيادة من الثقة التي لا تخالف المزيد أي التي تفسر وتوضح وتبين المزيد مقبولة مطلقا؟
الجواب: زيادة الثقة للعلماء فيها تفاصيل، فمنهم من قبلها مطلقا، ومنهم من ردها مطلقا، ومنهم من قال: إذا اتحد المجلس فلا تقبل، وإذا اختلف المجلس تقبل، ومنهم من قال كالإمام البخاري، وأحمد بن حنبل وأمثالهما: إن زيادة الثقة تقبل إذا لم يخالفه من هو أرجح منه، على أن زيادة الثقة ليس للعلماء فيها قاعدة مطردة، فرب زيادة يقبلونها، وزيادة مماثلة لها يردونها، لأنهم كما قلنا قبل يعرفون أن هذا الحديث من حديث فلان فزاده شخص، وهم يعرفون أنه حفظ عن ذلك الشيخ فيقبلونها وربما يزيدها أناس وهم يعرفون أن هذا ليس في كتاب الشيخ فيردونها.
وأما قول القائل: إنه يشترط أن تكون منافية، فلا، بل مجرد الزيادة تعتبر منافية، فمثل حديث: «إذا قرأ فأنصتوا»، ليس فيه منافاة لحديث أبي موسى في صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ومع هذا فقد انتقده الدارقطني والحفاظ بأن هذه الزيادة شذ بها سليمان بن طرخان التيمي، وأنكروها عليه فهو يعتبر شاذا فيها.
السؤال82: راو لم يوثقه معتبر وروى عن جمع من الثقات، فهل تحسنون حديثه أم لا؟
الجواب: إن كان في «الصحيحين» نقبل حديثه، وإن كان خارج «الصحيحين» نتوقف فيه، إلا إذا كان مشهورا بالطلب، فهي كافية.
السؤال83: ما هي نصيحتكم لأهل السنة السلفيين في إندونيسيا وجزاكم الله خيرا؟
الجواب: الذي أنصحهم به أن يقبلوا على علم الكتاب والسنة، وأن يستفيدوا من أخينا الفاضل جعفر حفظه الله الذي نفع الله به في مدة يسيرة، فعليهم بالتعاون معه والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان﴾(19).
والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا»، متفق عليه من حديث أبي موسى.
ويقول أيضا كما في «الصحيحين» من حديث النعمان بن بشير: «مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
فعليهم أن يحرصوا ويتزودوا من العلم، وإذا قال لهم الصوفية: أنتم تحرمون الذكر؟ فأنصحهم أن يلقوا خطبة في فضل ذكر الله عز وجل، أو قال الصوفية: أنتم تحرمون الصلاة على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فأنصحهم أن يقولوا خطبة في فضل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من الأحاديث الصحيحة.
وهكذا القضايا الأخرى فإنهم بادئون والبادئ سيتعب، ولكنني أنصحهم بالصبر فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون﴾(20)، ويقول: ﴿وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون﴾(21).
وأنصحهم بالصبر والتأني والرفق فإن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه»، وكما يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم﴾(22).
وعليهم أن يشعروا الناس أنهم يدعونهم من أجل مصلحتهم، لا من أجل أن يكونوا رؤساء عليهم، ولا من أجل أن يأخذوا أموالهم، ولا من أجل أن يكثر أتباعهم، لكن من أجل أداء واجب أوجبه الله تعالى عليهم وعلى طلبة العلم.
كما أنصحهم بالإقبال إقبالا كليا على طلب العلم، والاستفادة من الكتب مثل «رياض الصالحين» و«فتح المجيد شرح كتاب التوحيد»، و«اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان»، وقبل هذا كله حفظ القرآن، ثم يأخذ من اللغة العربية ما تستقيم به الألسن، فإن القرآن عربي وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عربية، ثم لا يشتغلون بهذه الشهادات والدراسات في المدارس، بل يهتمون بتحصيل العلم: ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾(23).
أما العلم الدنيوي فإن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا * ذلك مبلغهم من العلم﴾(24)، ويقول أيضا: ﴿يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون﴾(25).
فليحرصوا على تحصيل العلم النافع، وحفظ ما استطاعوا من كتاب الله، وعلى التبليغ برفق ولين، وإن استطاعوا ألا يصطدموا مع أحد في أول الأمر فليفعلوا، وما أظنهم يستطيعون ولن يتركهم المبتدعة والمخرفون والحزبيون، فإن الحزبية من جانبها تتآمر على أهل السنة ومثلها الصوفية والشيعة، والعامة على حسب ما ألفوه.
فالسني يعتبر نفسه غريبا يصدق عليه قول رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «بدأ الإسلام غريبا، وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء».
أسأل الله العظيم أن يوفقنا لما يحب ويرضى، ونسأله سبحانه وتعالى أن يدفع عنا وعنهم كل سوء ومكروه، وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
والحمد لله رب العالمين
_______________________
(1) تم تسجيله في 30 شوال 1416ه.
(2) سورة القرقان، الآية: 74.
(3) سورة المائدة، الآية: 3.
(4) سورة ص، الآية: 69.
(5) سورة المائدة، الآية: 1.
(6) سورة النساء، الآية: 164.
(7) سورة الأعراف، الآية: 143.
(8) سورة الزخرف، الآية: 3.
(9) وفي نشراته وكتبه ما يدل على عداوته لأهل السنة.
(10) سورة المائدة، الآية: 8.
(11) سورة الأنعام، الآية: 152.
(12) سورة النساء، الآية: 135.
(13) سورة آل عمران، الآية: 103.
(14) سورة الأنعام، الآية: 159.
(15) سورة التوبة، الآية: 24.
(16) سورة الرعد، الآية: 11.
(17) سورة المجادلة، الآية: 11.
(18) سورة البقرة، الآية: 111.
(19) سورة المائدة، الآية: 2.
(20) سورة آل عمران، الآية: 200.
(21) سورة السجدة، الآية: 24.
(22) سورة التوبة، الآية: 128.
(23) سورة المجادلة، الآية: 11.
(24) سورة النجم، الآية: 29.
(25) سورة الروم، الآية: 7.
فهرس الكتاب |
|
|