مع عبدالرحمن عبدالخالق(1)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.. أما بعد:

فهذه أسئلة موجهة من الشباب السلفي في الكويت، وقبل أن نشرع في الأسئلة نود أن نبلغ الشيخ وطلبة العلم أن الشباب في الكويت يقرءونكم السلام، ويتمنون أن يقوموا بزيارتكم، ولكن الظروف حالت دون ذلك. والله المستعان.

السؤال138: هل التكلم على الحكام من على المنابر أو الدروس العامة من منهج السلف الصالح؟

الجواب: الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. أما بعد:

فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون(2).

وثبت عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: «أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر». والعندية لا تقتضي السرية وأن يكون مع السلطان وحده.

وأما حديث: أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «من كانت لديه نصيحة لذي سلطان فلينصحه سرا». فهذا الحديث أصله في «صحيح مسلم» ولم تذكر هذه الزيادة ولفظ الحديث: «إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا» ولم تذكر هذه الزيادة، فلا بد من نظر في هذه الزيادة، فإذا كانت الذي رواها مماثلا لمن لم يزدها فهي زيادة مقبولة، أو من رواها أرجح ممن لم يزدها فهي زيادة مقبولة، أما إذا كانت زيادة مرجوحة فحينئذ تعتبر شاذة، وهذه اللفظة تعتبر شاذة.

وفرق بين أن تقوم وتنكر على المنبر أعمال الحاكم المخالفة للكتاب والسنة، وبين أن تستثير الناس على الخروج عليه، فالاستثارة لا تجوز إلا أن نرى كفرا بواحا، كما في حديث عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.

والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يأمر أبا ذر أن يقول الحق ولو كان مرا. رواه أحمد في «مسنده». كما أمره أن يسمع ويطيع وإن تأمر عليه عبد حبشي، فجمع بين الأمرين أبوذر، فيسمع ويطيع لعثمان -رضي الله عنه-.

فإذا رأينا كفرا بواحا فهل يجب الخروج أم لا؟ يجب النظر في أحوال المسلمين هل لديهم القدرة على مواجهة الكفر البواح أم أنهم سيقدمون أنفسهم أضحية؟ وهل عندهم استغناء ذاتي أم سيمدون أيديهم لأمريكا وغيرها من الحكومات تتركهم حتى تسفك دماؤهم ثم ينصبون لهم علمانيا بدل العلماني الأول أو شيوعيا بدل العلماني أو نصرانيا بدلا عن المسلم، فلا بد أن يكون هناك استغناء ذاتي.

ثم بعد ذلك هل أعدوا ما تحتاج إليه الحرب من قوات، ولا يشترط أن تكون مماثلة لقوات العدو فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم(3).

وهل أعدوا ما تحتاج إليه الحرب من أطباء ومستشفيات أم ربما يتركون الشخص ينتهي دمه من الجرح، وكذلك ما تحتاج إليه الحرب من تغذية، فالناس ليسوا مستعدين أن يصبروا كما صبر صحابة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على الاستضعاف وعلى الخروج من الأوطان، وعلى المرض وعلى الفقر عند أن خرج الصحابة وهاجروا إلى المدينة، فالناس الآن محتاجون إلى أن يدربوا أنفسهم على ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم.

فعلم الفرق بين أن يقول الشخص كلمة الحق، وبين أن يستثير الناس على الخروج على الحاكم والحق أن الحكام هم الذين لوثوا أنفسهم:

من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام

يقول الله عز وجل: ﴿ومن يهن الله فما له من مكرم(4).

ويقول الشاعر:

ومن دعا الناس إلى ذمه ذموه بالحق وبالباطل

فننصح الحكام أن يرجعوا إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يصدقوا مع شعوبهم، وأنا أكره أن أختلف أنا وبعض أصحابي من أجل الحاكم، ولسنا عنده إلا مثل الذباب فليس لنا عنده قيمة.

ونصيحتي للشباب الكويتي أن يشغلوا أنفسهم بالعلم النافع، وبالدعوة إلى الله، وأن يتركوا هذه الوساوس، وهذه الأفكار الخاطئة، فما نصر الإسلام بالثورات والانقلابات.

السؤال139: ماذا يقصد بمنهج الموازنة بين الحسنات والسيئات ومن أول من قام به وما الهدف منه؟

الجواب: القوم يعرفون أنهم مجروحون فهم يريدون أن يستروا على أنفسهم، وأقول: المبتدع الضال لا تذكر حسناته ولا كرامة، وهكذا الكافر. أما المحب للخير ولكنه أخطأ في بعض الأشياء فلا بأس أن تذكر بعض حسناته مثل أبان بن أبي عياش إذ قال بعض معاصريه: إنه إذا حدث أتى بأمر عظيم. وله من الفضل والعبادة، فسئل بعض معاصريه فقال: اذكر ما فيه من الخير، وحذر عنه أن يقبل حديثه.

فمسألة الموازنة بين الحسنات والسيئات لا نقبلها مطلقا ولا نردها مطلقا، لكن حزبي يدعو إلى الحزبية وينفق الأموال الطائلة من أجل الحزبية فلا نذكر حسناته ولا كرامة. وآخر يدعو إلى الديمقراطية ومعناها الشعب يحكم نفسه بنفسه، والله عز وجل يقول: ﴿إن الحكم إلا لله(5). ويقول: ﴿أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون(6). ويقول أيضا: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون(7). ويقول أيضا: ﴿أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله(8).

وقد قلنا إنه ينبغي أن يقال لعبدالرحمن عبدالخالق: (سلفطي)، فالسين واللام سلفية، والطاء والياء ديمقراطية.

فمثل عبدالرحمن عبدالخالق إذا بقي على الحال التي هو عليها ينبغي أن يذكر بالجرح ولا يذكر بالتعديل، وعند أن كان في مدينة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان مستقيما وكذلك في بدء أمره في الكويت.

فالقوم مجروحون، فجمعية إحياء التراث مجروحة فإنها فرقت بين الدعاة إلى الله، وجمعيه الحكمة مجروحة، وجمعية الإحسان مجروحة، وكذلك الإخوان المفلسون. وأول من دعا إلى هذا المنهج هم الحزبيون من سرورية وإخوان مفلسين وأصحاب جمعية الحكمة، وأصحاب جمعية الإحسان.

السؤال140: من من علماء السعودية تنصحون بالأخذ عنهم وحبذا لو ذكرت لنا بعض الأسماء؟

الجواب: أما الذين أنصح بالأخذ عنهم والذين أعرفهم فهو الشيخ: عبدالعزيز بن باز حفظه الله، والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين حفظه الله، والشيخ ربيع بن هادي حفظه الله، والشيخ عبدالمحسن العباد حفظه الله، والشيخ صالح الفوزان حفظه الله مذكور بالخير وإن كنت لا أعرفه، ويمكن أن يستنصح الشيخ ابن باز لأنه أعلم وأنا بعيد عهد بتلك البلاد.

السؤال141: إذا اتفقت مجموعة من الشباب على عمل دعوي في المنطقة فهل يجب أن يكون عليهم مسئولا تجب طاعته؟

الجواب: لا بأس أن يجعلوا لهم مسئولا ولا يسمى أميرا، لأن الأمير لا يكون إلا في السفر، إلا إذا كان أمير المؤمنين الذي هو إمام المسلمين أو من أمره إمام المسلمين، أما أن يجعلوه أميرا فلا، وإذا كان مسئولا عن عمل ففي حدود مسئوليته، وإذا خالف الكتاب والسنة فالله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله(9). ويقول: ﴿فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر(10).

لكن إذا وجد شخص أمين وأودع مال الدعوة عنده، أو وجد معلم بصير وصار مسئولا عن التعليم وهكذا شخص له خبرة وبصر في الدعوة إلى الله فلا بأس. ولا يسمى أميرا لكن هو مسئول في حدود مسئوليته لكن إذا أتى بشيء يخالف الكتاب والسنة فلا سمع له ولا طاعة.

أما ما يفعله الحزبيون أصحاب الخلايا السرية فكل خمسة ولهم أمير لا يعرفون إلا أنفسهم، ولا يعرفون الآخرين من أصحاب تلك الدعوة، وهكذا إلى أن ينتهي إلى الأمير المجهول، مثل صاحب السرداب سرداب الرافضة الذي قال فيه بعض أهل السنة:

ما آن للسراب أن يلد الذي                    
                    كلفتموه بجهلكم ما آنا
فعلى عقولكم العفا فإنكم                    
                    ثلثتم العنقاء والغيلانا

والحذر الحذر من التقليد فهم يحسنون ظنهم بالشخص ثم بعد ذلك القول ما قال الشيخ، لا بل القول قال الله وقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول الله عز وجل: ﴿اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون(11).

فقد أودى ببعضهم إلى التقليد الأعمى وإلى الدفاع عن البدع كما يفعل بعض الإخوان المسلمين، فهم يدافعون عن المبتدع حسن البنا الذي كان يطوف على القبر، والذي كان يقوم للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في المولد، والذي يدعو إلى التقريب بين الشيعة وأهل السنة، وهذا موجود في كتب الإخوان المفلسين.

وإذا قلت لهم: هذا أمر لا يجيزه الشرع، أجاب قائلهم: قد قال الشيخ وقال الأستاذ، وقال قائلهم أيضا:

إن للإخوان صرحا                    
                    كل ما فيه حسن
لا تسل عمن بناه                    
                    إنه البنا حسن

فالديمقراطية عندهم حسنة، والانتخابات كذلك حسنة، والحزبية، والتقريب بين السنة والشيعة، والسكرتير النصراني. ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر(12).

السؤال142: تكملة للسؤال المتقدم: إذا قامت مجموعة من هذه المجموعة بالاجتماع سرا لإدارة وتنظيم هذه الدعوة مع العلم أنهم من السلفيين فما حكم؟

الجواب: التنظيم الذي لا يخالف الكتاب والسنة لا بد منه، أما الذي يخالف الكتاب والسنة موضوع تحت الأقدام، لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي».

السؤال143: ماذا تعرف عن عبدالرحمن عبدالخالق هل هو سلفي منذ نشأته أم هو من الإخوان المسلمين؟

الجواب: عبدالرحمن عبدالخالق كان في المدينة وكنت في معهد الحرم وكنا نسمع عنه خيرا، وعند أن خرجوا وكسروا الصور التي بجوار الحرم، ثم انتقل إلى الكويت ونفع الله به في الكويت وأقام دعوة سلفية في حدود علمه، يشكر على هذا، والتف عليه الشباب الكويتي وانتفعوا به، وكان مستور الحال، حتى إنه في ذات مرة أخبرنا الشيخ الألباني حفظه الله ونحن في المدينة قال: أثير في اجتماع لهم في الجامعة أن أصحاب سلفية الكويت يكفرون الأئمة الأربعة، أو يبدعونهم، فقال الشيخ الألباني: أنا أعرف عبدالرحمن عبدالخالق وهو من طلبتنا وأنا أنكر هذا، وعلي أن أحضره وليقابله من يدعي أنه يكفر أو يبدع الأئمة الأربعة.

وبعد أن قامت دعوة المدينة وانتفع بها الناس وصار في بعض الليالي قدر مائة وخمسين من الكويت يزورون إخوانهم بالمدينة ويستفيدون منهم في ليلة أو ليلتين، فكأنه دخله الحسد فرأى أن يشوه سمعة دعوة أصحاب المدينة وأن يستثير الحكومة عليهم فتارة يقول: إنهم خوارج، وأخرى يقول: إنهم مخالفون للعلماء كالشيخ ابن باز، والشيخ السبيل، والشيخ ابن حميد.

ثم بعد ذلك ذهب إليه بعض الإخوة وسمعوا له محاضرة وقال: إنه لا يجوز ولا ينبغي أن ندعو إلى إغلاق مصنع خمر حتى نهيئ للعاملين عملا يعملون فيه وإلا فمن أين يأكلون؟ فذهب إليه أخ يقال له علي جعفان وقال له: ياشيخ اتق الله فالخمر منكر يجب تغييره قال: نعم هو منكر يجب تغييره، فقال: أنت قلت كذا وكذا. قال: أخطأت. قال: فاعترف واعتذر أمام الناس. قال: إنها ستنتزع ثقتهم بي فلا يثقون بي بعد ذلك.

ثم زاره بعد ذلك إخوان وأنكروا عليه التلفزيون والصور، فقامت قيامته وكتب كتابا صغيرا حقيرا بعنوان «الولاء والبراء» وأود من كل أخ أن يقرأ هذا الكتاب لينظر أي تدهور وصل إليه، ثم بعد ذلك كأنه تأثر بدعوة الإخوان المسلمين في مسألة التنظيم والانتخابات والحزبية والديمقراطية، فانتكس عبدالرحمن عبدالخالق ﴿واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث(13).

ثم بعد ذلك صار يرمي إخوة أفاضل من الإخوة الكويتيين مثل الأخ عبداللطيف الدرباس ومجموعة بأنهم جهيمانية، وهم ليسوا جهيمانية، بل هم متمسكون بالكتاب والسنة.

ثم توسع في مسألة الصور، وخرج بثورة على المنكرين، وانتقد أهل العلم الأفاضل أنهم لا يعرفون شيئا عن الواقع.

أما أكبر كبيرة حصلت منه فهي تفرقته بين أهل السنة والدعاة إلى الله فقد غرهم بدينار لا بأفكاره، يركض من الكويت إلى إندونيسيا إلى مصر إلى الإمارات، وأنا أقول: إنه من الخطأ أن تسلم الأموال لجمعية إحياء التراث لأنهم يستغلونها لتفرقة كلمة أهل السنة ففرق بين أهل السنة في جدة وفي السودان(14).

وعندنا في اليمن مجموعة من الغثاء غرهم بديناره لا بأفكاره، ونبشر الشباب السلفي الكويتي أن جمعية إحياء التراث تنفق الأموال الباهظة على هؤلاء الممسوخين في اليمن ومع هذا فدعوتهم ميتة ليس لها أثر. فعندنا فضائح في اليمن، فعبدالقادر الشيباني ومحمد بن عبدالجليل جاء الكويتيون وسلموهم الأموال ثم أصبحا يتهاتران عليها ويتناتران، وقد زارني أخ اسمه محمد، كان مهيئا لتحرير مجلة «الفرقان» الكويتية فقال: ما قد لطمنا في بلدة مثل ما لطمنا في اليمن؛ فهم يأكلون من الحزب حتى تنتهي أمواله ثم ينتقلون إلى حزب آخر حتى يفقروه وهكذا، فهؤلاء الذين عندنا سيأكلون جمعية إحياء التراث حتى ينهوا ما معها، ثم ينتقلون إلى حزب آخر.

فنصيحتي لعبدالرحمن عبدالخالق أن يذهب ويتعلم ويأخذ كتابا ويجلس في حلقه الشيخ ابن عثيمين -ذلك الشيخ الذي يقولون عنه: إنه لا يعرف شيئا عن الواقع- أو الشيخ ابن باز -والذين يقولون أيضا أنه لا يعرف شيئا عن الواقع- فيأخذ كتابا ويتواضع لله عز وجل ويتعلم، وقد قلت لبعض الإخوة الكويتيين: إن دعوتكم منذ زمن بعيد ونحن بالمدينة ما أنتجت طالب علم واحدا، قال: هذا صحيح -وهو من جمعية إحياء التراث- وقال: لما رأينا الأمر كذلك أصبحنا نزج بشبابنا في جامعات السعودية.

وأنصح الشباب الكويتي أن يتخلوا عن عبدالرحمن عبدالخالق وأن يبتعدوا عنه ﴿ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * ياويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا(15).

فهل عبدالرحمن عبدالخالق أعلم أم أحمد بن حنبل؟، وهل عبدالرحمن عبدالخالق أتقى لله أم أحمد بن حنبل!! فلو كنا مقلدين لقلدنا أحمد بن حنبل -رحمه الله-، ولكننا نرى التقليد حراما، والشباب الكويتي سيبقى في عمى ما داموا متابعين لعبدالرحمن عبدالخالق.

عبدالرحمن عبدالخالق الذي نشرت مجلة «الفرقان» عنه أنه يقول قبل الهجوم على الكويت: صدام مؤمن. فلما صدمهم انقلب من مؤمن إلى كافر، وأما نحن فنحن بحمد الله نكفره من قبل ومن بعد.

فالذي يتكلم بالعاطفة وليس متثبتا من العلم فلا بد أن يكون هكذا. وقد يقول قائل: إن الشيخ ابن باز كتب لعبدالرحمن عبدالخالق وتراجع عبدالرحمن عبدالخالق، فأقول: هذا الذي تراجع فيه ليس بشيء بالنسبة إلى تفرقة كلمة أهل السنة فقد فرق هذا المدبر بين أهل السنة وأخشى أن يكون مدسوسا على الدعوة، فلا يظن ظان أن الذي تراجع فيه عبدالرحمن عبدالخالق هو كل ما أنكر عليه، بل ليس بربع العشر، والسبب في هذا أنه ما تضلع من العلم.

فرد أخينا ربيع بن هادي ما أحسنه جزاه الله خيرا فقد بين ما هو عليه، وأقول: أنه إذا قرأه منصف من الشباب الكويتي فإنه سيتبرأ إلى الله من عبدالرحمن عبدالخالق، ومن جمعية إحياء التراث التي تدعم عبدالرحمن عبدالخالق، وإلا فمن هو عبدالرحمن عبدالخالق!، ليس بشيء فإن الدينار هو الذي جعله شيئا ويتصور في الجريدة، ويتحرك تلك التحركات فهو الدينار الكويتي وليس بعبدالرحمن عبدالخالق، وأنا أسأل عبدالرحمن عبدالخالق أين أجدر بك -لو كنت مصلحا- وأحوج إليك بلدك مصر أم الكويت؟ ففي مصر قبر السيد البدوي وقبر الحسين كما يزعمون، فلو كنت تريد الدعوة عن صدق لرجعت إلى بلدك وأقمت مركزا للدعوة هنالك في حدود ما تعلم، وتتعلم وتتزود من العلم.

السؤال144: أليس لكم نية في الرد على عبدالرحمن عبدالخالق في كتاب مطبوع؟

الجواب: لا، ليس لي نية لأن كلامه هراء لا يساوي شيئا، وأما مجلة «الفرقان» المجلة الشحاذة عندنا باليمن والتي كتب فيها الكذاب السفيه عمار ابن ناشر، ليس لي عزم على الرد عليه، بل نرد على أهل العلم، مثل الأربعة الأحاديث التي انتقدها علي رضا في كتاب «أحاديث معلة» فرددت عليه في كتيب صغير بحمد الله، فنحن نرد على طلبة العلم. أما أصحاب الهراء فلا:

لو كل كلب عوى ألقمته جحرا كان الحصى كل مثقال بدينار

وكما قال الآخر:

أو كلما طن الذباب زجرته إن الذباب إذن علي كريم

فهذه مجلة تصدر بالدينار الكويتي، وقد كان الناس يحبون عبدالرحمن عبدالخالق وينتفعون بكتبه، والآن لم يبق إلا أصحاب المادة مثل محمد المهدي، والذين يتبعونه من السودانيين يسمون بالمصلحيين، فخاب وخسر الذي يبيع الدعوة بالدينار الكويتي ﴿ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين(16)، وخاب وخسر من باع الدعوة ببناء مسجد فلا بد من أن نبين عوارهم وما هم عليه من مخالفة الكتاب والسنة.

وأنا أرى أنه لا يستحق الرد وبحمد الله فقد قام الشيخ ربيع حفظه الله بما أوجبه الله عليه فيشكر على هذا.

السؤال145: هل عبدالرحمن عبدالخالق مبتدع؟

الجواب: نعم مبتدع، مادام يدعو إلى الحزبية، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا(17).

وإذا كان من أهل العلم من يقول: أن المتعصب للمذاهب الأربعة أو لواحد منها يعد مبتدعا كما ذكره الصنعاني في «إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد» فالتعصب لهذه الحزبيات الساقطة تعتبر بدعة، وكذلك محاربته لإخوانه أهل السنة وتنقصه لهم، واعترافه بالديمقراطية، والذي ينكر على أهل السنة أنهم لا يقولون بالعمل الجماعي، فهو صاحب هوس، وإلا فمن الذي ينكر العمل الجماعي ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان(18).

والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا».

لكن في حدود الكتاب والسنة، وليس كما يقال: أمرنا الأمير أن نحلق لحانا فنحن نحلقها. والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «احفوا الشوارب وأعفوا اللحى».

أو أمرنا الأمير أن نتصور فنتصور، وغيرها من المحرمات، وإنني أحمد الله على الخير الذي حققه على يدي الدعاة إلى السنة من أهل السنة في اليمن، اخرجوا إلى إخوانكم الذين تزودونهم بالدنانير تجدوهم أمواتا غير أحياء وما يشعرون متى يسقطون، فهم يتوقعون السقوط، بخلاف دعوة أهل السنة فإنها كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها(19).

فالحمد لله دعوة أهل السنة منتشرة في اليمن وفي غير اليمن، وأبشركم أنها تأتيني أسئلة من بريطانيا ومن أمريكا ومن ألمانيا ومن كثير من البلاد يسألون عن عبدالرحمن عبدالخالق وعن جمعية إحياء التراث، ونحذرهم غاية التحذير من الوقوع في شباكهم ونقول لهم: استعينوا بالله وادعوا في حدود ما تستطيعون وليست المسألة بالمادة فقد صبر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على الجوع والعري والمرض. فاصبروا وادعوا في حدود ما تستطيعون ولا تبيعوا دعوتكم من فلان وفلان.

السؤال146: أيهما أشد فسادا على الأمة الإسلامية وعلى الدعوة منهج الإخوان المسلمين أم منهج اليهود والنصارى؟

الجواب: هذا أمر لا يقارن بين منهج الإخوان المسلمين واليهود والنصارى، فمنهج الإخوان المسلمين منهج مبتدع ولكن يوجد فيهم أفراد صالحون ومحبون للخير ويظنون أنهم على خير، كما أنه يوجد في جمعية إحياء التراث أفراد صالحون محبون للخير ويظنون أنهم على خير. فلا يقارن بين ذا وذاك بين من هم أشد عداوة للإسلام والمسلمين وهم يزحفون على بلادنا كل يوم وكل وقت، وهم ينشرون أو يدعون إلى النصرانية وإلى اليهودية وهم يقهرون المسلمين على الدخول في النصرانية ويستغلون فقر المسلمين في إفريقيا وفي كثير من البلاد الإسلامية.

فلا يقارن بين ذا وذاك، حسب الإخوان المسلمين أن منهجهم منهج ضلالي ومنهج مبتدع، أما أن يقارنوا بأولئك فهذا لا يكون، ولا يقارن بينهم إلا شخص أعمى البصيرة متعصب تعصبا أعمى، وبحمد الله فإننا في كتبنا نلازم العدالة: ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان(20)، ويقول: ﴿وإذا قلتم فاعدلوا(21)، ﴿ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى(22).

ونود أن الإخوان المسلمين والأخوة أصحاب جمعية إحياء التراث يتركون ما هم عليه من الحزبية(23)، فلا نقارن هؤلاء بأولئك فإن أهل السنة عندهم عدالة، لكننا ننصح كل أخ ألا يلتحق بالإخوان المسلمين ولا بجمعية إحياء التراث ولا بجمعية الحكمة أو الإحسان وقد قبل النصيحة خلق لا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وتعالى.

والحمد لله رب العالمين.

_______________________

(1) تم التسجيل في 12 شوال 1416ه.

(2) سورة آل عمران، الآية: 104.

(3) سورة الأنفال، الآية: 60.

(4) سورة الحج، الآية: 18.

(5) سورة الأنعام، الآية: 57.

(6) سورة المائدة، الآية: 50.

(7) سورة المائدة، الآية: 44.

(8) سورة الشورى، الآية: 21.

(9) سورة الشورى، الآية: 10.

(10) سورة النساء، الآية: 59.

(11) سورة الأعراف، الآية: 3.

(12) سورة آل عمران، الآية: 118.

(13) سورة الأعراف، الآية: 175-176.

(14) حتى أنهم يسمون أصحابه بالجماعة المصلحيين.

(15) سورة الفرقان، الآية: 27-29.

(16) سورة فصلت، الآية: 33.

(17) سورة آل عمران، الآية: 103.

(18) سورة المائدة، الآية: 2.

(19) سورة إبراهيم، الآية: 24-25.

(20) سورة النحل، الآية: 90.

(21) سورة الأنعام، الآية: 152.

(22) سورة المائدة، الآية: 8.

(23) ولا أدري هل قرأ أصحاب جمعية إحياء التراث رسالتي إليهم في كتاب «قمع المعاند».


تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب
  • عنوان الكتاب: تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب
  • تاريخ الإضافة: 13 رجب 1426هـ
  • الزيارات: 698400
  • التحميلات: 27718
  • تفاصيل : الطبعة الأولى -دار الآثار صنعاء
  • تنزيل: اضغط هنا للتنزيل  zip

فهرس الكتاب

تفريع الفهرس | ضم الفهرس

تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب